- حيوانات ناطقة، بين تحكيم العقل ومبالغة الادعاءات
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> عجائب الأحياء
ومن ذلك ما أشارت إليه العديد من المقالات الصحفية في الديلي ميل والتلغراف وغيرها عن مـا وصل إليه النازيون في مجال تعليم الكلاب للغة البشر، إذ يكشف كتاب "كلاب مذهلة Amazing Dogs" عن أن هتلر دعم إحدى المدارس الألمانية التي عنيت بتعليم الكلام لكلاب الماستيف Mastiffs ذات العضلات الكبيرة. فيما يبدو فإن النازيين حاولوا تطوير سلالة من الكلاب "السوبر" القادرة على التواصل مع سادتها. حتى أن قطعة من مجلة قديمة عُثر عليها مكتوب فيها عن كلب أنه سـُـئـِـل: "من أدولف هتلر؟" فأجاب "الفوهرر الخاص بي" أي ما يعني "قائدي".
صحيح أن هتلر عـُرف بحبه للكلاب وبامتلاكه لاثنين منها، وأن النازييين أخذوا على محمل الجد مسألة تعليم كلب في فنلندا على أداء التحية النازية لدرجة إطلاق حملة لإيجاد صاحب الكلب وقتله، إلا أن أياً من ذلك لا يثبت الروايات حول استخدام الضباط النازيين لكلاب استطاعت أن تحاكي الكلام البشري.
لا توجد دلائل كافية حول قدرات الكلاب التي دربت بالضغط بمخالبها على لوحة ما بحيث يعبر عدد ضغطات معينة عن كل حرف من الأبجدية. إلا أن الادعاءات أشارت إلى أن تلك الكلاب استطاعت التكهن باللغات الأجنبية، وبالشعر والدين. حتى أن الكلاب ذات "الحس الوطني" منها طلب انضمامها إلى الجيش لمحاربة الفرنسيين!!
بعيداً عن مثل هذه الأمثلة التاريخية التي يصعب التأكد من مدى دقتها، توجد في يومنا هذا حالات قد يقتنع بها البعض ويؤمن بها كأمثلة حية للحيوانات القادرة على محاكاة كلام البشر. في الواقع، تلجأ بعض الحيوانات الأليفة إلى إصدار أصوات تبدو كما لو كانت كلمات. ويعج اليوتيوب بمقاطع عن ذلك وضعنا روابط لبعضها في آخر المقال.
تخيل معي كلباً يركض نحوك صارخاً "I Love You" ... الأمر مثير أليس كذلك .. في الواقع حصل ذلك لكنه كان أشبه بـ "Ahh rooo uuuu" بدلاً من "أحبك". دفعت رؤية أحد علماء النفس وخبير الكلاب في جامعة كولومبيا البريطانية لكلب أحد أصدقائه الذي كان يلقي التحية بقول "hello" إلى التساؤل حول حقيقة قدرة الكلاب على الكلام. حتى العام 1912، أثبتت التجربة أن الجواب هو "لا" بشكل قاطع لا يقبل الجدل وإن أي إنتاج لأصوات من قبل الكلاب ما هو إلا وهم يحصل في أذن السامع دون أن يتنافى ذلك مع قدرة بعض الحيوانات على التقليد الذكي للبشر.
لم يستطع أحد تغيير هذه الحقيقة ولعل من الأفضل أن يقال عن الحيوانات بأنها تقلّد بدلاً من القول أنها تتحدث أو تنطق. الكلاب تتحدث إلى بعضها لنقل مشاعرها من خلال نغمات خاصة لذلك فهي متكيفةٌ بطبيعتها أصلاً مع النغمات الصوتية المختلفة مما قد يمكنها من محاكاة البشر لقدرتها على التقاط الاختلافات في أنماط النغمات.
للبابون (أحد القرود) قدرة مشابهة على فعل ذلك خصوصاً قدرته على محاكاة الأحرف الصوتية والإيقاعات المختلفة كما تتمتع القطط بامتلاكها لمهارة تقليد بعض الأصوات المنتقاة.
ما قد يثير اللغط في كثير من محاولات تعليم الحيوان للغة البشر؛ هو سماع المدرب للحيوان وهو يطلق صوتاً يشابه عبارةً ما في اللغة المحكية مما يجعله يرددها أمام الحيوان الذي يعيدها أيضاً بدوره بعد معاملتها أو تحسينها ومع معرفتنا بامتلاك الحيوان لقدرات صوتية محدودة، فإننا نلجأ إلى قولبة ما نسمعه منها بالإنصات بانتباه انتقائي لما تقوله بالإضافة إلى مكافأتها لحملها على فعل المزيد، مما يفضي في النهاية إلى جعلنا نعتقد بأن حيواننا الأليف بات يتكلم. الحيوانات أصلاً غير قادرة على استعمال شفاهها وألسنتها بشكل جيد مما يجعل من الصعب أن تتأقلم مع إخراج الأصوات البشرية.
إذاً فقد يقول لك كلب ما أنه يحبك لكنه لا يعي أبداً ما يقول ... حتى أن البعض يعتقدون بأن الكلب لو استطاع الكلام لقال لك أنه يفعل أي شيء يفعله بغرض الحصول على البسكويت فقط ولا محبة في الموضوع.
لا ينفي ما ذكرناه قدرة الحيوانات على التأقلم والتعلم خلال عيشها مع بني البشر فهي تتتبع إشارات الأشخاص وأوضاع أجسامهم وتـَوَجـُّه أبصارهم ولمساتهم كما قد تتذكر عدد هائلاً من الكلمات بواسطة التتبع السريع أو التعلم الإقصائي*.
على الرغم من اعترافنا بالمهارات الاستثنائية لقرود البونوبو، الشمبانزي والغوريلا في استخدام لغة الإشارة بالإضافة لقدرة الببغاوات على التمييز بين الأشياء وتكرار كلام البشر، إلا أن الانقياد وراء أي لفظ مشابه يصدر عن حيوان –بغير قصد ربما- وتبنيه على أنه نطق وكلام قد يعكس تأثير عواطفنا وشغفنا في تحقيق ما نصبوا إليه أكثر مما يعكس الحقائق المثبتة.
في ختام سلسلتنا نقدم لكم بعض الأمثلة على حيوانات توصف بـ "الناطقة" ونترك الحكم لكم:
الفيل الناطق كوزيك:
هنا
القط السيبيري المتحدث:
هنا
الفقمة هووفر ... اضغط على Click here to listen to an audio of hoover الموجودة في الرابط لتستمع إلى صوتها:
هنا
الطائر آب تشان الذي يتحدث اليابانية بطلاقة:
هنا
للتوضيح:
(*) التعلم الإقصائي: القدرة على تمييز ومعرفة شيء غير مألوف بين مجموعة أشياء مألوفة بإقصائها لتحديد العنصر الغريب وهي مهارة يتمتع بها أطفال البشر لكنها وجدت في بعض الكلاب والقرود أيضاً.
المصادر:
هنا
هنا
هنا