تعهّد البرلمان النرويجي في السادس والعشرين من شهر أيّار (مايو) للعام الحالي، بأنّ سياسة المشتريات العامّة للحكومة ستكون خاليةً تماماً من إزالة الغابات*، إذ تُعتبَرُ النرويج المُمَوِّلَ الرئيسي لمشاريع الحفاظِ على الغابات عالميّاً كما أنّها تدعمُ برامجَ حقوقِ الإنسان الخاصّة بمجتمعات الغابات. قامت مؤسسة الغابات المطيرة النرويجية بحملةٍ لسنوات عديدة، لضمان التزام الحكومة النرويجية في تطبيق مبدأ "الصفر في إزالة الغابات"، وأصدرت بياناً تقول فيه: "أنّ النرويج هي أول دولة في العالم تلتزم بعدم إزالة الغابات في تأمين المواد والخدمات العامّة". وتعهّدت اللجنة الدائمة للبرلمان النرويجي للطاقة والبيئة بالوصاية على خطة عمل الحكومة للتنوُّع الطبيعي من خلال الطلب من الحكومة النرويجية بأن تقومَ بفرض ضمانات على المشتريات العامّة للتأكُّد من عدم مساهمتها في عمليات إزالة الغابات "Deforestation" وهذا يعني أنّ البرلمان لن يمنح عقوداً حكوميّة لأيّة شركة تقوم بقطع وتدمير الغابات.
كما طلبت أيضاً من الحكومة عنْوَنَةَ الاحتياج لحماية التنوّع الحيوي من خلال الاستثمارات التي تُقام من قبل إدارة الاستثمار في البنك المركزي النرويجي وتطوير سياسةٍ منفصلةٍ لحماية التنوّع الحيوي علماً أنّ البنك هو المسؤول عن تنظيم معاشات وتقاعدات الحكومة النرويجية.
ليس ذلك فقط فعلى صعيد التعاونات الخارجية، تتعاون النرويج مع بعض الدول لترسيخ مبدأ الصفر في إزالة للغابات، إذ قامت بتقديم بيانٍ مشتركٍ مع ألمانيا والمملكة المتحدة في قمة الأمم المتحدة للمناخ في أيلول (سبتمبر) من عام 2014 ينصّ على نيّة الدول الثلاث في تعزيز الالتزامات الوطنيّة التي تشجّع على سلاسلِ توريدٍ خاليةٍ من عمليّات إزالة الغابات، بما تتضمّنه سياسات المشتريات والصفقات العامّة وصولاً إلى سلع المصادر المستدامة مثل زيت النخيل وفول الصويا ولحوم البقر وأخيراً الأخشاب، حيث وجدت دراسةٌ قامت في كانون الأول (ديسمبر) العام الفائت، أنّ إنتاج هذه السلع بين عامَي 2000 و 2011 في سبع دولٍ ذات معدّلٍ مرتفعٍ في إزالة الغابات (الأرجنتين وبوليفيا والأورغواي والبرازيل وإندونيسيا وماليزيا وبابوا غينيا الجديدة) تسبّبَ بإزالة 40 % من الغابات الاستوائيّة و44 % من الانبعاثات الكربونيّة المرتبطة بها.
إنّ توجُّه النرويج نحو "صفر إزالة للغابات" لتطوّرٌ مهمٌ في جهود حماية الغابات الاستوائية، وقد تمخــّـضَ على مرّ السنوات القليلة الماضية عن التزام العديد من الشركات بوقْف شراء البضائع التي ترتبط بإزالة الغابات، في الوقت الذي لا تزال فيه حكومات باقي الدول مفتقرةً لأيّ التزاماتٍ مشابهة. إذاً فمن الإيجابي جداً سير النرويج الآن على هذا المنوال. أخيراً، من الجدير ذكره أن صندوق الثروة المركزي النرويجي** "Sovereign wealth fund" الأكبر في العالم، كان قد خفَّض نشاط 11 شركة لاتّصالها بحوادث إزالة الغابات، بينها 6 شركات تصنِّع زيت النخيل و4 شركات للورق وواحدة للفحم، وما تقومُ به النرويج هو بلا شكٍّ خطوةٌ أساسيّة بالاتجاه الصحيح، ليس على مستواها كدولة بل على مستوى العالم.

هامش المصطلحات:
(*) إزالة الغابات "Deforestation": إزالة الأشجار من الغابات وتطهيرها من أجل إتاحة الأراضي لاستخدامات أخرى خاصةً الزراعة. هنا
(**) صندوق الثروة الرئيسي النرويجي Sovereign" wealth fund": هو الصندوق الذي ينظم ويدير فائض الثروة الناتج عن الاستثمارات، وهو أيضًا مجموعة الأموال التي تقتسم من احتياطات الدولة وتستغل للاستثمارات بما يعود بالنفع على اقتصاد الدولة ومواطنيها. هنا

المصادر:
1- Climate action programme (UNEP).2016. Norway’s £500bn sovereign wealth fund drops deforestation firms.10 March {accessed 6 June 2016} هنا
2- Climate action programme (UNEP).2016 Norway commits to zero deforestation.27 May {accessed 6 June 2016} هنا