كارثة تشيرنوبل - أثرها على المحاصيل والمنتجات الغذائية
الغذاء والتغذية >>>> منوعات غذائية
في الأشهر الأولى بعد وقوع الحادث سيطر النشاط الإشعاعي على النباتات المزروعة وعلى الحيوانات التي تستهلك هذه النباتات من خلال الرواسب السطحية للعناصر المشعة، واعتُبرَ ترسب اليود المشع الأكثر خطراً، لكنّ المشكلة اقتصرت على أول شهرين بعد الحادث وذلك بسبب التحلل السريع للعناصر المشعة الأكثر أهمية.
تم امتصاص اليود المشع بسرعةٍ وبنسبٍ مرتفعة من قبل الحليب، مما أدى إلى حصول الأشخاص الذين يشربون الحليب على جرعاتٍ مرتفعةٍ من اليود المشع وبالتالي حدوث اضطراباتٍ في عمل الغدة الدرقية، خصوصاً الأطفال في بيلاروسيا وروسيا وأوكرانيا.
كما أن الخضار والفواكه والحيوانات الموجودة في الغابات استوعبت تراكيزاً من العناصر المشعة أكثر من تلك المزروعة فب الأراضي الزراعية بفعل التصفية الذي تقوم به الأشجار في الغابة مما أدى إلى ارتفاع التراكيز فيها، وبالتالي فإن الأشخاص الذين اعتمدوا على الحيوانات البرية والتوت والفطر زادت تراكيز العناصر المشعة في أجسامهم إلى مستوياتٍ خطيرة.
بعد انتهاء المرحلة الأولى من الامتصاص المباشر، ارتفع خطر امتصاص العناصر المشعة من قبل جذور النباتات عن طريق التربة. وكانت النظائر المشعة للسيزيوم (Caesium (137Cs , 134Cs من العناصر التي خلقت أكبر المشاكل، وحتى بعد تحلل النظير (134Cs) (عمر النصف له 2.1 سنة) قبل منتصف عام 1990 كانت مستويات النظير النشط الآخر (137Cs) في المنتجات الزراعية في المناطق المتضررة بشدةٍ لا تزال تتطلب معالجةً بيئية.
صحيحٌ أن نظائر (90Sr) قد تكون سبباً للمشاكل في المناطق القريبة من المفاعل، ولكن على مسافاتٍ أبعد كانت مستويات ترسبها منخفضة جداً. كما أن العناصر المشعة الأخرى مثل نظائر البلوتونيوم Plutonium ونظائر (241Am) لم تسبب مشاكل حقيقيةٍ في مجال الزراعة، إما بسبب وجودها قي مستويات ترسبٍ منخفضةٍ أو أنها كانت متاحةُ بشكلٍ ضعيفٍ لامتصاصها من قبل الجذور من التربة.
بشكلٍ عام كان هنالك انخفاضٌ كبيرٌ في نقل العناصر المشعة إلى النباتات والحيوانات في أنظمة الزراعة المكثفة في السنوات القليلة الأولى بعد الترسيب، وهذا أمرٌ متوقعٌ ويعود إلى تأثير العوامل الجوية والتحلل الفيزيائي وهجرة العناصر المشعة إلى أسفل التربة بالإضافة إلى تخفيض التوافر الحيوي في التربة. وقد لوحظ في العقد الماضي تراجعٌ واضحٌ ولكن بنسبةٍ قليلةٍ حوالي 3-7 % سنوياً.
إن المحتوى الإشعاعي في المواد الغذائية لم يتأثر بمستويات ترسب العناصر المشعة فقط، بل وبأنواع الأنظمة البيئية والممارسات الإدارية أيضاً، حيث تحدث مشاكلٌ مستمرةٌ في المناطق المتضررة في النظم الزراعية واسعة النطاق وذلك في الترب ذات المحتوى العضوي المرتفع والحيوانات التي ترعى في المراعي غير المحسنة التي لا يتم حرثها أو تخصيبها، وهذا ما أثر بشكلٍ خاصٍ على سكان الريف في الاتحاد السوفييتي السابق الذين يُعتَبَرون مزارعي المواد التموينية بالإضافة للأبقار المملوكة لجهاتٍ خاصة.
على المدى الطويل بقي النظير (137Cs) -المتواجد في الحليب واللحوم، وبمستوى أقل في الأغذية النباتية والمحاصيل- المساهم الأكثر أهميةً في الجرعات الداخلية للإنسان من العناصر المشعة. هذا وقد أدى التناقص البطيء جداً لتركيز نشاط النظير (137Cs) خلال العقد الماضي في الأغذية النباتية والحيوانية، إلى استمرار مساهمته في الجرعات الداخلية لعقودٍ قادمة. أما تأثير العناصر المشعة الأخرى ذات العمر الطويل مثل (90Sr) ونظائر البلوتونيوم و (241Am) يبقى ضئيلاً من حيث مساهمته في الجرعة البشرية.
تم تطبيق معظم التدابير المتخذة للسيطرة على تلوث المنتجات الزراعية بمستوياتٍ مختلفة الكفاءة، ومع ذلك فإن مناطقاً واسعةً من الأراضي الزراعية في الاتحاد السوفييتي سابقاً لا تزال خارج الاستخدام، ومن المتوقع أن تبقى كذلك لفترةٍ طويلة. وعلى الرغم من استمرار الأنشطة الزراعية ورعاية الحيوانات في مساحةٍ أكبر من ذلك بكثير، إلا أن منتجات الأغذية تخضع لضوابط صارمةٍ وقيوداً على التوزيع والاستهلاك.
المصادر:
1. هنا
2. هنا
3. هنا