المدرسة البنائيّة في العلاقات الدَّوْليّة - الجزء الأول مدخل إلى المدرسة البنائيّة
الفلسفة وعلم الاجتماع >>>> الفلسفة السياسية
وبشكلٍ مبسَّط، فإنّ أتْباعَ البنائيةِ يعتقدون أنّ الهُوِيّةَ والأفكارَ والمصلحة: مفاهيمُ لا يمكنُ الحديثُ عن أحدِها دونَ الآخَر.(1)
بدايةً، تجدُرُ الإشارةُ إلى أنّ البنائيةَ مقترَبٌ، أكثرَ من كونِها نظرية. فهي مُقترَبٌ؛ لأنها مدخلٌ فكريٌّ يقدِّمُ منهجًا لدراسةِ العلاقاتِ الدَّوْليّةِ بمنظورٍ سوسْيولوجيّ؛ إذْ إنّها مُقترَبٌ لمْ يدخل مَيْدانَ العلاقاتِ الدَّوْليّةِ حتى ثمانينيّاتِ القرنِ العشرين، لكنْ قبلَ ذلك، كانت البنائيةُ اتّجاهًا أبسْتمولوجيًّا فلسفيًّا، محورُ اهتمامِه -كما ورد في الإنكلوبيديا: «كيف تتشكّلُ المعاني لدى البشرِ في سياقِ العلاقةِ التفاعليةِ بينَ خبراتِهم وأفكارِهم». وهي مُقترَبٌ يجعلُ مِن الممكنِ للباحثِ في العلاقاتِ الدَّوْليّةِ وضعُ أسسٍ نظريةٍ لظواهرِ السياسةِ الدَّوْليّة، وتمكِّنُه من التنبُّؤِ دونَ أن تتنبَّأَ بذاتِها بظواهرَ عامة.
مفاهيمُ البنائيةِ الأساس:
إنّ المفهومَين الرئيسَين اللذَيْن تقومُ عليهما البنائيةُ في العلاقاتِ الدَّوْليّةِ هما: (البنْيةُ - structure)، و(الفاعلُ - agent)، إضافةً إلى التفاعلِ الدائمِ بينهما -بطبيعةِ الحال- دونَ أن تفوقَ أهميةُ أحدِهما أهميةَ الآخر، فكلاهما -أي البنْيةُ والفاعل- على الدرجةِ ذاتِها من الأهمية. فالبنْية: هي المؤسساتُ والمعاني (القيمُ والأفكارُ والهُوِيّاتُ) المشتركةُ، التي تشكّلُ معًا سياقَ الفعلِ الدَّوْليّ، والفاعلون: هم الوَحْداتُ التي تتفاعلُ مع بعضِها ومعَ البِنَى الاجتماعيةِ ضمنَ هذا السياق، فتؤثِّرُ وتتأثَّرُ بها.
بهذا نكونُ قد حدَّدْنا المفاهيمَ السوسْيولوجية التي تقومُ عليها البنائيةُ في تحقيقِ العلاقاتِ الدَّوْليّة. وسنتعرَّضُ في الجزءِ الثاني إلى المرتكَزاتِ التي تبني عليها البنائيةُ اقترابَها لفَهْمِ السياسةِ الدَّوْليّة، بالإضافةِ إلى كيفيةِ تطبيقِ التحليلِ البِنائيِّ لفَهْمِ السياسةِ الدَّوْليّة.
المصدر:
(1): خالد المصري، البنائية في العلاقات الدولية، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية - المجلد 30 - العدد الثاني.