لغة برمجية للخلايا الحية!
المعلوماتية >>>> برمجيات
ابتكر مهندسو البيولوجيا في معهد (ماساشوستس) للتكنولوجيا لغةً برمجية جديدة تسمح لهم بتصميم دارات معقدة مرمزة بالـ DNA والتي تعطي وظائفَ جديدة للخلايا الحية. فهل ما يزال هنالك مجالات تستطيع دخولها أيضاً؟!
باستخدام هذه اللغة؛ يمكن لأي شخص أن يكتبَ برنامجاً ما ليفعل وظيفة معينة يريدها؛ مثل كشف شروط بيئية معينة والاستجابة لها؛ إذ يمكن توليد تسلسل DNA قادر على تحقيق هذه الوظيفة.
علّق البروفسور (كريستوفر فوجيت)؛ أستاذ الهندسة البيولوجية في المعهد: هذه اللغة هي لغة برمجية للباكتيريا حرفياً؛ إذ يمكنك أن تستخدمَ لغةً نصية كالتي تستخدمها في برمجة الحاسوب ثم تأخذ هذا النص وتحوله إلى تسلسل DNA تضعه داخل الخلية لتعمل هذه الدارة داخل الخلية.
استُخدمت هذه اللغة في في بناء دارة بإمكانها اكتشاف ثلاثة عوامل دخل والاستجابة لها بطرائق مختلفة، ويتضمن التطبيقُ المستقبليُّ لهذا النوع من البرمجة تصميمَ خلايا بكتيرية بإمكانها أن تنتجَ دواءً للسرطان عندما تكتشف وجود ورم، أو خلق خلايا الخميرة التي يمكنها وقف عملية التخمير عند تجمع المنتجات الثانوية السامة على نحوٍ كبير، ويخطط الباحثون من أجل جعل واجهة المستخدم متاحة عبر الويب.
لا حاجة لوجود الخبرة!
على مدى السنوات الخمسة عشر الأخيرة؛ صمم المهندسون وعلماء الأحياء العديدَ من الأجزاء الوراثية؛ مثل الحساسات ومفاتيح الذاكرة والساعة البيولوجية، والتي من الممكن دمجُها لتعديل وظيفةٍ ما لخلية أو إضافة وظيفة جديدة، ومع ذلك؛ كان تصميمُ كل دارة منها عمليةً شاقة تتطلب الكثير من الخبرة والعديد من التجارب وتعديل الأخطاء؛ إذ يجب على الشخص الذي سيفعل ذلك أن يمتلكَ معرفة دقيقة عن هذه الأجزاء وآلية عملها وكيف ستعمل بعضها مع بعض.
وأما بالنسبة إلى مستخدمي هذه اللغة البرمجية الجديدة؛ فإنها لا تتطلب أيّة معرفة خاصة في الهندسة الوراثية؛ إذ من الممكن أن تجهل آلية عملها تماماً، وهذا ما يجعل الأمر مميزاً؛ أي يستطيع طالب المرحلة الثانوية الوصولَ إلى مخدم ويب يمكنه كتابة البرنامج الذي يريده والحصول على تسلسل DNA اللازم لإتمام الوظيفة المطلوبة.
تستند هذه اللغة على لغة فيريلوج "Verilog"؛ وهي لغة شائعة لبرمجة رقائق الحاسوب، ولخلق نسخة قابلة للتطبيق على الخلايا من هذه اللغة؛ صمم الباحثون عناصر مثل البوابات المنطقية والحساسات، والتي من الممكن أن تشفر ضمن DNA الخلية الباكتيرية.
بإمكان الحساسات أن تكشفَ عن مركبات مختلفة؛ مثل الأوكسيجين أو الجلوكوز، إضافة إلى الضوء والحرارة والحموضة والظروف البيئية الأخرى، ويمكن إضافة حساسات خاصة بالمستخدمين من قبلهم.
يكمنُ التحدي الأكبر كما يقول الباحثون في تصميم البوابات المنطقية الـ14 المستخدَمة ضمن الدارة على نحوٍ يجعلها لا تتعارض مع بعضها عند وضعها ضمن البيئة المعقدة المحيطة بالخلية الحية.
وفي النسخة الحالية من هذه اللغة؛ حُسنّت هذه الأجزاء الوراثية لباكتيريا "E.coli"، ولكن يعمل الباحثون على توسيع هذه اللغة لتشمل سلالات أخرى من البكتيريا؛ بما في ذلك "Bacterioides"، والتي توجد عادة في أمعاء الإنسان و"Pseudomonas" التي تعيش غالباً في جذور النبات، فضلًا عن بكتريا "yeast Saccharomyces cerevisiae"، وهذا سوف يسمح للمستخدمين بكتابة برنامج واحد وترجمته ليكون موجهاً لعدة كائنات مختلفة والحصول على تسلسل DNA لكل منها.
الدارات البيولوجية:
باستخدام هذه اللغة؛ تمكن الباحثون من برمجة 60 دارة مختلفة، وقد عملت ٤٥ منها على نحوٍ صحيح منذ أول تجربة، وقد صُمّمت معظم هذه الدارات لقياس واحد أو أكثر من الشروط البيئية؛ مثل مستوى الأوكسجين أو تركيز الجلوكوز ومن ثم الاستجابة لها، وقد صمّمت دائرة أخرى لتصنيف ثلاثة مداخل مختلفة، ومن ثم الاستجابة على أساس أولوية كل واحد.
إحدى الدارات الجديدة هي أكبر دارة حيوية صُمّمت إلى الآن؛ إذ تضمنت 7 بوابات منطقية وأكثر من 12 ألف من أزواج القاعدة للـDNA.
السرعة هي إحدى فوائد هذه التقنية أيضاً؛ إذ يتطلب بناء هذا النوع من الدارات ثلاثة أعوام، ولكن بمجرد ضغط زر باستخدام هذه التقنية؛ يمكنُ الحصول على سلسلة حمض نووي لاختبارها.
ويخطّط فريق العمل من أجل إنشاء عدة تطبيقات لهذه الطريقة؛ البكتيريا التي يمكن ابتلاعها للمساعدة في هضم اللاكتوز، والبكتيريا التي يمكن أن تعيش على جذور النباتات وتنتج المبيدات الحشرية إذا شعرت أن المنطقة المحيطة تتعرض للهجوم، والخميرة التي يمكن هندستها للتوقف عندما تنتج الكثير من المنتجات الثانوية السامة في عملية التخمير.
و بهذا نجد أن البرمجة التي أصبحت جزءاً مهماً من حياتنا؛ تجاوزت ذلك لتصبح عما قريب جزءاً من الجسم البشري؟
المصدر:
هنا