أدمغة راقصي الباليه ليست كأدمغتنا !
الطب >>>> علوم عصبية وطب نفسي
لا بدّ أننا نتذكر تلك اللحظات الصعبة التي واجهت نتالي بورتمان Natalie Portman في عرض بحيرة البجع؛ بين أن تكون الأميرة أوديت (البجعة البيضاء) أو أن تكون أوديل البجعة السوداء. وكيف اجتاحت هوايتُها في الرقص كلَّ حواسّها. هل يؤثّر الرقص فعلاً في عقل الإنسان وهل يغير فيه؟ وما علاقة الرقص بالدوار وكيف يتفاعل معه؟
الدوخة (الدوار) هو عندما تحسّ بالحركة بينما أنت ثابت. وهو إحساس مؤقّت لمعظم الناس، لكنّ شخصاً من بين كل أربعة أشخاص يشعر بالدوار المزمن (لفترات طويلة) في مرحلة ما من حياته.
أحد الآليّات التي يشعر بها الشخص بالدوار تتعلق بالأذن الداخلية، حيث تحتوي هذه الأذن على سائل خاص يحافظ على توازن الجسم. عندما يتحرك الرأس فإنّ هذا السائل يتحرك معه، وعندما يقف الرأس عن الدوران يستمر السائل بالدوران قليلاً، مما يسبّب الإحساس بالدوار للحظات قليلة عن طريق شعيرات صغيرة تحت هذا السائل.
يتدرّب راقصوا الباليه باستمرار على الدوران والرقص المحوريّ بشكل سريع ومتكرر. ولتجنّب الدوار يستخدمون مناورة للتركيز تدعى "وضع العلامة Spotting" فيركّزون نظرهم في نقطة واحدة. وأثناء دورانهم يجب أن يكون الرأس آخر جزء يتحرك في الجسم وأوّل جزء يتوقّف.
في دراسة جديدة، أراد الباحثون في لندن أن يختبروا مناطق الإحساس بالدوران وقياس الفرق فيها بين الراقصات وغيرهنّ. لذا قاموا بجمع 29 راقصة باليه و20 سبّاحة، من العمر نفسه ودرجة اللياقة البدنية ذاتها. قاموا بتجربة الدوران على الجميع (حيث قاموا بتدويرهم على كراسي مخصّصة) وطلبوا منهم إخبارهم عن إحساسهم باستمرار الدوران بعد إيقاف الكرسي ومدى سرعته ومدّته. كما جرى فحص منعكسات في العين تتفعّل بالدوران، وقاموا بأخذ صور رنين مغناطيسي MRI لجميع المشاركين.
وجاءت النتائج مذهلة، فقد كان إحساس الراقصات باستمرار الدوران أقصر منه عند السبّاحات. وكلّما كانت الراقصة أقدم في عملها، كان ذلك الإحساس يقصر أكثر. كما أظهرت صور الرنين المغناطيسي اختلافات مميزة بين الأدمغة في الفريقين، خاصة في مناطق قشرة المخّ المسؤولة عن استقبال إحساس الدوار من الأذن الداخلية، والمناطق المسؤولة في المخيخ. وكان ذلك الاختلاف الدماغي مميّزاً للراقصات. أما بالنسبة للمنعكسات العينية التي فحصوها عند الجميع فقد بدت متّفقة مع إحساس السبّاحات بالدوار، في حين لم تلاحظ هذه الصلة بين المنعكسات العينية والإحساس بالدوار عند الراقصات.
يقول الدكتور بيري سيمنغال Barry Seemungal أنّ إحساس الدوار عند الراقصات قد تم تثبيطه عبر سنوات من التمرين، إذ تضعف الإشارات التي ترسلها الأذن الداخلية إلى قشرة المخّ، ممّا يمنحهنّ مقاومة للدوار. ويضيف الدكتور بيري أنّه إذا أصبح بإمكاننا استهداف المناطق الدماغية أو مراقبتها على الأقل، فيمكننا عن طريق ذلك فهم وتحسين معالجة المصابين بالدوار المزمن.
المصدر: هنا
مصدر الصورة: هنا