داءُ بهجت تعريفُه وأسبابُهُ وأحدثُ الطرقِ المتبعةِ لعِلاجِهِ
الطب >>>> موسوعة الأمراض الشائعة
تعريفُ داءِ بهجت أو ما يسمى (Behcet’s disease):
أولُ مَنْ عَرَفَ داءَ بهجت ووصفَهُ هو الدكتور (Hulusi Behcet) أو خلوصي بهجت التركي الجنسيةِ اختصاصيُ الأمراضِ الجلديةِ وذلك في العام السابع والثلاثين وتسعِمئةٍ بعد الألف ، حيث اعتُبر أن التهابَ الأوعيةِ المزمنِ هو المسؤولُ عن أعراضِ هذا المرضِ من قُرْحاتٍ أو قِلاعاتٍ فمويةٍ وتناسليةٍ مما دعانا لتسميته بالقلاعِ ثنائيِ القطبِ بالإضافةِ لالتهاباتٍ في أماكنَ مختلفةِ من الجسم.
ينتشرُ داءُ بهجت في الشرقِ الأوسطِ وآسيا واليابان وبلدانِ البحرِ المتوسطِ مثل تركيا التي تَملِكُ أعلى معدلِ إصابةٍ (80-370 حالة من كلِ مِئةِ ألف ) وإيران ، ويُعتبرُ نادراً في الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ ، ويُعرفُ أنَّ هذا المرضَ يُصيبُ الرجالَ بشكلٍ أكبرَ من النساءِ في الشرقِ الأوسط وآسيا بينما لُوحِظَ العكسُ في أميركا ، كما تُعتبرُ إصابةُ الجهازِ العصبيِ المركزي أكثرَ شيوعاً في أوروبا الشمالية والولاياتِ الأميركيةِ ويتصفُ المرضُ بعدمِ انحيازِه إلى عِرْقٍ مُعين.
يمكنُ لداءِ بهجت أَنْ يصيبَ المريضَ في أيِّ عُمْرٍ ولكنّ مِنَ الشائِعِ أن تكونَ أولُ تظاهرةٍ في العِقْدين الثالثِ والرابعِ ويندرُ أن تبدأَ بعدَ العِقْدِ السادسِ.
ما هي أسبابُ داءِ بهجت ؟
إنَّ السبَبَ الرئيسيَ لَهُ ما زالَ غيرَ معروفٍ بشكلٍ كاملٍ ولكنَّ مُعظَمَ تظاهراتِ المرضِ تُعزى لآليةٍ التهابيةٍ في أوعيةِ الجسمِ ويُمكنُ تصنيفُهُ بينَ أمراضِ المناعةِ الذاتيةِ . . ولكنْ
ما أمراضُ المناعةِ الذاتية ؟
عادةً عندما يدخُلُ جسمٌ غريبٌ إلى الجسمِ يقومُ جهازُ المناعةِ بالقضاءِ عليه وحمايَةِ الجسمِ ولكنّ اضطرابَ هذا الجهازِ في أمراضِ المناعةِ الذاتيةِ يدفعُهُ إلى مُهَاجَمَةِ الجسمِ بِحدِّ ذاتِهِ وفي داءِ بهجت يُهاجمُ جهازُ المناعةِ أوعيةَ الجسمِ نَفْسِهِ.
كما يُعتقدُ أَنَّ لبعضِ الجيناتِ وللعواملِ البيئيةِ دوراً في الإصابَةِ بداءِ بهجت.
ما أعراضُ داء بهجت ؟
تتنوعُ أعراضُ هذا المرضِ مِن فردٍ لآخرَ فالبعضُ تَقْتَصِرُ الإصابَةُ لديهِ على القُرْحاتِ الفمويةِ والتناسليةِ ، والبعضُ يعاني من أعراضٍ أشدِّ مثلَ التهابِ السحايا أو فقدانِ البصرِ أو السكتاتِ الدماغيةِ.
كما يمكنُ للأعراضِ الشديدةِ أنْ تظهرَ بعدَ أشهرٍ وسنواتٍ من بَدْءِ أولِ تَظَاهُرَةٍ ويُمكنُ أنْ تستمِرَّ وقتاً طويلاً أو أنْ تتناوبَ بينَ الظهورِ والاختفاءِ.
ويُواجهُ الأطباءُ مشكلةً في تشخيصِ داءِ بهجت لأنَّ أعراضَهُ لا تَظهرُ مُجتمعةً ، كما يُمكنُ للعديدِ من الأمراضِ أن تُقلدَهُ في بعضِ علاماتهِ.
أكثرُ أعراضِ هذا المرض ِ شيوعاً هيَ القرحاتُ الفمويةُ والقرحاتُ التناسليةُ والإصاباتُ الجلديةُ والالتهاباتُ العينيةُ والمشاكلُ المفصليةُ والتي لا بدَّ من استيضاحِها :
القرحاتُ الفمويةُ أو ما يُسمى بالقلاع: تُصيبُ تقريباً كلَّ مرضَى داءِ بهجت و تعتبرُ مِنَ الأعراضِ الباكرةِ لهذَا المرضِ وتُعْرَفُ بِأنَّها قرحاتٌ مؤلمةٌ بيضويةٌ أو دائريةُ الشكلِ ذاتِ حوافٍ حمراءَ تُصيبُ الغشاءَ المخاطيَ الفمويَ مما يسببُ للمريضِ آلاماً عند تناولِ الطعامِ وتُشفى هذه القرحاتُ خلالَ أيامٍ أو أسابيعَ محدودةٍ أو أنَّها تستمرُلفترةٍ أطولَ ولا تميلُ لتشكيلِ الندباتِ إنْ لم تكنْ عميقةً وكبيرةً، ومنَ الشائعِ أنْ تُعاوِدَ الظهورَ مجدداً بعد شفائِها.
القرحاتُ التناسليةُ : تصيبُ أكثرَ مِن نِصفِ مَرضَى بَهجت وتظهرُ بشكلٍ خاصٍ على الصفن وحشفةِ القضيبِ عندَ الرجالِ وعلى الشفرين عندَ النساءِ، وهي قرحاتٌ مؤلمةٌ أيضاً وتميلُ لأن تكونَ أكبرُ وأعمقُ من نظيرتِها الفمويةِ وبالتالي لديها قابليةٌ أكبرُ للتندبِ.
الإصاباتُ الجلديةُ : هي أيضاً أعراضٌ شائعةٌ في داءِ بَهجت حيثُ تظهرُ عادةً على الساقِ وتميلُ لأن تظهرَ على أماكنِ الجروحِ والخدوشِ الجلديةِ أحياناً، تظهرُ لدى بعضِ المريضاتِ عُقيداتٌ حماميةٌ حمراءُ التهابيةٌ على الوجهِ الأماميِ للساقِ ، تختفي عادةً بعد فترةٍ معينةٍ وقد تتركُ نُدَباً أو تَصَبُّغاتٍ. وقد يظهرُ لدى البعضِ طَفْحٌ عدي الشكلِ والتهاباتٌ كاذبةٌ في الأجْرِبَةِ الشعريةِ.
يُجرى عادةً ما يُسمَى باختبارِ البثرةِ عندِ كلِ مريضٍ يُشَكُ لديهِ بِداء بهجت حيثُ يقومُ الطبيبُ بوخزِ الجلدِ بإبرةٍ صغيرةٍ ويَرَى النتيجةَ بَعدَ يومٍ أو يومين ، حيثُ تظهرُ فقاعةٌ مكانَ الوخزِ عندَ مرضَى بهجت ولكنَّ نصفَ المرضى فقط في اليابانِ والشرقِ الأوسط يكونُ لديهم اختبارُ البثرةِ إيجابياً وتنخفضُ هذه النسبةُ بشكلٍ كبيرٍ عند الأميركيين ولكنّ إيجابيةَ هذا الاختبارِ تَزيدُ احتماليةَ تشخيصِ المرض.
المشاكلُ العينيةُ : يسببُ داءُ بهجت عندَ أكثرِ من نِصفِ المرضى التهاباتٍ تَحْدُثُ على مستوى الأجزاءِ المتوسطةِ والخلفيةِ من العينِ أي عنبةِ العينِ بما فيها القزحية، ويُشاهَدُ هذا العَرَضُ عندَ الرجالِ أكثرَ منَ النساءِ ويحدثُ عادةً خلالَ سنتينِ منْ بَدْءِ الأعراضِ و يتوجَّبُ على المريضِ أن يُرَاجِعَ طبيبَهُ فورَ مُلاحَظةِ الإصابةِ لما له مِن تأثيراتٍ خطيرةٍ كفقدانِ البصرِ بشكلٍ تامٍ أو جزئِي عندَ التهابِ العينِ بشكلٍ متكررٍ.
إنَّ إصابةَ القُزَحِيةِ يُسبِبُ الألمَ والدُّماعَ ، بينما يسببُ التهابُ الشبكيةِ تشوشَ الرؤيةِ والخوفَ من الضياءِ (حساسيةً مفرطةً تجاهَ الضوءِ) والتهاباتٍ في الطبقةِ الغشائيةِ الحاويةِ على الأوعيةِ الدمويةِ خلف الشبكية ( التهابِ المشيميةِ والشبكيةِ).
يُمكِنُ أن تَكونَ التَظاهراتُ العينيةُ أولَ أعراضِ المرضِ وقد تَحدُثُ بَعدَ سنواتٍ من بَدْءِ الإصابةِ.
التهاباتُ المفاصلِ :
تُشاهَدُ اعتلالاتُ المفاصِلِ عندَ أكثرِ منْ نصفِ مَرضى داءِ بهجت وتتجلى في الألم الذي يَتراوحُ بينَ المتوسطِ والشديدِ معَ التورمِ و تيبسِ المفاصلِ خَاصَّةً في الرُكبةِ والكاحلِ والمعصمِ والمرفقِ ، تستمرُ هذهِ التظاهراتُ عِدةَ أسابيعَ وقد تكونُ مزمنةً ولكنها لا تُخَلِّفُ أذيةً أو تخريباً دائماً للمفاصلِ.
بالإضافةِ لما ذُكرَ من أعراضٍ رئيسةٍ لداءِ بهجت قد نُلاحظُ مشاكلَ على مستوى أوعيةِ الجسمِ والتهاباتٍ في الجملةِ العصبيةِ المركزيةِ أو في الجهازِ الهضمي . . لنناقشْها سويةً:
الجهازُ الوعائيُ:
يتسببُ داءُ بهجت عندَ بعضِ المَرضى بظهورِ خَثَراتٍ في الأوردةِ نتيجةَ الالتهابِ خاصةً على مستوى الساقِ مما يُسببُ الألمَ ، التورمَ والاحمرارَ في منطقةِ الوعاءِ المصابِ، وقد يُعاني آخرون مِنْ أذيةٍ على مستوى الشرايين كأمهاتِ الدمِ (والتي تُعتَبَرُ انتفاخاً يشبِهُ البالون على مستوى جِدارِ الشرْيان) وفي بعضِ الحالاتِ النادرةِ تهاجرُ الخَثَراتُ التي تشكلتْ في الأوردةِ إلى الرئتين مسببةً صُمَّةً رئويةً تتظاهرُ في ألمِ الصدرِ والسُّعالِ وصُعوبةِ التنفسِ وأحياناً نفثِ الدمِ.
تُعتَبرُ إصابةُ أوعيةِ الكِلْيةِ والأعصابِ المحيطةِ نادرةً في داءِ بهجت.
الجُملةُ العصبيةُ المركزية:
يُصيبُ داءُ بهجت الجهازَ العصبيَ المركزيَ الذي يَشْملُ الدماغَ والنِّخاعَ الشوكيَ عندَ خُمْسِ أو رُبعِ المرضى في الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ ، حيثُ يحدُثُ ما يُسمى التهابُ السحايا والدماغِ (السحايا هي الأغشيةُ الرقيقةُ التي تغطي الدماغَ والنِّخاعَ) مما يؤدي إلى ارتفاعِ الحرارةِ ،الصداعِ ،صلابةِ النُقْرَةِ وصُعوبةٍ في تناسقِ الحركاتِ الإراديةِ، وقد تتطورُ الإصابةُ إلى سكْتاتٍ دماغيةٍ أو اختلاجاتٍ في حالِ عدمِ المعالجةِ لذا منَ الضروريِ الإسراعُ إلى الطبيبِ عندَ بَدْءِ التظاهراتِ العصبيةِ والتي تُشاهَدُ بعدَ أشهرٍ أو سنواتٍ من بدايةِ المرضِ.
الجهازُ الهضميُ :
يُعاني مرضى بهجت نادراً من التهاباتٍ وقرحاتٍ على مستوى السبيلِ الهضميِ مشابهةً للقرحاتِ الفمويةِ والتناسليةِ مما يؤدي إلى الشعورِ بآلامٍ بطنيةٍ وإسهالٍ مع نزفٍ أحياناً بسببِ ظهورِ الإصابةِ على مستوى الأمعاءِ الغليظةِ والمستقيمِ وعندها تتشابهُ هذه الأعراضُ مع أمراضٍ أخرى مثلَ داءِ كرون أو التهابِ الكولونِ القُرَحِيّ.
تُعدُ التهاباتُ الأوعيةِ وإصابةُ الجهازِ العصبيِ المركزيِ والعينِ الأعراضَ الأكثرَ خطورةً لداءِ بهجت والتي تَستدعي تدخلاً عاجلاً من قِبَلِ الطبيبِ.
كيفَ يُشخَّصُ داءُ بهجت؟
نظراً لعدمِ ظهورِ الأعراضِ مجتمعةً ونظراً لتشابُهِهَا معَ الكثيرِ منَ الأمراضِ الأخرى بالإضافةِ لعدمِ وجودِ اختبارٍ نوعي يُؤكُّد الإصابةَ بِدَاءِ بهجت يُواجِهُ الأطباءُ صعوبةً كبيرةً في تشخيصِ المرضِ ، فقد ذكرنا سابقاً أنَّ بعضَ أعراضِهِ قد تأخُذُ أشهراً أو سنواتٍ حتى تظهر، مما يؤخرُ التشخيصَ ويدفعُ المريضَ إلى زيارةِ العديدِ من الأطباءِ باختصاصاتٍ مختلفةٍ.
ولكنْ رَغْمَ تلكَ الصعوباتِ لدينا أعراضٌ مفتاحيةٌ لتشخيصِ داءِ بهجت . . ألا وهي:
1-ظهورُ قُرْحاتٍ فَمَويةٍ ثلاثُ مراتٍ على الأقلِ خلالَ سَنَةٍ.
2- وجودُ اثنين من التظاهراتِ التالية : قرحاتٍ تناسليةٍ متكررةٍ ، التهاباتٍ عينيةٍ مع فقدانِ الرؤيةِ ، إصاباتٍ جلديةٍ وصفية ، أو إيجابيةِ اختبارِ البَثْرة.
ولكنْ تبقى هذه المعاييرُ أكاديميةً أيْ تستخدمُ في الأبحاثِ والدراساتِ السريريةِ وقد لا تكونُ معاييرَ تشخيصيةً حقيقيةً ، ولا بُدَّ للطبيبِ أنْ يَأخُذَ بِعينِ الاعتبارِ تشابُهَ أعراضِ داءِ بهجت مَعَ أعراضِ أمراضٍ أخرَى مثلَ داءِ كرون ،التهابِ الكولون القُرْحي والتهاباتِ المفاصلِ الارتكاسيةِ ، ولا بُدَّ أيضاً للمريضِ من زيارةِ طبيبِ أمراضٍ عينيةٍ لتحديدِ وجودِ اختلاطاتِ المرضِ على مستوى العين ومراقبةِ ظهورها ، واختصاصي أمراضٍ جلديةٍ لأخذِ خزعاتِ من أغشيةِ الفم ، المنطقةِ التناسليةِ أو الآفاتِ الجلديةِ لوضعِ التشخيصِ وتفريقِ داءِ بهجت عنِ الأمراضِ الأخرى.
ما علاجُ داءِ بهجت ؟
تَهْدُفُ معالجةُ هذا المرضِ إلى إراحةِ المريضِ ومنعِ تطورِ المضاعفاتِ الخطيرةِ والإعاقةِ الناجمةِ عن التهابِ المفاصلِ والعمى وذلك بسبب عدمِ وجودِ دواءٍ شافٍ بشكلٍ كاملٍ للمرض، كما أنّ فترةَ المعالجةِ ونوعَ الدواءِ تختلفُ بحسبِ الأعراضِ الموجودةِ لدى المريضِ وشدتِها، ونضطرُ معظمَ الأحيانِ إلى الجمعِ بين عدةِ أدويةٍ لمعالجةِ أعراضٍ محددةٍ كما أن النُكْسَ يُعتبرُ شائعاً في بهجت.
سنستعرضُ معاً أهمَّ العلاجاتِ المستخدَمَةِ في المرضِ:
الأدويةُ الموضعيةُ:
تُطَبَّقُ هذه الأدويةُ للتخفيف من الأَلَمِ وحِسِّ الانزعاجِ وهيَ عبارةٌ عن ستيروئيدات قشريةٍ تُطبَّقُ بشكلِ مراهمَ أو جيل مباشرةً على القُلاعاتِ الفمويةِ والتناسليةِ حيثُ لها تأثيرٌ مضادٌ للالتهابِ و مسكنٌ للألمِ ومن المفيدِ أيضاً تطبيقُ غسولاتٍ فمويةٍ للتخلصِ من آلامِ القلاعاتِ وقَطَرَاتٍ عينيةٍ لتخفيفِ الألمِ.
الأدويةُ الجهازيةُ:
أيضاً يَستخدمُ مرضى بهجت أدويةً عن طريقِ الفمِ تَملِكُ أثراً مُضاداً للالتهابِ و مثبِّطاً للمناعةِ ومُخففاً للأعراضِ الظاهرةِ وأهمِ هذه الأدويةِ:
الستيروئيداتُ القشريةُ:
تُستخدمُ لتخفيفِ الألمِ والسيطرةِ على الالتهابِ على مستوى كامِل الجسمِ عند المرضى الذين يعانون من آلامٍ مفصليةٍ شديدةٍ أو أعراضٍ عينيةٍ أو عصبيةٍ أو للسيطرةِ على التهاباتِ السبيلِ الهضميِ والأوعيةِ ولكنْ لا بدَّ من اتباعِ تعليماتِ الطبيبِ بِحِرْصٍ عندَ تناولِ هذه الأدويةِ وعدمِ إيقافها فَجأةً لما لها من تأثيراتٍ كبيرةٍ على إنتاجِ الهرموناتِ الستيروئيدية الطبيعيةِ في الجسمِ، وتظهَرُ الفائدةُ الكبرى للستيروئيدات الجهازيةِ في المراحلِ الباكرةِ والهجماتِ الحادةِ للمرضِ ولكنها لا تمنعُ نكسَ الأعراضِ كما أن لها تأثيراتٍ جانبيةٍ كثيرةٍ عندَ استخدامِها على المدى الطويلِ.
مثبطاتُ المناعَةِ:
الدورُ الرئيسيُ لهذه الأدويةِ هو السيطرةُ على اضطرابِ الجهازِ المناعيِّ ولجمِهِ والذي يُعتبرُ المسببَ الرئيسيَ لأعراضِ داءِ بهجت ولكنْ لها تأثيراتٌ جانبيةٌ خطيرةٌ ولا بدَ من مراجعةِ الطبيبِ بشكلٍ مستمرٍ عندَ تناولِها.
يمكنُ استخدامُ الكولشيسين colchicine في التهاباتِ المفاصلِ المترافقةِ مع داءِ بهجت، كما أنَّ متابعةَ العلاجِ بهذا الدواءِ قد تُفيدُ في منعِ نكسِ القلاعاتِ والمشاكِلِ المفصليةِ.
الأزاثيوبرين Azathioprine يستخدمُ للسيطرةِ على المشاكلِ العينيةِ في سياقِ داءِ بهجت وقدْ يُفيدُ أيضاً بالمشاركةِ مع السولفاسالزاين Sulfasalazine ومع الستيروئيدات القشرية في التهاباتِ السبيلِ الهضمي.
كما تُفيدُ مثبطاتُ المناعةِ إلى جانبِ الستيروئيدات في إصاباتِ الجملةِ العصبيةِ المركزيةِ.
تُجرى العديدُ من التجارِبِ لتطبيقِ الانترفيرون ألفا interferon-alpha وهو عبارةٌ عن بروتينٍ مقاومٍ للخمجِ بالإضافةِ إلى الأدويةِ المثبطةِ لما يسمى عَامِلَ النَخْرِ الوَرَمي TNF والتي تنتمي لعائلةِ المعالجاتِ الحيويةِ ومتوقعٌ لهذه العلاجاتِ أَنْ تُظهِرَ نتائجَ واعدةً في بهجت.
ولا ننسى دورَ الراحةِ خلالَ هَجَماتِ المرضِ ويَنْصَحُ الأطباءُ أيضاً ببعضِ النشاطاتِ كالسباحةِ والمشيِ للمحافظةِ على مرونةِ المفاصلِ وقوتِها.
سَيْرُ المَرَضِ في بهجت:
العديدُ من مرضى بهجت يستطيعون متابعةَ حياتِهم بشكلٍ شِبْهِ طبيعيٍ ويسيطرونَ على الأعراضِ بالأدويةِ والراحةِ والتمارينِ، تقاسُ فعاليةُ المعالجةِ بمدى التخفيفِ من شدةِ الهجماتِ، بينما قدْ تتطورُ الأعراضُ لدى البعضِ إلى درجةٍ أشدِّ خطورةً كفقدان الرؤية ، ولا يعتبرُ العلاجُ فعالاً لديهم، ويمكن للمضاعفاتِ الشديدةِ أن تظهرَ بعد فترةٍ طويلةٍ من بدءِ المرضِ.
أحدثُ الأبحاثِ في داءِ بهجت:
يعملُ الباحثون على اكتشافِ أسبابٍ محتملةٍ جينيةٍ أو خمجيةٍ لداءِ بهجت حيث لُوحِظَ ترابطٌ وثيقٌ بينَ المرضِ وبين جين HLA-B51 ولكن لم يُحدَدْ الدورُ الرئيسيُ لهذه الجين، ويعمل آخرون على اكتشافِ دورِ العواملِ البيئيةِ مثلَ الجراثيمِ والفيروساتِ حيث لوحظتْ أعراضُ الإصابةِ بجراثيمِ المكوراتِ العِقَديةِ التي تسببُ التهابَ البلعومِ عند بعضِ المرضى، ويمكنُ لفيروسِ الهيربس النمط 1 HSV1 أن يكونَ له دورٌ في داءِ بهجت.
إنَّ الدراساتِ التي تُجرى لتحديدِ أسبابِ المرضِ ما هيَ إلا محاولاتٌ لاكتشافِ العلاجاتِ التي قد تُفيدُ في الشفاءِ منه لذا يأملُ الباحثون بتحديدِ الأسبابِ الجينيةِ أو البيئيةِ ومعرفةِ دورها الحقيقي في داءِ بهجت وبالتالي تطبيقِ الأدويةِ المناسبةِ لها.
الخاتمة: وأخيراً نستطيعُ القولَ بأنَّ داءَ بهجت مرضٌ من الصعبِ أن نتوقعَ سيرَهُ أو خطورَتَهُ نظراً لتنوعِ أعراضِهِ من مريضٍ لآخرَ وتَأَخُرِ ظهور بعضِها ونظراً لتناوُبِهِ بينَ الهجماتِ الحادةِ والهجوعِ ، ولكنَّ العنايةَ الطبيةَ ومتابعةَ العلاجِ تجعلُ الموتَ أمراً نادراً في هذا المرضِ، وما علينا إلا أنْ نأملَ بمزيدٍ من الأبحاثِ التي قد تحددُ الآليةَ الرئيسيةَ وتزودُنا بالعلاجاتِ المفيدةِ في الشفاءِ الجذريِ وإراحةِ المرضى.
ملخصُ المقال:
داءُ بهجت هو مرضٌ مناعيٌ ذاتيٌ يصيبُ الجسمَ مُسَبِباً حَدَثيّاتٍ على مستوى أجهزةٍ مختلفةٍ ويؤدي إلى الكثيرِ منَ الأعراضِ غيرِ المترابطَةِ وتتنوعُ أعرَاضُهُ بينَ الأفرادِ وقَدْ تتطورُ إلى أعراضٍ في غايةِ الخطورةِ تُفقدُ المريضَ بصرَهُ أو تسببُ له السكتاتِ الدماغيةِ ولم يتمكنْ الباحثون من تحديدِ السببِ الرئيسي له مما دَفَعهُم إلى وضعِ الكثيرِ من النظرياتِ المسببةِ وبالتالي تَنَوَّعَتْ علاجاتُه وهَدَفتْ إلى تخفيفِ الأعراضِ أكثرَ مِن الشفاءِ الجذريِ للمرضِ.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا