الخِداج (الوِلدان ما قبل الأوان) Prematurity
الطب >>>> طب الأطفال
الولادةُ قبل تمامِ الحملِ هي الولادةُ المبكرةُ التي تحدث قبل اكتمالِ سبعةٍ وثلاثين (37) أسبوعاً حملياً (حيث يستمر الحملُ عادةً لحوالي أربعين أسبوعاً)، ويكون للطفل بذلك وقتٌ أقلُّ للنموِّ داخلَ الرحم، ولذا قد يكون للخُدَّجِ وخاصةً للمولودين بشكل مبكرٍ للغايةِ مشاكلُ صحيةٌ معقدة.
ولا يُعرف في كثير من الأحيانِ السببُ الذي يدفع النساءَ للولادةِ مبكراً، ولكنّ هنالك مجموعةً من العوامل التي تزيد من احتماليةِ حدوثِ ذلك. منها على سبيل المثالِ لا الحصرِ: عواملُ اجتماعيةٌ أو شخصيةٌ أو اقتصاديةٌ مثل صِغرِ أو كبرِ عمرِ الأمِّ (أصغرُ من 20 سنةً وأكبرُ من 30) أو بعضِ الأعراقِ أو المدخولِ الماديِّ والمستوى الاجتماعيِّ المنخفضِ، ومنها ما يتعلق بالحالاتِ الطبيةِ في فترةِ الحملِ كالإنتانِ أو الولادةِ المبكرةِ السابقةِ أو تعدّدِ الحمولِ (الحمل التوأمي) أو ارتفاعِ الضغطِ في أثناءِ الحملِ أو قِصرِ الفترةِ الفاصلةِ بين الحمولِ عن ستةِ أشهرٍ أو سوءِ التغذيةِ والمشاكلِ النسائيةِ كتشوّهاتِ الرحمِ وعيوبِ ارتكازِ المشيمةِ، ومنها ما يتعلق أيضاً بالعاداتِ كالتدخينِ وشربِ الكحولِ والمخدراتِ والشدّة.
Image: http://www.amaxx.us
تحدث الولادةُ المبكرةُ في معظم الحالاتِ بشكل غيرِ متوقعٍ ودون سببٍ واضح، ومن علامات حدوثِها:
• التقلّصاتُ البطنيةُ كلَّ عشرِ دقائق (أو بشكل أكثرَ تواتراً).
• تغيّرٌ في المفرَزاتِ المِهبليةِ (زيادةِ كميتِها أو تسرّبِ سائلٍ أو دمٍ من المهبل).
• الضغطُ الحوضيّ (الشعور بأنّ الطفلَ ينزل).
• ألمٌ ظهريٌّ منخفضٌ ومُبهَم.
• مغصٌ يشبه المُرافقَ للدورةِ الشهرية.
ويشكل منعُ الولادةِ المبكرةِ تحدياً لكثرةِ الأسبابِ المحتملةِ وتعقيدِها، إلا أنه من الممكنِ للأم أن تقومَ بمجموعةٍ من الأمور لتقليلِ خطرِ الولادةِ المبكرةِ وتحسينِ صحتِها العامةِ بتفادي الأسبابِ المذكورةِ سابقاً.
فكيف يكون إذن الوليدُ إذا ما أتى مبكراً عن موعدِه؟
إن الولادةَ المبكرةَ تعني كما أسلفنا أنه لم يتسنَّ للوليدِ الوقتُ الكافي للنموِّ نمواً كاملاً قبل أن يُضطرَّ للتعامل مع الحياةِ الخارجيةِ، ومن علاماتِ ذلك:
• صغرُ حجمِ الوليدِ مع رأسٍ كبيرٍ بالنسبةِ لجذعِه.
• ملامحُ الوجهِ أكثرُ حدةً وأقلُّ تدويراً مقارنةً مع ملامحِ الطفلِ بتمامِ الحملِ، وذلك لنقصِ مخازنِ الدهونِ لديه.
• شعرٌ ناعمٌ يشبه الوَبرَ يغطي أغلبَ جسمِه.
• انخفاضُ درجةِ حرارتِه، خاصةً بعد الولادةِ مباشرةً لنقصِ دهونِ الجسم.
• صعوبةُ التنفسِ أو شِدةٌ تنفسية.
• غيابُ منعكساتِ المصِّ والبلعِ ما يؤدي لصعوباتٍ في الإطعام.
Image: https://assets.babycenter.com
Image: http://americanpregnancy.org
وعلى الرغم من أنه ليس كلُّ الخُدّجِ سيعانون من اختلاطات، إلا أنهم قد يعانون من مشاكلَ صحيةٍ قصيرةِ أو طويلةِ الأمد.
الاختلاطاتُ قصيرةُ الأمد:
مشاكلُ تنفسيةٌ:
قد يعاني الخديجُ من صعوبةٍ في التنفسِ نتيجةً لعدم نضجِ الجهازِ التنفسي، فإذا ما افتَقدتْ رئتا الوليدِ للمادةِ الفاعلة بالسطح أو السورفاكتَنْت surfactant -وهي مادةٌ تسمح للرئتين بالتوسعِ-فإنه قد يعاني من متلازمةِ الضائقةِ التنفسيةِ Rrespiratory distress syndrome لعدم قدرةِ رئتيه على التوسُّعِ والتقبُّضِ بشكلٍ طبيعي. كما يمكن للخُدّجِ أن يُصابوا بأمراضَ رئويةٍ مزمنةٍ مثل خللِ التنسُّجِ القصبيِّ الرئوي Broncho-pulmonary dysplasia، كما يمكن لبعضِهم أن يعانيَ من انقطاعاتٍ في التنفس.
مشاكل قلبية:
إن أشيعَ المشاكلِ القلبيةِ التي يعاني منها الخدجُ هو القناةُ الشريانيةُ السالِكة (Patent ductus arteriosus (PDA وانخفاضُ التوترِ الشريانيّ، وتلك القناةُ هي قناةٌ تصل بين الوعاءين الدمويين الرئيسيين الخارجَين من القلب. غالباً ما تُغلق هذه القناةُ تلقائياً إلا أنها إذا تُركت من دون علاجٍ يمكن أن تسببَ تدفقَ كثيرٍ من الدمِ عبر القلبِ مؤديةً لقصورِه، فضلاً عن اختلاطاتٍ أخرى.
مشاكل دماغية:
كلما بَكّر الخديجُ بولادتِه ازدادت خطورةُ حصولِ النزفِ الدماغيِّ لديه وهو ما يُعرف بالنزفِ داخلَ البُطَينات Intraventricular hemorrhage. معظمُ هذه النزوفِ خفيفةٌ ولا تترك سوى أثراً قصيرَ الأمد، إلا أنّ بعضَ الخدّجِ قد يعانون من نزفٍ أكبرَ مسبباً أذيّاتٍ دماغيةً دائمة، حيث يمكن للنزوفِ الأكبرِ أن تؤديَ لتجمعِ السوائلِ في الدماغ لعدةِ أسابيعَ، وهو ما يُعرف بمَوْهِ (أو استسقاءِ) الرأس hydrocephalus، ما قد يتطلب لدى بعضِهم عمليةً جراحيةً لعلاجه.
مشاكل في تنظيم الحرارة:
يمكن للخُدّج أن يفقدوا حرارةَ أجسامهم بسرعة، حيث أنهم لم يقوموا بتخزين الدهونِ على القدْرِ الذي يقوم به طفلٌ بتمام الحملِ ولا يمكنهم بذلك إنتاجُ حرارةٍ كافيةٍ لتفوقَ ما يخسرونه من سطوحِ أجسادِهم. ويمكن لانخفاضِ الحرارةِ لدى الخُدجِ أن يقودَ إلى مشاكلَ تنفسيةٍ وانخفاضِ مستوياتِ سكرِ الدم.
مشاكل هضمية:
يميل الخدجُ بشكل أكبرَ لألّا يكونَ لديهم أجهزةٌ هضميةٌ ناضجةٌ مما يعرّضُهم للإصابِة باختلاطاتٍ مثل التهابِ الأمعاءِ والقولونِ النّخْرِيِّ Necrotizing enterocolitis(NEC)، وهو حالةٌ خطيرةٌ تتأذّى فيها الخلايا المبطّنةُ للأمعاءِ ومن الممكنِ أن تحدثَ للخُدجِ بعد بدءِ إطعامِهم، ويكون الخدّجُ الذي لا يتلقّون سوى حليبِ الثديِ أقلَّ تعرضاً لهذه الحالةِ من غيرِهم.
مشاكل دموية:
يكون الخُدّجُ معرضين لمشاكلَ دمويةٍ مثل فقرِ الدمِ واليرقان، إضافةً لمشاكلَ استقلابيةٍ ومناعيةٍ أخرى.
الاختلاطاتُ طويلةُ الأمد:
الشلل الدماغي:
يحدث الشللُ الدماغيُّ نتيجةَ الإنتاناتِ التي قد يُصاب بها الخديجُ، أو عدمِ كفايةِ الدمِ الواصلِ للدماغ مما يعرّض الخلايا الدماغيةَ للتلف، مما ينتج عنه صعوباتٌ في الحركةِ والفهمِ والإرضاعِ في بعضِ الحالاتِ، بالترافقِ مع حدوثِ اختلاجاتٍ وأعراضٍ عصبيةٍ أخرى تختلف بحسب شدّةِ الإصابة.
تأخر في التطور:
يميل الخُدّجُ لتأخرِّهم عن أقرانِهم المولودين بتمام الحملِ في مراحلِ التطورِ النفسيِّ والحركي، وقد يواجه بعضُهم صعوباتٍ في التعلمِ بسنِّ المدرسة.
كما أنّ الخدّجَ معرّضون أكثرَ للإصابة بمتلازمةِ فرطِ النشاطِ وقلّةِ التركيز ADHD مقارنةً بالوِلْدانِ بتمامِ الحمل.
مشاكل في الرؤية والسمع:
قد يعاني بعضُ الخدجِ من مشاكلَ في الرؤيةِ بسبب نقصِ ترويةِ الشبكيةِ، أو من نقصٍ في السمع، ولذلك يجب فحصُ جميعِ الأطفالِ خاصةً الخدّج بصرياً وسمعياً.
مشاكل في الأسنان:
قد يتأخر ظهورُ الأسنانِ لديهم أو قد تتوضع أسنانُهم بشكل غيرِ طبيعيٍّ بسببِ ضعفِ الأربطةِ ما حول السنّ.
مشاكل صحية مزمنة:
يكونون أكثرَ عرضةً للإصابة بالأمراضِ المزمنةِ ودخولِ المستشفى المتكررِ وصعوباتِ الإطعام، كما أنهم معرضون أكثرَ من الوِلدانِ بتمامِ الحملِ لحدوث متلازمةِ موتِ الرضيعِ المفاجئ SIDS.
العناية بالطفل الخديج:
في المستشفى: تتم عادةً مراقبةُ الخدجِ في وحدةِ عنايةٍ خاصةٍ بهم ويُوضَعون في حاضناتٍ تؤمن لهم درجةَ حرارةٍ مناسبةً لهم ويوصَلون بأجهزة مراقبةٍ للقلبِ والتنفسِ والضغطِ إضافةً لحاسبِ الناتجِ البوليِّ لتقييم وظيفةِ الكليتين، وتجري تغذيتُهم بالطريقِ المناسبِ (وريدياً أو فموياً) ومراقبةُ كسبِهم للوزن، ويتم في أثناء تواجدِهم في المستشفى إجراءُ فحوصاتٍ سريريةٍ ومخبريةٍ وشعاعيةٍ للتأكد من نُضجِ الرئتين وسلامةِ الوظيفةِ التنفسيةِ والقلبيةِ وقدرتِهم على الرضاعةِ بشكل جيدٍ وعدمِ الإصابةِ بإنتاناتٍ أو فقرِ دمٍ أو ارتفاعٍ مستوى البيليروبين (اليرقان)، إضافةً لفحص البصر.
Image: http://wrapy.net
في المنزل: تُعطى الأمُّ بعضَ النصائحِ للعناية بطفلِها من حيث الإطعامِ والتدفئةِ والعنايةِ بصحتِه والزياراتِ الدوريةِ لطبيب الأطفالِ، إضافةً لإعطائه كاملَ اللقاحاتِ الروتينيةِ والضروريةِ ومراقبةِ تطورِه النفسيِّ والحركي.
إن التلامسَ بين الأمِّ وطفلِها يحسّن من حالتِه الصحيةِ ويسرّع من فترةِ استشفائه بآليةٍ غيرِ معروفةٍ، لذلك يُنصح بالسماح للأمِّ بحمل طفلِها بين الفينة والأخرى في أثناء تواجدِه في المستشفى إذا ما كانت حالتُه الصحيةُ تسمح بذلك.
إذن قد ثؤثر الولادة المبكّرة على الوظائف الحيوية للطفل الوليد بسبب عدم اكتمال نضج بعض الأعضاء كالرئتين وجهازه الهضمي أو بسبب نقص الوزن ومخازن الطاقة والحديد أو لزيادة خطر تعرّضه لبعض الحالات المرضيى كالنزف الدماغي أو الإنتانات وفقر الدم وغيره...
حافظي على صحتكِ وتغذيتكِ أثناء الحمل وتابعي الحمل مع طبيبكِ لتتجنبي وطفلكِ الولادة المبكّرة قدر الإمكان.
مقالات ذات صلة:
الحمل المبكر في سنّ المراهقة
هنا
ماذا تعرف عن الحمل؟
هنا
اليرقان
هنا
الإرضاع الطبيعي حماية لكِ ولطفلك
هنا
التطوّر الطبيعي للطفل
هنا
البرنامج الوطني للقاحات في سورية
هنا
الصمم
هنا
ADHD
هنا
هنا
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا