العلماء يفتحون الحاجز الدماغي الدموي عند الإنسان للمرة الأولى
الطب >>>> علوم عصبية وطب نفسي
ولكن، ما هو الحاجز الدموي الدماغي؟
هو طبقة متراصة من الخلايا الظهارية أو البطانية التي تغلف الأوعية الدموية في الدماغ، حيث تقوم بمنع الجراثيم والفيروسات وغيرها من السموم والمركبات المؤذية وبعض الأدوية من الوصول للدماغ، في حين تسمح لمواد أخرى كالغلوكوز بالوصول إليه.
يُعَدّ فتح هذا الحاجز عند البشر أمراً في غاية الأهمية، فقد سبق للعلماء فتحه عند الحيوانات لمرات عديدة*، ومؤخراً، تمكنت شركة CarThera الطبية الفرنسية من تحقيق إنجاز كهذا باستخدام الأمواج فوق الصوتية، ومن خلال حقن فقاعات مجهرية مليئة بالغاز. اكتُشفت هذه الفقاعات بمحض الصدفة من قبل أطباء الأشعّة في ستينيات القرن الماضي، وتمت دراستها حديثاً للمساعدة في علاج الأورام صعبة الوصول.
تم عرض نتائج الدراسة من قبل مايكل كاني Michael Canney، عالم الأعصاب في شركة CarThera، وذلك خلال ندوة عن استخدامات الأمواج فوق الصوتية في الولايات المتحدة.
شملت الدراسة أربعة مرضى يعانون من ورم أرومي دبقي، وهو الشكل الأكثر خطورة وعدوانية بين سرطانات الدماغ؛ إذ يحتاج المرضى المصابون بهذا النوع من السرطانات عادةً إلى عمل جراحي لاستئصال الورم، يليه جرعاتٌ من الأدوية الكيميائية لإزالة ما تبقّى من الخلايا الورمية!
وبالتالي إذا استطعنا إيصال كمية أكبر من الأدوية الكيميائية إلى الدماغ، سيصبح التعامل مع الأورام والسرطانات أكثر سهولةً.
ولاختراق هذا الحاجز، قام الجراحون بزرع محوّلٍ للأمواج فوق الصوتية داخل جمجمة كل مريض، ثم حقنوا الفقاعات الغازية المجهرية داخل الأوعية الدموية الدماغية.
أدى اصطدام الفقاعات بنبضات الأمواج فوق الصوتية التي ولّدها المحوّل إلى تمدد وانكماش الفقاعات المهتزة لمئات آلاف المرات في الثانية، ما سيسمح بتباعد الخلايا البطانية المشكّلة للحاجز الدموي الدماغي، وهذا بدوره سيسمح للعلاج الكيميائي بالتسلل من الدوران الدموي عبر خلايا هذا الحاجز إلى أي خلية ورمية مجاورة.
وقد أكد ذلك التصوير بالرنين المغناطيسي، حيث أظهرت صور الـ MRI أنّ الفقاعات كانت تعبر بسهولة إلى الدماغ.
يقدر الفريق أنّ هذه الطريقة ستتمكن من إبقاء الحاجز الدموي الدماغي لفترة قد تصل إلى 6 ساعات، مما يتيح وقتاً كافياً لإيصال كمية كبيرة من الأدوية الكيميائية إلى الدماغ لعلاج الأورام.
وإضافةً إلى السرطانات، سيبحث العالم كاني مع فريقه أهمية استخدام خطة كهذه لعلاج الأمراض العصبية كداء ألزهايمر.
فقد أثبتت التجارب السابقة على الحيوانات أنّ هذه الطريقة تفيد في تقليل لويحات البروتين المتراكمة في الدماغ، وهي المسبب الرئيسي لداء الزهايمر.
نتمنى لهذه التقنيات الحديثة في إيصال الأدوية النجاح والتقدم وسنوافيكم دوماً بكلِّ جديد في هذا المجال.
*نشرنا الآلية المفصلّة لذلك في مقال سابق على موقع "الباحثون السوريون"،
يتضمن شرحاً تفصيلياً للفكرة وآلية تنفيذها ...
هنا
المصدر:
هنا
مصدر الصورة:
Juan Gaertner/Shutterstock