الخطوط على ظهور النّمور ليست بالعبثيّة التي نتصوّرها!
الرياضيات >>>> الرياضيات
يقولُ المؤلّفُ الرَّئيسيُّ Tom Hiscock، طالبُ الدّكتوراة في مخبرِ Sean Megason في قسمِ بيولوجيا الأنظمةِ في مدرسة Harvard الطّبّيّة:
"كنّا نريدُ تصميمًا في غايةِ البساطة على أملِ أنْ يكونَ صورةً واسعةً بما فيه الكفايةُ لِتَضُمَّ في إطارِها تلك التّفسيراتِ كلِّها. أصبح بإمكانِنا الآنَ أنْ نسألَ ما المشتركُ بينَ الفرضيّاتِ الجُزَيئيّةِ، والخَلَويّةِ والميكانيكيّةِ الّتي تفسّرُ كيفيّةَ توجيهِ الكائناتِ الحيّةِ خطوطَها، ما يُمَكِّنُنا بالتّالي من معرفةِ أيِّ التّجارِبِ نَستطيعُ بتطبيقِها التّمييزَ بينَ هذهِ الكائناتِ، وأيِّ التجارِبِ لن تُجْدِيَ نفعًا".
يُمكِنُ نَمذَجَةَ تلكَ الخطوطِ رياضيًّا ببساطةٍ تدعو للدّهشة، وقد ساهم الرّياضيُّ Alan Turing بجُزءٍ كبيرٍ منَ البداياتِ المُبَكِّرَةِ في هذا الموضوعِ. تنبثقُ هذه الأنماطُ الخطّيةُ (الأشكالُ المُتَشَكِّلَةُ من هذهِ الخطوطِ) عندما تُوَلِّدُ موادٌ متفاعلةٌ أمواجًا منَ التّراكِيزِ العاليةِ والمنخفضةِ من صباغٍ معيَّنٍ، أو مادّةٍ كيميائيّةٍ، أو نوعٍ معيَّنٍ من الخلايا على سبيلِ المثالِ. في المقابلِ، ما لا يفسّرُهُ نموذجُ Turing هو كيفيّةُ توجيهِ الخطوطِ نفسِها في اتّجاهٍ محدّدٍ.
يُرَكّزُ بحث Hiscock على التّوجُّه، فعلى سبيلِ المثال: لمَ خطوطُ النّمورِ عموديّةُ على أجسامِها، بينما خطوطُ أسماكِ Zebrafish (دانيو المخطّطة) أفقيّة (تمتدُّ على طولِ أجسامِها)؟ إحدى المفاجآتِ النّاتجةِ عن نموذجِهِ الّذي جَمَعَهُ هي أنّ الأمرَ لا يتطلّبُ أكثرَ مِن أنْ يَطرأَ تغيُّرٌ طفيفٌ على النّموذجِ لِكي ينعكِسَ، سواءٌ كانتِ الخُطوطُ عموديّةً أم أفقيّةً. ما لا نعرفُهُ هو كيف تُتَرجَمُ وتظهرُ هذه الرّياضيّاتُ في الكائناتِ الحيّةِ. إذًا، ما المتغيِّرُ المحرِّكُ لِنُشوءِ خطوطٍ عموديّةٍ لدى النّمورِ؟
Image: Tom Hiscock
تبدو في الصّورةِ محاكاةٌ لخطوطِ Turing. على اليسارِ، الخطوطُ متباعدةٌ بشكلٍ متساوٍ، ولكنّ اتجاهها متغيّرٌ. بينما على اليمينِ، تصطفُّ الخطوطُ متحاذيةً بالاتّجاهِ نفسِهِ بفعل تدرّجٍ مُتَرَدِّدٍ.
يقولُ Hiscock: "يُمكنُنا باستخدامِ هذهِ المعادلةِ الرّياضيّةِ وصْف ما يحدث عندما تتشكَّلُ تلك الخطوط، ولكنْ لا أعتقدُ أنّنا على درايةٍ دقيقةٍ أيُّ الجزيئاتِ أو الخلايا بالتّحديدِ تدخلُ في تشكيلِ الأنماطِ الخطّيّةِ".
بالطّبعِ يوجدُ أفرادٌ مُحَوَّرُونَ جِينِيًّا بحيثُ لا يُمكِنُ أن تتشكّلَ لديهم خطوطٌ أو حتّى نُقَطٌ عِوَضًا عنها، كما هو الحالُ في بعضِ أسماكِ Zebrafish، ولكنْ "تَكمُنُ المُشكلةُ في وجودِ شَبَكَةٍ هائِلَةٍ منَ التّفاعلاتِ، وبالتّالي يُمكنُ لأيّ عددٍ منَ المُعامِلاتِ أنْ يُغيِّرَ النَّمَطَ" بِحَسَبِ قَولِهِ.
يَتَنَبَّأُ Hiscock من خلالِ نموذجِهِ الرّئِيسيِّ بثلاثةِ تغيّراتٍ يمكنُ لها أنْ تُؤثِّرَ في كيفيّةِ توجّهِ الخطوطِ:
1. التّغيّرِ في "تدرُّجِ الإنتاجِ"، وذلك عبارةٌ عن مادّةٍ تُضَخِّمُ كثافةَ النَّمطِ الخَطِّيِّ.
2. التّغيّرِ في " تدرُّجِ المعاملاتِ"، وهو مادَّةٌ تغيِّرُ أحدَ المعاملاتِ الدّاخلةِ في عمليّةِ تشكيلِ الخطوطِ.
3. التّغيّرِ الفيزيائيِّ في اتّجاهِ مَنْشَأِ الخطوطِ الجزيئيِّ، أو الخلويِّ، أو الميكانيكيِّ.
بالرَّغمِ منْ أنَّ هذا البحث وُضِعَتْ أساساتُه بشكلٍ نَظَريٍّ، يعتقدُ Hiscock أنّنا أوشكنا أنْ نتوصّلَ إلى الأدواتِ التجريبيّةِ الّتي يُمكِنُنَا مِن خِلالِها التَّحقُّقُ مِن ثُبوتِ صِحَّةِ الرّياضيّاتِ في الأنظمةِ الحيّةِ.
المصادر:
هنا