تعرّف على المرأة الأكثر نفوذًا في عالم فيزياءِ الجُسيمات
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
اليوم، لا تعملُ فابيولا في CERNفقط، بل إنها استلمت الإدارة العامة للمنظمة لتكون بذلك أوّل امرأة تتسّلمُ هذا المَنصِب في تاريخ المُنظّمة. وبالإضافة إلى اهتمامها باكتشافِ عالَمِ ما دون الذّرة، فقد أصبح لديها مسؤوليّةٌ أخرى فهي تُعتَبرُ قدوةً جديدةً للنساء في العالَم.
تقولُ السيدة جينوتي في رسالة إلكترونيّة أرسلَتها إلى صحيفة هافينغتون: "هناك فِكرة شائِعة بأنّ عالم الفيزياء يحكمُه الذّكور. في الواقع هذا صحيح، فعدد الرّجال في مجال عَمَلِنا أكبر من عدد النّساء. لذلك سَيُسعِدُني أن يُساهِم دَوري الجَديد في تَشجيعِ النّساء على العمل في مجال البحوث الفيزيائيّة وأن يكونوا على يقين أنّهم يمكلونَ فُرصًا متساويّة مع الرّجال."
قامَت صَحيفة HuffPost بإرسالِ مَجموعةٍ من الأسئلة إلى العالِمة فابيولا جينوتي عبر البريد الإلكتروني، وإليكم ردَّها على هذه الأسئلة.
س1: كيف اختلفَت الأمور بالنسبة لك بعد تبوُّءكِ المنصب الجّديد؟
منصِبي الجّديد شيّق جداً ومحفّز جداً، ويشرّفني جداً أنّهم عرضوا عليّ هذا العمل، فهو يقتضي مني التّعامل والانخراط أكثرَ من قبل، في مجالٍ واسعٍ من المسائل المتعلِّقة بالعمل. من هذه المسائل وَضع الخطط والاستراتيجيّات العلميّة وشؤون العاملين والميزانيّات والعَلاقات مع المنظّمات الدّاعمة وغيرها من المسائل الأخرى. أيّامي طويلة ومزدحمة وكلّ يوم أتعلم الكثير من الأشياء الجديدة، ولا شيء أكثر إغناءاً وإمتاعاً للنفس أكثر من التعلّم.
س2: كيف تصفين يومكِ الاعتيادي؟
مُزدحمٌ جدًا، سريعٌ جداً واستثنائي.
س3: برأيِكِ، ما سبب وجود هذه الهوّة بين الجنسين في مجال العِلمِ بشكلٍ عام والفيزياء بشكل خاص؟
هناك العديد من العوامل، ومن المؤكد ليس هناك اختلاف في القدرات بين المرأة والرجل. وبحسب خبرتي، كلما كان الفريق متنوعاً أكثر كان أقوى. بالطبع هناك رواسب تاريخيّة نحتاج إلى الوقت لكي نتجاوزها. و هناك تساؤلاتٌ عن أسبابِ ندرة القُدوة العُليا من النساء، يُقابِلُها تساؤلات عن كيفية جعل بيئة العمل أكثر عائليّة. يجب أن نشجّع الأهل (أباء وأمهات) على قضاء وقت أكبر في تربية أبنائهم وأن نقدم لهم التسهيلات اللازمة لذلك.
س4: تمّ تعيينك مديرة عامة لـ CERN لمُدّة خمس سنوات. ما هي خطّتك لهذه المُدّة؟
تحتلُّ الجولة الثانيّة لمُصادم الهادرونات الكبير أولويّة قصوى لدى منظمة CERN خلال السنوات القادمة. كانت البدايّة في عام 2015 جيدة جداً، وأمامنا الآن ثلاثُ سنوات لنقوم فيها بإجراء التجارب وتجميع البيانات قبل أن نُدخِل المسرّع في فترة الإستراحة الطويلة الثانيّة.
ستتمّ التجربة الثانية بطاقة اصطدام أكبر بمرّتين، ومن المتوقع أن تكون كميَةُ البيانات التي سنجمَعُها في الجولة الثانية أكبر من كمية البيانات التي جَمعناها في الجولة الأولى بثلاث مرات على الأقل، وسيمرُّ وقتٌ طويل قَبل أن نحقق نقلة نوعيّة مُماثِلة في طاقة الاصطدام في المُستقبل.
لذلك ستكون السّنوات القادمة مهمة جدًا في مجال فيزياء الطّاقة العالية. لكن CERN لا تقتَصر فقط على مُصادم الهدرونات الكبير، فلدينا مجموعة متنوّعة من التّجارب والمرافق، منها، على سبيل المثال لا الحصر، القياسات الدّقيقة للتفاعلات الانحلاليّة النادرة، والدّراسات المُفصَّلة عن المادة المضادّة.
وعلينا ،بالتوازي مع البرامج القائمة حالياً، أن نعمل على تأمين مستقبل بعيد المدى لـمنظمة CERN.
فهناك مجموعة من التحديثات التي نُخطِط لتطبيقها على المُصادم في منتصف العقد القادم. كما تمّ تصميمُ العديد من الدراسات لحقبة ما بعد مُصادم الهادرونات الكبير، أي بدءاً من عام 2035 وما بعد.
س5: ما هي الاكتشافات التي تتوقعين حدوثها خلال فترة إدارتك لمنظمة CERN ؟
للأسف، لا أملك كُرةً زجاجية سحريّة في يدي. بالطبع ستمدنا الجولة الثانية لمصادم الهادرونات الكبير بالإضافة للتجارب الأخرى بثروةٍ من النتائج الفيزيائية، كما أننا سنتعرف أكثر على بوزون هيغز وسنتوسّع أكثر في فيزياء ما وراء النموذج المعياري للذّرة.
ومع علمنا بوجود المزيد من الفيزياء لاكتشافها، فلا أعلم إن كنا سنحصل على ما نطمح إليه من بوادر جديدة في المجالات الفيزيائيّة. والنّموذج المِعياري الذي نمتلكه اليوم لا يشرح سوى 5% من الكون المرئيّ، وهناك الكثير من الأسئلة التي يجب الإجابة عليها.
س6: ما هي أفضل الفرص لدى CERN؟ وما هي أكبر تحدياتها؟
يملك هذان السؤالان إجابة واحدة. يُمكننا تَحديد الفُرص والتحديات خلال السّنوات القادمة (سواء لـ CERN أو لكل المَجْمَع العالمي لفيزياء الجُسَيمات)، تبعًا للطّبيعة المُتغيرة لهذا المجال.
التّعاون بين أقاليم العالَم المختلفة في ازدياد، وقد وقعت CERN مؤخراً مجموعة من الاتفاقيات مع الولايات المتّحدة. وفقاً لهذه الاتفاقيات ستشارك الولايات المتحدة في تحديث مُصادم الهادرونات الكبير من أجلِ تجارُب دراسة جُسيمات النوترينو، وسيتم العمل على هذه التحديثات في مرافق مخابر Fermilab الموجودة في الولايات المتّحدة.
كما ظهر لاعبون جدد في هذا المجال (وبالأخص الصين) حيث عبّرت مجتمعاتهم العلميّة عن أهداف طموحة لمرافق علميّة مستقبليّة، يقدم كلّ هذا فرصاً رائعة لفيزياء الجُسَيمات. والتحدّي الكبير الذي يواجهنا جميعاً هو التًّقدم إلى الأمام في مجال التعاون العالمي وذلك لتحقيق أكبر قدر ممكن من المشاريع المتكاملة.
س7: هل كنتِ دائماً تطمحين لأن تكوني عَالِمة؟ لو لم تستطيعي أن تكوني عالمةً.. ماذا كنتِ ستُصبحين؟
لطالما كنت مهتمّة بالعِلم، كما اهتممت أيضاً بالموسيقا. لقد حاولت أن أتعمّق في المجالين قدر استطاعتي، لكن عندما كان عليّ الاختيار بينَهُما اخترت العِلم. أعتقد أن صفة فيزيائيّةٍ مُتخصّصة لا تمنعني من الاستمتاع بالموسيقى. مازلت أعزف على البيانو بين الحين والآخر. لكن لو كنت موسيقيّةً مُتخصّصة لما تمكّنت من الانخراط في عالم الفيزياء بسهولة.
س8: ماذا تفعلين في أوقات فراغك؟
أحاول أن أقضي أوقات فراغي القصيرة مع عائلتي وأصدقائي. كما أحاول أن أقوم ببعض الرياضة والموسيقى والقراءة.
س9: ما هو في اعتقادك أكبر سوء فهم لدى غير المتخصصين من العامّة تجاه فيزياء الجسيمات؟
أنَّ فهم فيزياء الجُسَيمات صعبٌ جداً! بالطبع إذا كُنتَ تَوَدُ أن تكون عالمًا في فيزياء الجُسَيمات عليك أن تُتقِن لغة الرّياضيات بشكلٍ ممتاز إلى حدٍ ما. لكن إذا أردت استيعاب المفاهيم العامة في هذا المجال فذلك أشبه بلعبة الأطفال. كلُّ الأطفال عُلماء بالفِطرة، فهُم فضوليون ويحبون تفكيك الأشياء حتى يكتشفوا كيف تعمل.
ينطبق الأمر نفسه على فيزياء الجسيمات، فنحن ندرس وحدات البناء الأساسيّة للمادة التي يُصنع منها كلُّ شيء، وندرس القوى التي تؤثر بين هذه الوحدات، أما المعادلات التي تصف هذه الوحدات والعلاقات فيما بينها هي معادلات بسيطة وأنيقة يمكن كتابتها على ورقة صغيرة.
المصدر: هنا