الفيزيائيون يحددون اختبارا عمليا لنظرية الأوتار
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
بإلهامٍ من أعمال غاليلو و نيوتن، يقول علماء جامعة تاوسون أن الحسابات الدقيقة لمواقع أجسام المجموعة الشمسية يمكن أن تظهر بعض الإختلافات الطفيفة جداً عما كان متوقعاً في نظرية النسبية العامة و مبدأ التكافؤ، مما يعطي نظرية الأوتار الفائقة بعض المجال لتفسير هذه الاختلافات.
تأمل نظرية الأوتار الفائقة أن تكون جسراً بين النظريتين الأشهر في الوقت الحالي: النسبية العامة لآيتشتاين - نظريتنا المسيطرة في دراسة الجاذبية-، و النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات أو نظرية الحقل الكمومي، التي تشرح بقية القوى الأخرى. وتفترض نظرية الأوتار الفائقة أن المادة و الطاقة في الكون مكونة من أوتار أحادية البعد. يُعتقد بأن هذه الاوتار أصغر بكوينتليون مرة (مليار مليار مرة) من ذرة الهيدروجين المتناهية في الصغر و بالتالي فهي دقيقة جداً لتحديدها بشكل غير مباشر. و بشكل مشابه سيتطلب الكشف عنها في مسرع جزيئات طاقة أكبر بملايين المرات من تلك التي تم استخدامها للكشف عن بوزون هيغز الشهير.
وبرغم عدم صحتها حرفيا ولكن الرواية المعروفة عن تجربة غاليلو هي أنه رمى كرتين مختلفتين بالوزن من قمة برج بيزا المائل ووجد انهما تصلان سوية إلى الأرض (إذا لم نأخذ تأثير مقاومة الهواء بعين الاعتبار). بعد عدة سنوات أدرك نيوتن أن الطبيعة تؤثر بنفس الصورة على الأجسام السماوية. وأنه برغم اختلاف قوة الجذب على الكرتين فهما تتحركان بالتسارع ذاته. وصاغ قانون الجاذبية العام بحيث يعكس هذه الملاحظة بالذات. اما آينشتاين فقد لاحظ أن تأثيرات الجاذبية على الأجسام لا يمكن تمييزها عن تأثيرات الحركة المتسارعة. فعندما تجلس في سيارة تزداد سرعتها ستشعر بشيء يشدك للخلف تماما كما تشدك الجاذبية نحو الأسفل ويسمى هذا المبدأ بمبدأ التكافؤ.
ويمكن إجراء اختبار لنظرية الأوتار للبحث عن مدة صلاحية هذا المبدأ. حيث يؤثر الحقل الثقالي بنفس التأثير على كل أشكال المادة والطاقة بنفس القوة. تتوقع نظرية الأوتار أن هناك بعض الخروقات لنظرية آينشتاين لأنها تتضمن حقولاً جديدة تؤثر على الأجسام المختلفة في التركيب بتأثيرات مختلفة، مما يعطي هذه الأجسام تسارعات مختلفة، حتى لو كانت في نفس الحقل الثقالي.
يتوقع العلماء ثلاثة خروقات لنظرية النسبية أهمها: ظهور فروقات عن قانون كبلر الثالث والذي يربط بين زمن دوران الكواكب حول الشمس ونصف قطر دورانها، والاستقطاب المداري (المعروف باسم مفعول نوردتفيدت) حيث تختلف المسافة بين جسمين كالأرض والقمر تبعاً للفرق في التسارع بين الجسمين وجسم ثالث كالشمس. حتى الآن لا يوجد أية دليل على أي من هذه الآثار. ويتم التأكد دائماً من صحة قانون كبلر الثالث في الحسابات الفلكية الاعتيادية، لكن تتضمن الحسابات العلمية دوماً بعض الأخطاء ويأمل فريق العلماء في الاستفادة من هذه الأخطاء في القياس لإثبات أنها ليست مجرد أخطاء في القياس بل في الفكرة التي تعتمد عليها أساساً.
ستبدأ الاختبارات على أقمار تابعة لكوكب زحل (تيثيس و ديوني)، ويعود سبب اختيارهما إلى قربهما من بعضهما أولاً وإلى طبيعتهما المختلفة (تيثيس هو عبارة عن قطعة جليد ضخمة بينما ديوني مكون كلياً من الحجارة).
كما يبحث الفيزيائيون عن أي دلائل على خروقات لمبدأ التكافؤ في أنظمة فلكية أخرى كدراستهم مؤخرا لنظام مكون من قزمين أبيضين ونجم نيوتروني كثيف جدا ويبعد مسافة 4200 سنة ضوئية عن الأرض حيث قد يشير أي تغيير عن مبدأ التكافؤ في هذه الحالة ايضا لوجود عدة نظريات أعمّ وأشمل من النسبية العامة لوصف الجاذبية سواء كانت نظرية الأوتار أو غيرها.
وبرغم الانخفاض النسبي لتكلفة هذه التجارب في سبيل التحقق من هذه النظريات في حين تطلب الأمر مليارات الدولارات للتحقق من النظريات الأقدم منها، فإن معضلة حقيقة ستظهر لو تبينت صحة النسبية العامة حتى في هذه الحالة. لأن ذلك إما ان يعني وجوب انتظار تقنيات افضل بتكلفة اعلى بكثير, أو الاحتمال الأسوأ بأنه علينا مراجعة نظرياتنا مجددا والبحث عما قد فاتنا جميعا.
المصدر: هنا