تجربةٌ تُوحي بخرقٍ للقانون الثّاني في التيرموديناميك (قانون الإنتروبيّة)
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
في هذه التّجربة، سنقومُ بتعبئةِ قارورةٍ بسعةِ لترٍ واحدٍ بمحلولٍ مائيٍّ من ملحِ الطّعام إضافةً للغَولِ وبعض الخرزاتِ الملوّنة (زرقاء وبيضاء) والّتي تختلفُ بكثافتها. عندما نقوم برجّ العبوةِ جيّداً ستختلطُ الخرزاتُ بشكلٍ عشوائيٍّ، وبعدَها ستعومُ الخرزات البيضاءُ أعلى المزيجِ لأنّها ذاتُ كثافةٍ أقلّ، بينما تغرقُ الكرات الزّرقاء لكبَرِ كثافتها. لكن بعدَ وقتٍ قليل نُلاحظ أنّ مجموعةَ الخرزاتِ البيضاءِ تتحرّكُ نحو الأسفل، بينما تصعدُ الكراتُ الزّرقاء للأعلى، لتلتقي المجموعتانِ في المنتصف.
ما الّذي يحصلُ تماماً؟
أولاً علينا أن نفهمَ مكوّناتِ المزيج الّذي أُعدَّ بالطريقةِ التّالية:
1- نقومُ بنزعِ غطاءِ القارورةِ الّتي تحتوي على ملح الطّعام النّقي (ملح كلوريد الصّوديوم NaCl) إضافةً للخرزات الملوّنة.
2- نضيفُ 400 مل من الماء المُقطّر، ونعيدُ إغلاق القارورة. سيكونُ ارتفاعُ الماءِ غالباً حوالي 11سم من القاع. نرجُّ القارورة بضعَ دقائقَ حتّى يذوبَ الملحُ في الماء.
3- نضيفُ 450 مل من الغَولِ (آيزوبروبانول) المركّز بنسبة 91%، ثمّ نغلقُ الغطاء بإحكامٍ. يجب أن يكون ارتفاعُ السّائل حوالي 19سم من القاع.
ونشرحُ ما الّذي يحصل الآن:
الآيزوبروبانول قابل للانحلالِ في الماء بكافّة النّسب. تحتوي جزيئاتُ الماءِ والغولِ على حدٍّ سواء على المجموعة الهيدروكسيلية (-OH) والّتي تقومُ بالارتباط بالهيدروجين في الجزيئين بسهولةٍ. بينما تُفضّل أيونات ملح كلوريد الصوديوم (Na+ ، Cl-) أن ترتبطَ بجزيئاتِ الماء، مجبرةً بذلك جزيئاتِ الغولِ على الخروجِ من المحلولِ المائيّ؛ الأمرُ الّذي يُسبّبُ تشكّلَ طبقتين: الغولُ في الطّبقة العُليا، والماءُ المالحُ ذي الكثافةِ الأكبرِ في الأسفل، إذ أنّ الآيزوبروبانول والماءُ المالحُ لا يمتزجانِ بكافّةِ النّسب.
عندما نقومُ برجّ العُبوةِ تمتزجُ الطبقتانِ السّائلتان لحظيّاً مشكّلةً مزيجاً زائفَ التّجانسِ بكثافةٍ متوسّطةٍ بين كثافتي السّائلين، وعندها تطفو الخرزاتُ البيضاءُ - ذاتُ الكثافةِ الأقلّ من المزيجِ - في أعلى العبوة، بينما تغرقُ الخرزاتُ الزّرقاءُ - ذاتُ الكثافةِ الأعلى من المزيجِ – نحو الأسفل.
بعد فترةٍ قصيرةٍ، وبينما تقومُ الطّبقاتُ الملحيّة السّائلة بالانفصال عن الغولِ، تبدأ الخرزاتُ الزّرقاءِ بالصّعودِ في الطّبقة السّائلة السفلية، في حينِ أنّ الخرزاتِ البيضاءِ تغرقُ في الطّبقة الغوليّةِ العلويّة حتى يلتقيا في المنتصف. وبذلكَ يكونُ التّرتيب من الكثافةِ الأدنى إلى الكثافةِ الأعلى للموادّ بالشّكل التّالي:
1- الآيزوبروبانول
2- الخرزات البيضاء
3- الخرزات الزّرقاء
4- الماء المالح
وحيثُ أنّ الخرزاتِ تطفو بين السّائلين، فإنّ من الصّعبِ مراقبةَ السّطحِ الفاصل بين الغَولِ والماءِ المالح.
وكما يظهرُ في البِدء فإنّنا نجدُ أنّ الانتظامَ تشكّل عفويّاً من العشوائيّة، وهو أمرٌ غيرُ متوقّعٍ أعطانا الوهمَ بخرقٍ القانونِ الثّاني في التيرموديناميك. وهذا لم يحصل.
المصدر: هنا