حقنة الأوكسجين: ابتكار قد يجعلنا نستمر بالحياة مؤقتا دون تنفس!
الطب >>>> مقالات طبية
في خبر مثيرٍ للاهتمام تمكن فريقٌ بحثيٌّ من إبقاء مجموعة من الأرانب أحياء دون تنفس إلى ما قد يصل إلى خمسة عشر دقيقة رغم سد مجاريها التنفسية، و ذلك بحقن جزيئات مكروية (2-4 ميكرومتر) مملوءة بالأكسجين في الدورة الدموية للأرانب.
قد تنقذ أكسجة الدم مع تجاوز دور الرئتين في هذه العملية حياة الكثيرين من الذين يعانون من خلل تنفسي، أو أولئك المصابين بانسدادٍ في المجاري التنفسية كما يقول John Kheir أخصائي القلبية في مشفى أطفال بوسطن، قائد فريق الباحثين و الذي نُشرت نتائجه في Science Translational Medicine
بالمجمل قد تساعد هذه التقنية في منع توقف القلب أو الأذيّات الدماغية المُسببة بالحرمان من الأكسجين، كما قد يجنّبنا الشلل الدماغي الناجم عن اختلال التروية الدموية الجنيني.
حاول الأطباء سابقاً معالجة انخفاض مستوى الأكسجة الدموية (hypoxaemia) والحالات الطبية المترافقة معها كالازرقاق (cyanosis) من خلال حقن الاكسجين الحر مباشرةً في مجرى الدم مع تحقيق درجات مختلفة من النجاح، كما حاول طبيب من الولايات المتحدة تحقيق ذلك في نهايات القرن التاسع عشر من خلال الحقن الشرجية، الفكرة التي تم إحياؤها مؤخراً من خلال استخدام ما يعرف بنافخات الأمعاء (bowel infusers)، ولكن هذه المقاربات قد تكون خطيرة للغاية، حيث يمكن للأكسجين أن يتراكم مشكلاً فقاعات كبيرة قد تسبب انسدادات قاتلة تدعى بالصمات الرئوية.
قد يجنب حقن الأكسجين السائل هذه المشكلة و لكن هذا خطير أيضاً، حيث أنه يجب أن يُجرى تحت حرارة منخفضة بشكل خطير للغاية.
تجمع التقنية المستخدمة في هذا البحث أفضل مافي العالمين، حيث تتكون من طبقة وحيدة من الأجسام الكروية التي تشكل ما يشبه القوقعة (ليبيدات\شحميات)، يحمل كل منها في داخلها فقاعة صغيرة من الأكسجين، بحيث يكون الأكسجين الغازي مغلفاً و معلقاً في مستحلب سائل بحيث لا يمكنه تشكيل فقاعاتٍ أكبر.
يتم حقن الجزيئات ضمن الدم مباشرةً، حيث يختلط الأكسجين بالكريات الحمراء، وينتشر إلى داخل الخلايا خلال ثوانٍ من التّماس.
يقول الباحث: Kheir بحلول الوقت الذي تصل فيه الجزيئات إلى الرئتين يكون معظم الأكسجين قد انتقل إلى كريات الدم الحمراء، مما يميز هذه التقنية عن الأشكال الأخرى المستخدمة حالياً من الدم الاصطناعي ناقلة الأكسجين في الجسم والتي يجب أن تتلقاه من الرئتين.
من الجدير بالذكر بأن الليبيدات المذكورة آنفاً تتفكك عندما يتم امتصاص الأكسجين ومن ثم يتم اعادة امتصاصها من قبل الجسم.
في التجربة التي أجراها Kheir و زملاؤه ظلت الأرانب حيّة لمدة تصل إلى 15 دقيقة دون تنفس (مع سد الرغامى)، مع ضغط دم و معدل ضربات قلبٍ طبيعيين، كما أظهروا انخفاضاً ملحوظاً لأضرار القلب و الأعضاء المدروسة الأخرى بسبب الحرمان من الأكسجين، وانخفاضاً في درجة نقص الأكسجة الدموية بالمقارنة مع المجموعة المشاهدة (مجموعة المقارنة) كما لم يتسبب العلاج في ظهور صمات رئوية.
يؤكد الباحث Kheir أن هذه الطريقة سهلة ورخيصة التكلفة، كما يشير طبيب إنعاش بريطاني إلى رقي و تعقيد المقاربة حيث أن كلاً من جهاز القلب-رئة الصناعي و الأكسجة الغشائية خارج الجسم يقومان بأكسجة الدم، ولكنها مصممة للعمل في ظروف العمليات الجراحية أو حالات دعم الحياة المديدة ولا تتناسب بالضرورة مع حالات الإسعاف حينما تنسد المجاري التنفسية عند شخصٍ ما.
ومع أن الباحث Kheir متفائل حول إمكانية تعديل التقنية لإطالة المدة لحوالي 30 دقيقة إلا أنه يشكك في إمكانية تجاوز هذا الحد، لأن الليبيدات لا يتم إعادة تدويرها، لذلك لا بد من الاستمرار في حقن كميات جديدة، وعلى أرض الواقع فإنه هناك حدود لكمية السوائل الإضافية التي يمكن حقنها، لذا فهذه المقاربة ليست بديلاً للرئتين وإنما هي محاولة لاستبدال وظيفة الرئتين بشكل مؤقت و لمدة زمنيةٍ محدودة.
مع أن هذا البحث قد يشكل خطوة مهمة في حل مشكلة الأكسجة في بعض الحالات الطبية الخاصة إلا أنه لا بد من إجراء المزيد من التطويرات والأبحاث و الاختبارات لاعتماد مثل هذه التقنيات بشكلٍ عملي.
المصادر:
هنا
هنا