لأول مرة... برنامج علاجي ينجح في تحقيق تحسّن لدى مرضى الزهايمر
الطب >>>> مقالات طبية
يعتبر التدهور المعرفي مصدر قلق كبير أثناء التقدم في العمر. إذ يوجد حالياً حوالي 5.4 مليون مصاباً في الولايات المتحدة و30 مليوناً في العالم، ويعتقد بأنّ هذا العدد سيقارب 160 مليون مصاباً في العالم بحلول عام 2050 في ظل غياب الوسائل العلاجية والوقائية الفعالة، مما ينذر بكارثة إفلاس أنظمة الرعاية الصحية مستقبلاً. وبخلاف الكثير من الأمراض المزمنة الأخرى، تزداد نسبة انتشار هذا المرض لدرجة أنه أصبح ثالث سبب رئيسي للوفيات في الولايات المتحدة بعد أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان.
لقد ظلّ داء الزهايمر مستعصياً على العلاج لأكثر من مئة سنة، أي منذ أن تم وصفه لأول مرة، وحتى الآن لم يتم تطوير أي دواء لعلاجه أو الحد من سرعة تطوره، ومازالت الأدوية المتوفرة تقتصر على التخفيف من أعراضه. إلا أنّ هذا على وشك التغيير وأخيراً...
ففي أول دراسة شملت عشرة مرضى يعانون من فقدان الذاكرة المرتبط بالزهايمر، أظهر تسعة منهم تحسناً ملحوظاً في ذاكرتهم خلال ثلاثة إلى ستة اشهر من بداية العلاج. كما أنّ ستة مرضى ممن اضطروا للتخلي عن وظائفهم بسبب هذا الداء، تمكنوا من العودة إليها وممارسة مهامهم المعتادة، في حين لم يكن الشفاء حليف المريض العاشر بسبب بلوغه درجةً متقدمةً من المرض. والوضع من جيد إلى أفضل.
تشير الدراسة إلى أنّه يمكن علاج ضعف الذاكرة وتحقيق أفضل النتائج بالاعتماد على برنامجٍ علاجيٍّ معقد يتضمن تغييراتٍ شاملةً في النظام الغذائيّ، التمارين الرياضية، تنبيه الدماغ، تنظيم النوم، إعطاء الفيتامينات والأدوية والأنشطة الأخرى المحفزة للدماغ البشريّ.
وجد الباحثون أنّ سبب الزهايمر يكمن في خلل بتوليد الإشارات من الخلايا العصبية. ففي الحالة الطبيعية، يقوم الدماغ السليم بتوليد إشارات خاصة لدعم الاتصالات العصبية وتعزيز الذاكرة، كما يقوم بالمقابل بإرسال إشارات معاكسة للسماح بنسيان المعلومات غير المهمة. إلا أنّ هذا التوازن يختلّ في حالة الزهايمر، وتضعف الذاكرة شيئاً فشيئاً. كما قالوا أن تراكم لويحات البروتين في الدماغ لا يؤدي إلى "تسمم الدماغ" كما هو شائع، إنّما يقوم أحد البيبتيدات التي تشارك في تركيب هذه اللويحات بإضعاف وتثبيط نقل الإشارات بين الخلايا العصبية، وبالتالي فقدان الذاكرة بشكل تدريجي. وبالنظر إلى كل ما سبق، فقد رأى القائمون على الدراسة أن الحل يكمن في نظام علاجي متعدد الطرق والأهداف، حيث يقول أحد الأطباء المشاركين في الدراسة: "إن أدوية الزهايمر الحالية تؤثر على موضع وهدف وحيد، إلا أن هذا الداء المعقد يتطلب أكثر من ذلك. تخيل وجود 36 حفرةً في سقف منزلك، ولديك مواد تكفي لإصلاح وإغلاق حفرة واحدة فقط، سيتبقى لديك 35 حفرة يتسرب منها المطر طوال فصل الشتاء، ولن تستفيد شيئا."
يعتمد البرنامج العلاجي الذي تم تطبيقه في الدراسة على إجراء اختبارات سريرية وتطبيق أنظمة علاجية مخصصة لكل مريض بمفرده، مثلاً في حالة مريضة لا تستطيع العودة من عملها دون أنْ تضلّ طريقها، سيتضمن علاجها بعضاً فقط، وليس كل مكونات النظام العلاجي، مثل:
1- الامتناع عن تناول السكريات البسيطة لإنقاص ما يقارب 20 رطلاً من الوزن.
2- الامتناع عن تناول الأطعمة الجاهزة والحاوية على الغلوتين، وزيادة إدخال الخضار والفاكهة والأسماك البحرية الطازجة إلى الحمية.
3- ممارسة اليوغا للتخفيف من التوتر.
4- ممارسة التأمل اليومي لمدة 20 دقيقة لنفس الغاية مرتين في اليوم.
5- تناول فيتامين D3 وزيت السمك ومركب CoQ10 كل يوم.
6- البقاء دون طعام لمدة 12 ساعة بين الفطور والعشاء، و3 ساعات بين العشاء ووقت النوم.
7- ممارسة التمارين الرياضية لمدة لا تقل عن 30 دقيقة في اليوم 4-6 مرات أسبوعياً.
تكمن الجوانب السلبية لهذا النظام في تعقيده وصعوبته، فليس من السهل على المرضى ومقدمي الرعاية الصحية الالتزام بالحمية واتباع برامج صارمة وتغيير أسلوب الحياة إضافةً لتناول كميات هائلة من الحبوب والأدوية لمدة طويلة. إلا أننا ننسى كل هذا عندما نرى الآثار الجانبية المذهلة لهذا العلاج، حيث سيصبح مؤشر كتلة الجسم BMI والوزن مثاليا، كما ستتحسن ذاكرة المرضى شيئاً فشيئاً.
أظهرت النتائج تحسن حالة 9 مرضى من أصل 10 خضعوا للعلاج، مما يدل على إمكانية استعادة الذاكرة المفقودة وتحسين النتائج مع الزمن. إلا أنه يجب إعادة الاختبارات باستمرار لمعرفة المدة الزمنية اللازمة للعلاج، درجة تحسن حالة المرضى وإمكانية شفاء مرضى الزهايمر في مرحلة متقدمة. يقول أحد القائمين على الدراسة: "إنّ النتائج التي توصلنا إليها والتي نشرت حديثاً مشجعة للغاية، إلأ أنها لا تزال محدودةً وغير معممة، لذا نحن بحاجة لإجراء المزيد من الاختبارات السريرية للوصول إلى أفضل النتائج."
المصادر:
هنا
هنا