الغيرة...
علم النفس >>>> القاعدة المعرفية
لطالما كانت الغيرة حديثاً تداولته الأساطير، ومكوّناً دسماً على مائدة الأدباء وصنّاع الدراما، و"عطيل" لشاكسبير هي مثال كلاسيكي عن ذلك. لو خرجنا هُنيهة عن درب الأدباء وسلّطنا الضوء على الغيرة من منظور طبي نفسي؛ سنرى أنها حالة معقدة مبنية على العديد من المشاعر المتداخلة (الحب، الرغبة في التملك، الخوف من الفقدان، القلق، .. ) ينعكس تأثيرها على سلوك الفرد. وهي حالة طبيعية عادية إذا كانت غير مفرطة وإذا نتجت عن أسباب منطقية، وتبعاً لفرويد: إذا بدا لك أن شخصاً ما لا يغار؛ فالغيرة لديه مكبوتة وتلعب الدور الأعظم في اللاوعي. قد تختلف ماهية الغيرة باختلاف الثقافات، وقد تتأثر بعوامل فردية كتجارب الطفولة، الشعور بعدم الأمان، النقص، التبعية، التجارب السابقة.
متى تصبح الغيرة مرضا؟
الغيرة المرضية ليست اضطراباً نفسياً بحد ذاتها، لكنها تعدّ عرضاً للعديد من الحالات النفسية. يمكن تعريفها بأنها مزيج عاطفي متعدد الأبعاد مبني على شكوك لا أساس لها من الصحة حول وجود منافس أو خيانة الشريك والخوف اللاعقلاني من خسارته وانتهاء العلاقة، وذلك بغض النظر عن وجود دلائل تثبت العكس. وهنا يثور عامل الشك الذي يضفي على الغيرة بعداً دراماتيكياً، وقد يؤدي إلى نتائج وخيمة. ينعكس هذا الأمر على سلوك الفرد مانحاً إياه طابعاً استقصائياً وبوليسياً، كالتنصت والمراقبة واللجوء إلى الوشاة والتفتيش الدقيق للملابس والأغراض الشخصية، وقد يتخذ منحىً عنيفاً يصل للضرب والتعذيب لانتزاع الاعترافات، وقد يصل للقتل.
ترتبط الغيرة المرضية بالاضطرابات الدماغية العضوية أو السميّة، ويعدّ ارتباطها بإدمان الكحول أمراً معترفاً به على نطاق واسع، وقد تكون نتيجة لسوء استخدام المنشّطات كالأمفيتامين والكوكايين وأمثالها. ترتبط الغيرة المرضية بالفصام والاضطرابات الضلالية (أو الاضطرابات التّوهميّة)، وأشارت دراسة ألمانية حديثة إلى أن الغيرة الوهمية تنتشر بين المصابين بالعديد من الاضرابات النفسية: فهي أكثر تواتراً لدى المصابين بالذهان ذو الأسباب العضوية، وتحدث أيضا في اضطرابات الشخصية الزورانية (البارانويا)، والذهان المرتبط بالكحول، والفصام، لكنها قليلة الحدوث في الاضطرابات العصابية (مجموعة من الاضطرابات النفسية تتميز باضطراب سائد في المزاج دون وجود خلل عضوي، الاكتئاب واحد منها). تنتشر الغيرة المرضية بين مرضى الشيزوفرينيا النساء بنسبة أكبر من المرضى الرجال، بينما يحدث العكس لدى مرضى الذهان المرتبط بالكحول.
يتم تحديد العلاج بالاعتماد على السبب، من هذه الحلول: مضادات الاكتئاب، مضادات الذهان، العلاج النفسي، العلاج السلوكي المعرفي، ويمكن للعلاج الأسري أن يكون مفيدا.
ربما يكون الختام بأسطورة إغريقية أمرا جميلا...
تحكي الأسطورة أنّ "هيرا" اشتهرت بغيرتها على زوجها "زيوس"، وأرادت منع "ليتو" من وضع توأمها أبوللو وآرتميس ابنا زيوس، وكادت المكائد لأولاده الآخرين حيث حاولت قتل هرقل حين كان رضيعا، إلا أن زيوس كان يتدخل دوما لإنقاذهم منها، إلى أن قيّدها زوجها من معصميها بقيود من ذهب تمتد بين السماء والأرض، وذلك حتى تكفّ عن أعمالها. ولم يستطع أيا كان أن يفكّ قيدها سوى ابنها هيفيستوس الذي كانت تخجل منه لبشاعته.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
لا تبخل على الآخرين بالمعلومة، انشرها واجعل غيرك يستفيد.