سلسلة أحجيات أويلر: مسألة الـ 36 ضابط
الرياضيات >>>> الرياضيات
وكأيّ شخصٍ يحاول حلَّ الأحجيةِ من الجريدةِ، حاولَ أويلر أن يحلَّ المسألة ولكن لم ينجحْ في ذلك. كتب أويلر عامَ 1782: "بعد أن فكّرنا مليّاً لإيجادِ حلٍّ، علينا أن نعترفَ أنَّ ترتيباً كهذا مستحيلَ الحدوثِ، ولكن لا يمكننا أن نقدِّمَ توضيحاً جازماً بذلك". لم يأت البرهان على استحالةِ حلِّ هذه المسألة حتّى مضت حوالي 130 سنة. حيث قدّمَه العالم الرّياضيّ الفرنسيّ Gaston Terry عام 1901.
إن كنتم قد صادفتم المربّعات اللّاتينية، فلربّما قد ذكَّرَتكم مسألةُ الـ 36 ضابطاً بها الآن. يعتمد مبدأ المربّع اللّاتيني على مصفوفةٍ مربّعةٍ من الرّموزِ (أرقام أو أحرف) بحيث يظهرُ الرّمزُ مرّةً واحدةً في كلِّ سطرٍ وعمودٍ. وإذا دمجتم بين مصفوفتين لاتينيّتين من الحجم ذاته ولكن كلٌّ منها يحوي رموزاً مختلفًة، ستحصلون على ما يُطلَق عليه اسم مربّع aGraeco اللّاتينيّ (ويُسمّى أيضاً مربّع أويلر). ويحتوي هذا المربّعُ على ثنائّياتٍ من الرّموزِ بحيث يكون كلُّ عنصرٍ من هذه الثّنائيّة قد ظهر مرّةً واحدةً تماماً في كلِّ سطرٍ وعمودٍ، وكذلك تكون كلَّ ثنائيّةٍ محتملةٍ قد ظهرت مرّةً واحدةً تماماً في كلِّ سطرٍ وكلِّ عمودٍ.
Image: Syrian Researchers
أدرك أويلر أنَّ حلَّ مشكلةِ الـ 36 ضابطٍ سيعطينا مربّع aGraeco اللّاتينيّ برقعة 6x6. تمثِّلُ الثّنائيّاتِ في هذه الحالةِ رتبةَ الضّابطِ ورقمَ الفوجِ. وهذا من سوءِ حظِّنا، حيث لو كان هناك خمسُ أفواجٍ وخمسُ رتبٍ، أو سبعُ أفواجٍ وسبعُ رتَبٍ لكان من الممكنِ حلُّ المشكلةِ. وقد أدرّكَ أويلر ذلك أيضاً وتنبّأ أنّ مربعاتِ aGraeco اللّاتينيّة ستكونُ مستحيلةً لو أنَّ عدد الخلايا الّتي على جانبِ المربّعِ (أي رتبة المربع) من الشّكل 4k+2 حيث k عددٌ صحيحٌ (4*1 + 2 = 6). ولكن لم يتم إثباتُ أنَّه على خطأ حتّى عامَ 1960. وقد سخّرَ كلٌّ من الرّياضيِّينِ Bose وَ Shrikhande وَ Parker الحواسِيبَ لبرهنةِ أنَّ مربّعاتِ aGraeco اللّاتينية قابلةٌ للحلِّ بالنِّسبة لكلِّ الرُّتبِ ماعدا 2 وَ6.
إذاً لماذا نذكر هذه المسألة على أنّها فشلٌ لأويلر كما بدت للوهلةِ الأولى، وليس نجاحاً له؟ لأنّه وكما عوّدَنا أويلر، فقد عملِ كثيراً على هذه المسألةِ ولم تكن فقط مجرَّدَ تكهناتٍ. لقد ألهمت مسألةُ الـ 36 ضابطٍ أويلر للعمل على المربّعاتِ اللّاتينيّة ومربّعاتِ aGraeco، ومن ضمنها مسائلَ قريبة للسّودوكو الّتي نعرفها اليوم. كما قد قدَّمت مساهماتٍ مهمّةً في مجالٍ من الرّياضياتِ يُدعى التّوافقيّة، وهو عبارةٌ عن دمجِ الأغراضِ بطرقٍ تحقَّقُ شروطاً معيّنةً، ولها تطبيقاتٌ عديدةٌ في الحياةِ الواقعيّةِ.
المصدر:
هنا