صمم بيتهوفن وقدرته المستمرة على التأليف
الموسيقا >>>> موسيقا
- دَرَسَ بيتهوفن الموسيقى مَعَ هايدن وهوَ في أواسِطِ العشرينات، واشْتُهِرَ ببحثه الموسيقيّ وعزفِه للبيانو.
-حياة بيتهوفن: 1770-1802
-عندما دخلَ سِنّ الثّلاثين، أَلّفَ سيمفونيّتَهُ الأولى ومعزوفاتِ كونشيرتو للبيانو. بَدَا كلُّ شيءٍ ورديّاً لذلكَ الرّجلِ الفتيّ، فكلُّ الدّلائلِ تُشيرُ إلى مستقبلٍ فنيّ لامعٍ ينتظره.
وفجأةً؛ صارَ يَسمعُ صوتَ طنينٍ في أذنيه، مُنذراً بحدوثِ تغييرٍ جذريّ في حياته.
-عُمرُ بيتهوفن عندما بدأَ سَمعه يَخِفّ:
عندما كانَ في حوالي السّادسةِ والعشرين؛ بدأَ بيتهوفن يَسمعُ أزيزاً وطنيناً في أذنيه. وفي عام 1800 عندما دخلَ عَقْدَه الثّالث؛ بعثَ برسالةٍ من فيينا إلى صديقه الذي كانَ يعملُ طبيباً في بون مُوَضّحاً معاناتَه:
" في السّنواتِ الثّلاثِ الأخيرة، أصبحَ سمعي يتناقصُ بانتظام. أستطيعُ إعطاءَ فكرةٍ عن هذا الصّمَمِ الغريب، فعندما أكونُ على المسرح، عليّ البقاءُ قريباً جدّاً من الأوركسترا حتى أتمكنَ من فَهْمِ أداءِ العازفين، إذْ لا أستطيعُ سَمَاعَ العلاماتِ الموسيقيّةِ أو صوتَ المُغنيين عندما أكونُ بعيداً عنهم... أحياناً أكادُ أسمعُ الناسَ الذينَ يتحدثونَ بصوتٍ منخفض. أستطيعُ سماعَ صوتهم، ولكنْ لا يمكنني تمييزُ الكلمات. وبالكاد أطيقُ تَحَمُّلَ سماعِ صوتِ أحدِهِم عندما يصرخ".
حاولَ بيتهوفن إخفاءَ ذلكَ الأمر عَنِ الأشخاصِ المُقربينَ منه؛ إذْ كانَ يخافُ دمارَ مهنتِه في حالِ عَرَفَ أحدٌ منهم بحالته.
"تَجنبّتُ كلَّ الجلساتِ الاجتماعيةِ مَعَ النّاسِ لمدّةِ سنتين؛ إذْ كانَ مِنَ الصّعبِ عليّ إخبارُهم (أنّني أصَمّ)".
"كانَ الأمرُ ليكونَ سهلاً لو أنّني كنتُ أنتمي لأيّة مهنةٍ أخرى، لكنّ حالتي هذهِ مرعبةٌ في مهنةِ الموسيقى".
في إحدى المراتِ كانَ بيتهوفن في جولةٍ مع صديقٍ له حولَ المدينة، عندما شاهدا راعي أغنامٍ يعزفُ على المِزمار. استطاعَ بيتهوفن حينَها أنْ يَستشعر مِنْ وجه صديقه وجودَ موسيقى جميلةٍ تصدحُ في الأجواء، لكنّه لمْ يتمكنْ من سماعها. يُقالُ أنّ بيتهوفن تغيّرَ مِنْ بَعدِ تلك الحادثةِ التي جعلتْه يواجهُ صممَهُ للمرة الأولى.
كانَ بيتهوفن قادراً على السّمَعِ إلى أنْ بلغَ سنّ الثانيةِ والأربعين وفيها فَقَدَ سمعه بشكلٍ كليّ؛ الأمرُ الذي كانَ مدمراً للغاية بالنسبةِ له.
-سبب صمم بيتهوفن:
كانَ السّببُ الرئيسيّ لفقدانِ سمعِ بيتهوفن مجهولاً، وقد وُضِعَت عدةُ فرضياتٍ لذلك، فمنها ما يُرجّحُ أنَّ السببَ عائدٌ إلى مرضِ الزّهريّ أو التّسممِ بالرّصاص أو الحمّى النّمَشيّة، أو لربّما بسببِ عادته بغَمر رأسه في المياهِ الباردةِ ليبقى مُستيقظاً.
ادعّى بيتهوفن إصابتهُ بنوبةٍ من الغضب في عام 1798 بسببِ مقاطعةِ أحدِهم له أثناءَ عمله، إذ سَقطَ عندها على الأرض ليجدَ نفسَه أصَمّ بعدَ وقوفه. وفي مراتٍ أخرى لامَ مشاكلَه الهضمية، إذْ كانَ يعاني مِنَ الإسهال الّذي ما انْفَكّ يصيبُه بالضَّعْفِ العامّ.
عندَ تشريحِ جثّتِه اتضّحَ أنّه كانَ يعاني مِنْ تَضَخُّمٍ في أذنه الداخليةِ الأمرُ الذي طوّرَ آفاتٍ عليها على مرّ الزمن.
بعدَ عام 1822 توقفَ بيتهوفن عن محاولاتِه لمعالجة أذنَيْه، بعدَ أنْ جرّبَ عدداً كبيراً من الأساليب، منها الترومبيتُ الخاصُّ بالسّمَع.
مثال للأدوات التي استعملها:
Image: SYR RES
-كيف تمكنَ بيتهوفن من تأليف الموسيقى رغم معاناته من الصمم؟
ظلّ بيتهوفن يسمعُ ويعزفُ الموسيقى لثلاثةِ عقودٍ من حياته، لذا فإنّه يعرفُ ماهيّةَ أصواتِ الآلاتِ الموسيقيةِ وكيفيةَ عملِها مجتمعة، كما أنّ تَدَهْورَ صممهِ حدثَ بشكلٍ بطيءٍ وتدريجيّ ولمْ يكنْ مفاجئاً، لذا كانَ بإمكانهِ تَخَيُّلُ المُؤَلّفاتِ تُعزَفُ في عقله.
-هل كان لصمم بيتهوفن تأثيرٌ على مؤلفاته؟
نعم، في أعماله الأولى عندما كانَ قادراً على سماعِ المجالِ الكاملِ للترددات؛ كان يَستخدمُ النغماتِ الحادةَ في مُؤلَّفاته. ولكنْ عندما بدأ سَمعه بالانخفاض، أصبحَ يَستخدمُ النغماتِ المنخفضةَ ليستطيعَ سماعَ عملِه بوضوح. وكانَ قد كتبَ في تلك الفترةِ 6 سمفونياتٍ وأعمالاً تضمّنت "Moonlight Sonata" وعملَه الأوبراليّ الوحيد "Opera Fidelio".
عادت النغماتُ الحادةُ في نهايةِ حياته بعدَ أنْ تبلورت مخيّلتُه التأليفيّة.
-هل استمرّ بيتهوفن بالعمل؟
نعم، لكن كانَ الأمرُ ينتهي بتحطيمِ العديدِ مِنَ البيانوهات بسببِ ضربِه للمفاتيح بعنفٍ حتّى يُصبحَ بمقدوره سَمَاعُ النغمات.
أعمالٌ خَصَّت تلك الفترات:
-"القدر يقرع الباب" من السّوناتا رقم 32 التي أُلِّفت في عام 1804؛ وكانت تشيرُ إلى فكرة فقدانِ السّمَع القاسي الذي كان يخشى منه.
-عملٌ لبيتهوفن كتبه عام 1826 بعد إصابته بالصمم أصمّ، وهي مُؤلّفةٌ بالكامل من خياله.
المصدر:
هنا