سلسلة أصل الحكاية.. هانسل وغريتل (بيت الحلوى)
الفنون البصرية >>>> أصل الحكاية والاسم
Image: huffpost
تمَّ جمعُ الحكايةِ وتوثِيقها من قِبل الأخوين غريم في أوائلِ القرنِ التاسعِ عشر. وتشبهُ القصةُ العديدَ من قصصِ الأطفالِ التي كانت معروفةً حولَ أوروبا خلالَ العديدِ من القرون. ويعزو الكثيرُ من الباحثين نجاحَ الحكايةِ إلى مسرحيةِ الأوبرا التي رَوت قصةَ هانسل وغريتل عام 1893. وتُعدُّ الأوبّرا نسخةً أخفَّ وقعاً على المُشاهِدِ حيث حُذِفَ بشكلٍ كاملٍ المقطعُ الذي يحكي عن تخلّي الأهلِ عن طفليهما في الغابة. إلا أنّ المسرحيةَ حصدت نجاحاً باهراً منذ بداية عرضِها في مدينةِ ميونيخ. وحتى اليوم لازالت العروضُ تقدّم هذه الحكايةَ حسبَ الطلب، كما وتتوفّرُ تسجيلاتٍ لعروضٍ يمكن الاستماعُ لها أو مشاهدتُها.
ومن أقربِ الحكاياتِ الخياليّة لقصةِ هانسل وغريتل حكايةُ "عقلة الإصبع" أو الإصبعُ الصغيرُ، والتي تحكي قصةَ طفلٍ صغيرٍ هو الأصغرُ بين سبع إخوة، وكما هانسل وغريتل يتخلى عنه أهلُه لقلّةِ الطّعام المتوفّر وضيقِ العيش. ويتّسمُ الأطفالُ في هذه القصصِ بالذكاءِ والقدرةِ على التغلّبِ على الظروفِ السّيئةِ التي يمرّون بها. فبرغم قسوةِ الموقفِ المتمثّلِ بتخلّي أهلِهم عنهم في غابةٍ موحشةٍ يقومُ الأطفالُ بجمعِ حصىً من الطريقِ لرميِها أثناءَ رحلتِهم، ومن ثمَّ إيجادِ مخرجٍ من الغابةِ والعودةِ إلى المنزلِ متتبّعين أثرَ الحصى. إلا أنّ زوجةَ الأبِ الشريرةَ، التي تقفُ وراءَ طردِ الأطفالِ من منزلهِما، تحبسُ هانسل وغريتل في غرفتِهما في اليوم التالي لمنعِهما من جمعِ الحصى، فيقومُ الطفلانِ باستخدامِ قطعِ الخبزِ الصغيرة. ولكنْ في الرحلةِ الثانية تأكلُ الطيورُ قطعَ الخبز فيضيّع الصغارُ طريقَ العودة.
وفي المقطعِ الأشهرِ من الحكايةِ يصادفُ هانسل وغريتل منزلاً مكوّناً من الحلوى والسكاكر بعدَ أن يتوها في الغابة. ولشدّة جوعِهما ينهمكُ الطفلان بأكلِ أجزاءٍ من المنزلِ ولا يترددا بقبولِ دعوةِ السّاحرةِ لدخولِ المنزلِ وأكلِ المزيد، لكن يكتشفُ هانسل وغريتل متأخرَين نوايا الساحرةِ آكلةِ لحومِ البشر حينَ تقومُ بحبسِ هانسل وإجبارِ غريتل على تنظيفِ المنزلِ وإطعامِ أخيها حتى يسمَن جيداً وتتمكن من أكلِه. ومرةً أخرى يتصرّف الطفلان بذكاءٍ يفوق سنَّهما حين يستخدم هانسل عظمةً نحيلةً لخداعِ الساحرةِ قصيرةِ النّظرِ وإيهامِها أنّه لم يسمَن بعد. أما غريتل فترفضُ أوامرَ الساحرةِ بدخولِ الفرنِ وتتظاهرُ بأنّها لم تفهم قصدَها ثم تدفعُها من الخلف وتترك المرأة العجوز لمصيرٍ مؤلم. في نهايةِ الحكايةِ يعودُ الطفلان لوالدِهما وتموتُ زوجةُ الأب بظروفٍ غامضة ممّا يشير إلى علاقتِها بشكلٍ أو بآخرَ بالساحرةِ العجوز.
Image: nls.uk
تقولُ فاليري أوغدن في مقالِها "القصصُ الحقيقيةُ وراءَ القصصِ الخياليةِ الكلاسيكية" أنّه بالرّغم من أنّ حكايةَ هانسل وغريتل كانت تُروى لتخويفِ الأطفالِ من التجوالِ بعيداً عن المنزلِ إلا أنّ المجاعةَ الكبرى التي وقعت في أوائلِ القرنِ الرابع عشر في أوروبا ودمرتْ غالبيةَ أوروبا وبريطانيا جالبةً المرضَ والموتَ الجماعيَّ وقتلَ الأطفالِ وأكلِ لحومِ البشرِ قد دفعت بعضَ الأهالي اليائسين للتخلّي عن أطفالِهم وذبحِ الحيواناتِ التي يستخدمونها للأعمالِ الشاقة. وفي احتمالٍ آخرَ تعتقدُ أوغدن أنّ هانسل وغريتل الحقيقيين قد صادفا منزلَ الخبازةِ الماهرةِ كاثرينا شرادرين التي ابتكرت في القرن السابع عشر وصفةً خاصةً لكعكةِ الزنجبيل (بالعسل الأسود والزنجبيل) مما أثارَ غيرةَ أحدِ الخبّازين فاتّهمها بأنّها ساحرة، وطردّها أهلُ القريةِ بعدّ ذلك ثم لاحقوها وأعادوها إلى منزلِها وقاموا بحرقِها في فرنها.
وتعتبر هانسل وغريتل واحدةً من بين العديدِ من قصصِ الأطفالِ المنبوذين التي تنتشرُ في رواياتٍ مختلفةٍ حولَ العالم مثل "الأطفال الضائعون" و"المرأةُ العجوزُ المتذمرة" و "جوني وغريزيل" و"الطفلان والساحرة". وتشتركُ هذه الحكاياتُ بشخصيةِ الساحرةِ العجوزِ وشخصيةِ زوجةِ الأبِ الشريرة، إضافةً إلى الحبكةِ التي تدورُ حولَ هَجْرِ الأهلِ لأطفالِهم بسببِ الفقر، إلا أنّها وكغيرِها من الحكاياتِ الخياليةِ تهدفُ لترسيخِ درسٍ مهمٍّ لدى الأطفال وهو أنه ليس كل ما يلمعُ ذهباً، وأنّ المظاهرَ غالباً ما تكونُ خادعةً.
المصادر
هنا
هنا