هل يتسع مهبل المرأة عند ممارسة الجنس؟
التوعية الجنسية >>>> الحياة والحقوق الجنسية والجندرية
- مهبلَ السيّدة العذراء (المرأة التي لم تمارس الجنس المهبليّ سابقاً) ضيّقٌ جداً.
- فقدانَ العذريّة يوسّع مهبل المرأة.
- ممارسةَ الجنس بشكلٍ مستمرّ توسعُ المهبل أكثر.
- الإنجابَ يوسِّع المهبلَ بشكلٍ كبيرٍ وغيرِ قابلٍ للعودة.
أمّا الحقيقةُ فهي مختلفةٌ تماماً. لكن بدايةً، هل تعرف أصلاً أيّ جزءٍ من جهازِ التناسلِ الأنثوي هو المهبل؟
المهبلُ هو القناةُ الاسطوانيّةُ التي تصل بين عنقِ الرحم والوسطِ الخارجيّ. ببطانةٍ رطبة وليّنة تؤمِّن أداءَ وظيفتها باستيعاب القضيبِ الذكريِّ أثناء ممارسة الجنس الغيريّ، وتأمينِ المواد المرطِّبة. يتفاجأ البعضُ ويظنُّ أنّ للمهبل دوراً سحريَاً آخرَ، لكن في الحقيقة، فهو لا يملك دوراً غير ذلك.
ويتكوّن من طبقةٍ عضليّةٍ، يليها نسيجٌ يحتوي على الأوعية الدمويّة ومن ثمَّ تأتي الطبقةُ المبطّنة المخاطيّة، ولا ننسى احتواءه على العديد من النهايات العصبيّة المساهِمة في الإثارةِ الجنسيّة. أمّا ما يميُّزه بشكلٍ كبير فهو غناهُ بالألياف المرنة، وهي الأليافُ التي تساعده على التوسّع للتكيُّف مع وظائفه، حيث يتّسع في لحظةِ الولادة لرأس الطفل المقدّر بحوالي 35 سم، وهو ما يوضّح درجة مرونةِ هذا العضو! ويُحكى أيضاً في هذا السياق عن تأثير "البالون" أو "الخيمة" الذي يصفُ قدرةَ المهبل على الاتساع لأيّ قضيبٍ ذكريٍّ مهما كان حجمُهُ، شريطةَ أن تكون المرأةُ مثارةً ومسترخية.
إذاً ما هو قياسُ هذا المهبل الذي نتحدّث عن اتساعه أو ضيقه؟
في عام 1991 نشرت مجموعةٌ من ثلاثة باحثينَ ورقةً بحثيّةً وصفت طريقةً لصب قالبٍ للمهبل باستخدام الموادِ المستخدمةً عادةً في طبعاتِ الأسنان. وباختصار، يتمّ حقن السائل في مهبل المرأة، تنتظر عشرَ دقائقَ، ثم بمساعدة مرطّب جنسيّ، وبالقيامِ بحركات القرفصاء والدفع، وباستخدامِ السدادات القطنية، يتمّ إزالة القالب. على الرغم من أنّ هذه الورقة شملت اثنتين فقط من المشاركات، قام هؤلاء الباحثون (بالإضافة إلى اثنين آخرين) بنشر دراسةٍ أخرى فحصت القوالبَ المهبليةَ لـ 39 امرأة. عند هؤلاء النساء تراوحَتِ الأطوالُ المهبليةُ ما بين 7 إلى 15 سنتيمتراً تقريباً، بأقطارٍ تتراوح بين 2.4 و 6.5 سم. وصنَّفت دراسةٌ لاحقة تنوّعَ الأشكال المهبلية: المخروطية، متوازية الجانبين، القلب، السبيكة، وبذور اليقطين. (لا أستطيع أن أكون الوحيد الذي يأمل أن يبدو المهبل مثل بذور اليقطين بدلاً من سبيكة.)
وإذا كنت تفكرين في أنّه ربما كان مهبلك فوقَ المتوسِّط، خصوصاً بوجود دليلٍ أنَّ قضيباً بطول 18 سم يمكن أن يصلحَ في المهبل الخاص بكِ، فتذكّري أن هذه الدراساتِ تُجرى على النساء غيرِ المثارات جنسيّاً، فجدار المهبل يطولُ خلال الإثارة وزيادةِ تدفق الدم، دافعاً عنقَ الرحم والرحم إلى الأعلى. كيف لنا أن نعرف هذا؟ حسناً، أشرطة الجنسِ المصوّرةُ بالرنين المغناطيسي قد أظهرت ذلك!
وبطبيعة الحال، لا تتمكّن القوالب دائماً من التقرّب من العضو المدروس. في عام 2006 استخدمت مجموعةٌ من الأطباء والباحثين التصويرَ بالرنين المغناطيسي في محاولةٍ لتحديد قياس المهبل الطبيعي بشكلٍ أدق. ومرّةً أخرى وجدوا أنّه "لا بُعدَ واحداً يميّز شكلَ المهبل البشري".
Image: http://www.doublexscience.org/wp-content/uploads/2013/04/Pelvis_113721.jpg
قبل هذه الدراسات كانت معرفةُ تشريح الحوض لدى الإناث تستندُ إلى حدٍّ كبيرٍ على الوصف القديمِ لعددٍ قليلٍ من جثث الإناث. ققد استغرقَ الأمرُ وقتاً طويلاً ليصبح علمُ تشريح الإناث مثيراً للاهتمامِ بما فيه الكفاية لإجراء دراسة جادّة عنه!
Image: http://www.doublexscience.org/wp-content/uploads/2013/04/Obstetrical_examination_1822-752x1024.jpg
نعودُ الآن إلى نقطتنا! مهبلِ المرأة، ذو البنية العضليّة والمرنة والذي يقدّر وسطياً بـ 13 سم عند الإثارة الجنسيّة، هل يتوسّع حقّاً جرّاء ممارسة الجنس؟
تخيّل جورباً تشدُّ فتحتَه يدانِ من الجهتين لنضع فيه منشفةً لليدين. الجوربُ هو المهبل، والمنشفةُ هي العضو الذكريّ، واليدان هما العضلاتُ التي تشدُّ المهبلَ إلى جدار الحوض. تتميّز هذه العضلات بكونها مرنةً جداً، مثل الأكورديون، أو كالفم!
الآن جرّب هذا: شدّ فمَك باتجاه أذنيك من الجهتين لمدّة ثم اتركه، ماذا يحدث؟ يعود الفمُ إلى شكلِهِ الأصلي بسبب المرونة. افعلها الآن 100 مرّة. لن يتمدَّد فمك للأبد! بل أضف على ذلك أنّ أحداً لن يعرف أنّك مدَّدتَ فمك!
الأمرُ نفسه ينطبق على المهبل، باستثناء حالتين سنُدرجهما لاحقاً. عندما يكونُ المهبلُ في حالة الراحة، أي طوالَ الوقت خارج الولادة أو الإثارة الجنسيّة، تكونُ هذه العضلاتُ مشدودةً بإحكامٍ كالأكورديون المغلق. القلقُ مثلاً يجعل هذه العضلات مشدودة أكثرَ حتّى، لذلك تعاني الفتياتُ الصغيراتُ صعوبةً في إدخالِ السِّداداتِ القطنيّةِ المستعملة خلال الدورة الشهرية، حيث يكونُ نسيج المهبل لديهنَّ مشدوداً جدّاً، ولذلك عندما تشعر الفتاة بالقلقِ يصعب عليها لمسُ نفسها أو إدراجُ أيِّ شيءٍ بسبب هذا التقلّص العضليّ.
أمّا عندما تصبح المرأة مثارةً جنسيّاً، تسترخي العضلاتُ المهبليّة، معطيةً شعوراً ممتازاً. في الأصل، هذا سلوكٌ تطوريٌّ لتسهيل التكاثرِ، فوجود مهبلٍ ضيّقٍ ومتقلّص سيصعِّب الجنسَ المهبليَّ وبالتالي التكاثر، لذلك تطوّرت النساء لتكون عضلاتهن المهبليّة مسترخيةً أثناء ممارسةِ الجنس لتسهّل دخول العضو الذكريِّ وترفعَ احتمال الإلقاح. ومع ذلك فإنّ كلّ هذا الاسترخاءِ لا يجعل فتحةَ المهبلِ واسعةً كما يحدث في حالة الجورب، بل يسترخي المهبلُ من الداخل ليفسح المجال لدخولِ إصبعٍ أو اثنين.
بناءً على ذلك، إذا كان مهبلُ المرأة ضيّقاً جدّاً أثناء ممارسة الحبّ، فهناك واحدٌ من احتمالين:
- إمّا أن تكون المرأةُ غيرَ راغبةٍ بممارسة الجنس أصلاً.
- أو أنّها لم تحصل على تحضيرٍ كافٍ يسمحُ باسترخاءِ المهبل لديها بما يكفي لإيلاجٍ سلس.
لذلك فإنَّ محاولةَ رجلٍ ممارسةَ الجنس مع امرأةٍ قبل إثارتها تماماً، حتّى يسترخي المهبلُ ويصبح رطباً، يُعدُّ نقصاً في المعرفة الجنسيّة، فالمرأة تحتاجُ تقريباً إلى 30 دقيقةٍ على الأقلّ من الملامسات الجنسيّة، كالتقبيل والمعانقة وتدليك المهبل حتّى تصبح جاهزةً للجنس المهبليّ. هذا هو سببُ أهميّة القيام بتجربةٍ جنسيّة تشمُلُ كاملَ الجسد وتحمل المشاعر والحب، فهي مهمّةٌ لكلا الجنسين لأجل علاقةٍ جنسيّةٍ ناجحة، كما أنّها تفسح المجالَ لإنتاجِ كميّة كافية من السوائل المرطبة في مهبلِ المرأة. بمعنىً آخر، الحلّ لضيق المهبل هو المزيدُ من المداعبة، وإذا لمِ يكفِ ذلك، بإمكانكم الاستعانة بسائلٍ مرطِّبٍ مخصّص.
ملاحظةٌ أخيرة: إذا عانت المرأة من ألمٍ أثناء الجنس المهبليّ، أو أثناء إدخال السِّدادات القطنية، فقد يكون السببُ هو حالةُ "التشنّج المهبلي"، وهو انقباضٌ غير اعتياديٍّ لعضلات المهبل. فإذا شككتِ بالأمر استشيري طبيبكِ فوراً.
ولكن الآن ماذا؟ هل يتوسّع المهبل للأبد؟
بعد الاسترخاء خلال الجنس تعودُ العضلات المهبليّة للتقلّص من جديد بشكلٍ طبيعيّ، ولا تؤدي ممارسةُ الجنس المهبليّ لإحداثِ توسّعٍ دائمٍ في المهبل. هذه الحادثة: توسّع المهبلِ أثناء الجماع ثمّ عودته إلى التضيّق بعدها ستحدثُ في كلِّ مرّة، بغضّ النظر عن تواتر ممارسةِ الجنس لدى المرأة، ففي كلّ مرّة سيعودُ المهبل لوضعه الأوليّ.
إذا لم يكن حجم المهبل هو القضيّة، فما هي إذاً؟
إنّ هذا القلق حيالَ الحجمِ هو المبدأُ الخاطئ في الحقيقة، فالحصولُ على تجربة جنسيّة مُرضِية مرتبطٌ بالترطيب والإثارة والعلاقةِ الجيّدة بين الشريكين، لا بخرافةٍ كهذه. في دراسةٍ نُشرت في مجلّة علم الطبّ النسائيّ والبوليّ لعام 2010 حاول الباحثون معرفة فيما إذا كان هناك ارتباطٌ بين طولِ المهبلِ والرضا الجنسيّ، من خلال دراسة 500 امرأةٍ بعمر الأربعين طبيّاً واستفتاء رأيهنَّ أيضاً. اكتشف الباحثون خلالها أنّ الرغبة أو الإثارة أو الألم ليسوا متعلّقين بحجم المهبل. بل على العكس، الأمور الوحيدة التي يمكن ربطها بضعف النشاط الجنسيّ هي التقدّمُ بالعمر، وارتفاعُ مؤشر كتلة الجسم (المرتبطِ بزيادةِ الوزن) وعدم توافر علاقة متينة بين الشريكين. وقالت المشرفةُ على البحث أنَّ ما نبحثُ عنه كبشرٍ ليسَ توافقَ أحجام أعضائنا فيزيائياً حتّى نحصل على التجربة المرضية، بل هو التواصلُ بين الشريكين والتأكد بأنّ كليهما يحصلان على ما يحتاجان ليشعرا بالراحة.
وماذا عن الحمل؟ فهو يوسّع المهبل إلى حدٍّ كبير! هل يعود المهبل لشكله الأوّل؟
نعم، في الحالة الصحيّة والطبيعية يعود المهبل لشكله الأول، خصوصاً لدى الشابّات في بداية العشرينات، حيثُ يعودُ خلال ستّة أشهر إلى وضعه الأوّل قبل الإنجاب.
ولكن الآن حان وقت الاستثنائَين الذين تم ذكرهما سابقاً. في بعض الحالات الاستثنائية لا يتمكّن المهبل من العودة للشكل الأوّل. الحالة الأولى: وهي التوسيع غير الاعتياديّ (كحالة الولادة) عدّةَ مرّات، حيث وبمرور الوقت يُصيبُ التعب هذه الأنسجةَ المرنة، ولا تستطيع الانكماشَ مجدّداً بشكلٍ كامل. هذا ما يحدث للنساء الشابّات بولاداتٍ متعدّدة، حيث تتعب لديهنّ عضلات المهبل ولا تتقلّص بشكلها الكامل. أمّا الحالة الأخرى فهو التعبُ العضليُّ المترافق مع الكِبر، وهو يحدث لدى الجنسين وفي جميع عضلات الجسم كما نعلم، حيث تتعب معها عضلاتُ مهبل المرأة حتّى ولو لم تنجب سابقاً. وإذا ترافق هذا التقدّم بالعمر مع إنجابٍ متأخّر، تُظهِر العضلات قدرةً أقلَّ على استعادة وضعها الأوّلي. ولكنّ ذلك يتبع أيضاً بعض الاختلافات الفرديّة، حيث تحدث لدى البعض، ولا تحدث عند البعض الآخر.
كما ترون، فحتّى الاستثناءاتُ السابقة لم تشمل أيَّة امرأةٍ شابّةٍ توسّع مهبلها فقط بسبب ممارسةِ الجنس! للأسف، فإن الأسطورة المتعلّقة بتوسّع المهبل عند ممارسة الجنس متأصّلةٌ جدّاً، وقد نسمع القصص والحكايا من هنا وهناك. في الحقيقة لم نأتِ لمجادلة التجارِبِ والقصص في هذا المقال، نحن نتحدّث هنا عن علم وظائف الأعضاء، فما رأيكم؟
المصادر:
1 - هنا
2 - هنا
3 - هنا
4 - هنا
5 - هنا