فئران فضائيّة تمهّد الطّريق لصنع أوّل مستعمرةٍ بشريّةٍ
البيولوجيا والتطوّر >>>> منوعات بيولوجية
ويُعلِّقُ ستيفن بيك (Steven Peck)، عالمُ الأحياءِ وأخصائي علم الأحياءِ الأخلاقيّةِ في جامعة بريغهام يونغ (Brigham Young University) في بروفو بولاية يوتا، والّذي لم يشارك في الدّراسةِ: "هذا العملُ مهمٌّ بشكلٍ هائلٍ".
فما قام به الباحثونَ هو أنَّهم أرسلوا بقيادةِ تيروهيكو واكاياما (Teruhiko Wakayama)، عالمُ الأحياءِ في جامعةِ ياماناشي (the University of Yamanashi) في كوفو باليابان، حيواناتٌ منويّةٌ مجفّفةٌ ومجمّدةٌ أُخذت من 12 فأرًا في رحلةٍ على متنِ محطّةِ الفضاءِ الدّوليّةِ في عام 2013 م. وقامَ روّادُ الفضاءِ بوضعِ العيّناتِ في المُجمِّدِ عندَ درجةِ الحرارة -95 درجة مئويّة، وبقيت كذلكَ لمدّةِ 288 يومًا. ومن ناحيةٍ أُخرى على الأرضِ، قامَ الفريقُ بتخزينِ حيواناتٍ منويّةٍ من نفسِ الفئرانِ في نفسِ درجةِ الحرارةِ ولنفسِ الفترةِ من الزّمن.
وعندما عادت العيّناتُ الفضائيّةُ إلى الأرضِ، بحثَ واكاياما وزملاؤه عن علاماتِ تلفِ الحمضِ النّوويِّ فيها والنّاجمِ عن الإشعاع. وكما هو مُتوقَّعٌ، أظهرت الحيواناتُ المنويّةُ الّتي كانت في محطةِ الفضاءِ الدّوليّةِ، والمُعرَّضَةِ لمستوياتٍ أعلى من الإشعاعِ الفضائيِّ لكونِها بالقربِ من المحطةِ، نسبةً أكبرَ لتجزئةِ الحمضِ النّوويِّ أكثرَ من تلكَ الّتي أظهرتها الحيواناتُ المنويّةُ الّتي ظلَّت على الأرض. وهذا التَّلَفُ من الحمضِ النّوويِّ، والّذي كان من المستحيلِ على الخلايا المُجمَّدَةِ أن تقومَ بإصلاحِه، كان قد ارتبط بمصاحبةِ انخفاضِ مستوياتِ الخصوبةِ. ومع ذلك قامَ العلماءُ بحقنِ الحيواناتِ المنويّةِ الفضائيّةِ في بويضاتٍ طازجةٍ للفئران وبعد ذلكَ تمَّ نقلُها إلى أمَّاتٍ متفرّقة. وكانت المُفاجأةُ، أنَّه وبعد حوالي 3 أسابيع، أنجبَت إناثُ الفئرانِ 73 من "فئران الفضاءِ الصّغيرةِ"، وهو حوالي نفسُ العددِ الّذي كان متوقَّعاً من الحيواناتِ المنويّةِ العاديّةِ، وقام الفريقُ بنشرِ نتائج تجاربهم في (Proceedings of the National Academy of Sciences) بتاريخِ 20 نيسان 2017 م. ويقولُ واكاياما: "إنّها المرّةُ الأولى الّتي تُجرى فيها تجربةٌ كهذه لأيِّ نوعٍ من الثّديّيات".
والّذي قد أظهره واكاياما وزملاؤه أنّ الفئران الّتي نتجت من الحيواناتِ المنويّةِ التّجريبيّةِ كانت خصبَةً وصحّيةً، ولم تكن هناك اختلافاتٌ جينيّةٌ واضحةٌ بين الفئرانِ الفضائيّةِ وأقرانهم في مجموعةِ التّحكّم. وقد كتبَ الفريق البحثيُّ أنَّ نتائجَ الدّراسةِ تُشير إلى أنَّ ضررَ الحمضِ النّوويِّ تمَّ إصلاحُهُ بعد الإخصابِ، وأنَّه ليس له "أيُّ تأثيرٍ نهائيٍّ" على الذُّريّة.
ويعدُّ هذا الخبرُ جيّدًا، ليس فقط لفئرانِ الفضاءِ الصّغيرةِ، بل أيضًا لكثيرٍ من روّادِ الفضاءِ من البشرِ الّذين ذهبوا في رحلاتٍ فضائيّةٍ، فلا مشكلةَ الآن في أن يُصبحوا آباءَ بعدَ قضاءِ بعضِ الوقتِ في الفضاءِ. ولكنَّ الفريقَ يُشيرُ إلى أنَّهُ لا يزالُ هناك الكثيرُ للقيامِ به قبلَ أن يبدأ روّادُ الفضاءِ بحزمِ أمتعتهم إلى المرّيخِ. فمازالَ العلماءُ بحاجةٍ إلى دراسةِ حيواناتٍ منويّةٍ تكونُ قد بقيت في الفضاءِ لفتراتٍ زمنيّةٍ أطول، وتنتمي لأنواعٍ أخرى من الثّديّيات. ويضيف عالم الأحياءِ الفيزيائيّةِ فرانسيس كوسنوتا (Francis Cucinotta) من جامعة نيفادا (the University of Nevada) في لاس فيغاس، والّذي لم يُشارك في الدّراسةِ: "كما أنّهم بحاجةٍ إلى إجراءِ دراساتٍ في ظروفِ الفضاءِ السّحيقِ الأكثرِ واقعيّة. فإنّ الإشعاعِ الأكثرَ إلحاقًا بالضّررِ يقعُ خارجَ الدّرعِ الجيومغناطيسيِّ للأرض، أي ما هو أبعدُ من مدارِ محطّةِ الفضاءِ الدّوليّةِ. فهناك مخاطرُ أعلى بكثيرٍ في الفضاءِ السَّحيقِ".
المصدر: هنا
الورقة البحثية: هنا