لماذا تفشل بعض المشاريع الصغيرة بينما يستمر بعضها الآخر؟
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> العلوم الإدارية
إذاً؛ لضمان استمرار مشروع ما، من الضروري فهم الأسباب التي قد تُفشِلُ المشروع، وإمكانيّة تجاوز العقبات أو استثمارها جيّداً، وتتنوّع تلك الأسباب بين شح التمويل، واختيار فريق غير مؤهل وضعف البنى التحتيّة للمشروع، وهذا ما سنفصّل فيه:
1 -شحُّ التمويل
يرجع فشل نصف عدد المشاريع الصغيرة ضمن هذا المجال إلى أسباب تتعلق بالتمويل الأولي، إذ يكمن الفرق بين المؤسِّس الناجح وغيره في معرفة التفاصيل المالية لاستمرار مشروعه والتي تتنوّع بين تكاليف مباشرة كرواتب الموظفين وغير مباشرة كتلك المتعلّقة بكلفة اللوجستيات والتسهيلات، فبينما يكون المؤسسون الناجحون على درايةٍ تامّة بتلك التفاصيل، يجهل مؤسسو المشاريع الفاشلة موضوعَ الموارد وعائدات الشركة، مما يؤدّي بالنتيجة إلى توقّف الشركة عن العمل.
وبالإضافة إلى ثغرة التمويل؛ يغفل بعض المؤسسين عن تسعير الخدمات والمنتجات، إذ تلجأ بعض الشركات إلى تقديم عروض أسعار أقل من الشركات الأخرى المنافسة لها في محاولةٍ لجذب زبائنَ آخرين. وعلى الرغم من نجاح هذه الطريقة في بعض الحالات، تبقى أسعار كثير من الشركات متدنيّة جداً لفترات إلى الإغلاق أو التوقّف عن العمل.
كما تواجه الكثير من المشاريع الناشئة في مراحلها الأوليّة صعوباتٍ تتعلّق بالحصول على التمويل اللازم لطرح منتج جديد، أو للتوسّع أو لتحمل التكاليف العامّة في المشروع، فبينما يبقى المستثمرون الملائكة، أصحاب رؤوس الأموال أو قروض البنك التقليديّة ضمن مصادر التمويل الوافرة المتاحة للمشاريع، فإن عدداً قليلاً من هذه المشاريع يمكنها توليد عائدات أو مسار نمو ثابت لضمان الحصول على تمويل، و دون وجود مصدر تمويل دائم، فلا يبقى أمام تلك المشاريع إلّا التوقّف والإغلاق.
2- ضعف الإدارة
يُعَدُّ غياب أو ضعف التخطيط الإداري أحد الأسباب المهمّة لفشل بعض الشركات أيضاً، إذ ينحصر موضوع التخطيط والإشراف في مؤسِّس المشروع فقط، وخاصةً في السنتين الأوليَين من عمل المشروع، فقد يمتلك ذلك المؤسس المهارات اللازمة لتوليد منتج جديد وبيعه، ولكنّه ربّما يفتقر لسمات المدير القادر على توجيه موظّفيه، وبذلك فإن غياب طاقم إداري متكامل ومتخصص، سيحتّم على المدير التصدّي لمهامّ كثيرةٍ ليست من اختصاصه كالتسويق واختيار الموظفين الجدد، مما سيرفع من احتماليّة الخطأ فيها.
إذاً، نجد أن المدير الناجح يحدد المهام التي لا يمكنه أداءها أو لا يملك الوقت اللازم لإدائها، ويستعين بفريق إداري مكوَّن من أشخاص متخصصين لأداء تلك المهام، إذ يُعَدُّ تكوين مجلس إدارة ناجح أحد أهم الخطوات التي تساعد على استمرار المشروع، ومن المهم للمدير أن يعرف نقاط قوّة فريقه ومدى إتقانهم لعملهم، وإدراكهم لكل ما يحيط بالشركة من متغيّرات.
3- خطّة العمل وضعف البنى التحتيّة
يتجاهل بعض المؤسسون أهميّة بناء خطّة عمل فعّالة قبل البدء بعمل المشروع فعليّاً، إذ تضم الخطّة الفعالة -على الأقل- وصفاً واضحاً للمشروع؛ الموظفين الحاليين والمتوقّعين، وأدوات الإدارة، المخاطر والمتغيّرات المحيطة بالمشروع، والتمويل المطلوب واسترتيجيّة التسويق والتحليل المرافقة للمشروع.
وبذلك، يضع روّاد الأعمال -الذين لا يؤسسون خطّة عمل متكاملة- مشروعهم أمام تحديّات صعبة، وعلى نحو مماثل؛ فإن الخطط الضعيفة أو غير القادرة على مواكبة التغيّرات تؤدي بالمشروع إلى عقباتٍ غير قابلة للتخطّي خلال دورة حياة المشروع.
وبذلك، فكي نتفادى المآزق المرتبطة بخطط العمل، يجب على رائد الأعمال أن يمتلك فهماً كاملاً لمجال عمل مشروعه، والمنافسين المحتملين له، كما يجب وضع خطّة العمل قبل فترةٍ طويلة من طرح المنتج أو الخدمة المقدَّمة من المشروع، وتحديد مصادر العائدات المحتملة أيضاً، كل تلك الخطوات كفيلة بتأسيس شركة ناجحة وقادرة على الاستمرار.
4- ثغرات التسويق
يفشل العديد من روّاد الأعمال في وضع خطّة تسويقيّة تلائم احتياجات الشركة واحتماليّة الوصول في ظل التمويل المطلوب، فعندما يُـساء تقدير التكاليف المترتّبة على حملات التسويق، سيكون من الصعب تحويل جزء من العائدات لتغطية النقص الناتج، ولكون التسويق أمراً هامـاً في مراحل التأسيس المبكّرة، يجب على الشركات تخصيص قسم من التمويل لحملات التسويق الحالية والمتوقّعة.
وفي الوقت نفسه، فإن امتلاك توقّعات واضحة حول هذا التمويل وتكلفة الوصول للزبائن وبيع المنتج هو جانب مهم في نجاح خطة التسويق، ولذلك تواجه الشركات التي تغفل عن أمور التسويق وتكاليفه مخاطر الإغلاق أكثر من تلك التي تخصص وقتاً وتمويلاً كافيَين لوضع خطة تسويق فعالة وناجحة.
ومن ثَمَّ فإن احتمال فشل أي مشروع أو نجاحه يتعلق بالكثير من العوامل التي تتنوّع بين ما يخص المؤسس نفسه، أو فريق العمل، أو حتّى الظروف والمتغيّرات المحيطة بالمشروع.
المصدر
هنا