هل يمكن للمللِ أن يقتلنا حقاً ؟
الطب >>>> مقالات طبية
يسودُ مع قلة الأنشطة اليوميّة في حياتنا شعورٌ عامٌ بالملل ناتجٌ عن الالتزام بإنجاز مهامَّ روتينيّةٍ تفتقر للمتعة وتدفعُ بنا نحو حالةٍ من الفراغ المزعج. ويبدو الملل ظاهرة مرافقةً لجميع مراحل حياتنا ولا سيّما مرحلة المراهقة وقد يؤدي دوراً إيجابياً محفزاً لإيجاد هواياتٍ وأنشطةٍ جديدة، أو سلبياً كعاملٍ مسبّبٍ لاضطراباتٍ اجتماعيةٍ قد تصل إلى الاكتئاب في أكثر الحالات سوءاً. ويبقى السؤال: هل يمكن للملل أن يؤدي إلى الموت؟ على الرغم من أننا لا نعير الملل أهميةً كمشكلة قائمة وإنّما كحالة طبيعية، لكنه قد يسبّبُ ظهورَ سلوكٍ عنيفٍ ومؤذٍ لدى المراهقين خصوصاً. وما حدث في الواحد والعشرين من شهر آب عام 2013 في ولاية أوكلاهوما في الولايات المتحدة الأمريكية يثبت ذلك، إذ تعرّض لاعب بيسبول أسترالي لإطلاق نار أثناء ممارسته للجري من قِبَل ثلاثة مراهقين أعمارهم 15 و 16 و 17 وقد صرّح أكبرهم أنهم أقدموا على ذلك بدافعِ التسلية والتخلص من الملل. ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أن الملل سيحوّل كلَّ المراهقين لأشخاصٍ عنيفي الطبع تدفعهم الرغبة بالتسلية للقيام بأفعالٍ غيرِ مدروسة النتائج على الذات أو الآخرين، وقد تقتصر على اللجوء لوسائل الترفيه الإلكترونية، أوعزلته عن المجتمع الخارجي، أو البحث عمن يشاركه نشاطاتٍ مسليّةٍ ومؤذية في بعض الأحيان. يَصعُب على الأهل كبالغين تفهمُ معاناة أولاهم مع الملل بسبب انشغالهم اليومي ونسيانهم لتجربتهم الخاصة معه على الرغم من أن تزايد شعور الطفل بالملل يعدُّ من العلامات الهامة لبداية المراهقة، و يُلاحَظُ ذلك من خلال تبدُّل سلوك الطفل المُفعمِ بالحماس والنشاط والفضول ليصبحَ ملولاً فاقداً للطاقة الإيجابية التي امتلكها سابقاً، وكثيرَ الشكوى من غياب ما يفعله أو انعدام رغبته بذلك. وكذلك يعاني المراهق من صراعٍ داخلي بين سعيه نحو الحرية التي تخوّله التملّص من واجباته اليومية الرتيبة، و جهله بكيفية استخدام تلك الحرية المطلقة إن امتلكها يوماً. إن التوتر النفسي المرافق لنمط الحياة الروتينيّة يدفع بالمراهق للبحث عن وسائل للتخلص من الملل تندرج في أربعة أفعالٍ أساسية: فعل الاستبعاد: وهو تجاهل ما لا يثير الاهتمام كالالتزام بقوانين قيادة السيارات، والانشغال بأحلام اليقظة. بالطبع لا، فللمللِ قدرةٌ على خلقِ الحافزِ وانتهازِ الفرص وملء الوقت بما هو مفيد كما يُعدُّ الاهتمام به ضرورياً ولذلك على الأهل إتاحةُ الفرصة لأبنائهم ليعيشوا الملل ويحاولوا التغلب عليه، ودعمُهم في محاولاتهم للتخلص منه وتقديم اقتراحات فعّالة تساعدهم إن اقتضى الأمر.
فعل الهروب: تجنّب الواقع واللجوء إلى شكلٍ ما من أشكال التسلية الإلكترونية، وقد يؤدي ذلك إلى الإدمان على ألعاب الفيديو أو وسائل التواصل الاجتماعي.
فعل التجربة: إذ يدفع الفضولُ بالمراهق لتجربة كثير من الأشياء كالمخدرات مثلاً ولا يخفى على أحدٍ ما لذلك من آثار سلبية كالتأثير في الحُكم أو الإدمان.
فعل الإثارة: محاولة المجازفة والسعي لكسر النمطية وإن كان ذلك يعني خرقَ القوانين وإظهار العنف الاجتماعي.
فهل يجعل ذلك الملل سيئاً بالكامل؟
المصدر:
هنا