هل من صلةٍ بين تناولِ اللحومِ والتغيّر المناخيّ؟
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
تطمحُ مُنظَّمةُ Greenpeace -في تقريرها الّذي عَنوَنَتْهُ "القليلُ أفضلُ من الكثير: خفضُ استهلاكِ اللّحومِ والألبان لحياةٍ أفضلَ وكوكبٍ أفضل"- إلى تخفيضِ الاستهلاكِ العالميّ منَ اللّحومِ والألبان إلى النصف بحلولِ عامِ 2050، وذلك ضماناً للالتزامِ باتفاقيّةِ باريسَ للمناخ وتجنُّبِ آثارِ التغيّرِ المناخيّ.
وقد يؤدّي إهمالُ ذلك إلى إطلاقِ 52% من انبعاثاتِ غازاتِ الدفيئةِ خلالَ العقودِ القادمة، و70% منها ناتجةٌ عن استهلاكِ لحومِ الماشيةِ وألبانها، وحسب ما بيَّنَ مُعدِّو التقرير: فإنّ هناكَ العديدَ من الفوائدِ لتخفيض استهلاكِ اللحوم والألبان نعرضها فيما يأتي:
1- الحدُّ من ظاهرةِ التغيّر المناخيّ: يُعدُّ استهلاكُ اللّحوم أحدَ المُسبّباتِ الرئيسةِ لظاهرةِ الاحتباسِ الحراريّ، لذا وبهدفِ تقليلِ معدّلِ ارتفاعِ حرارةِ الكوكب إلى 1.5 درجةِ سيليوس، علينا أوّلاً البدء بمعالَجةِ إنتاجِ اللّحوم.
إنّ العملَ على تخفيض استهلاك اللّحوم إلى نسبة 50% سيقودُ إلى تخفيضِ انبعاثاتِ الغازاتِ الدفيئةِ بنسبة 64% حتّى عامِ 2050، مقارنةً بما قد يؤولُ إليه الحال فيما لو لم تُتَّخذ أيّةُ إجراءاتٍ وقائيّة.
Image: livingstoneexpertce.fr
2- الحدُّ من التصحُّر: هل تعلم بأنّ قرابةَ رُبعِ مساحةِ الأرضِ تستخدمُ كمراع؟ وذلك يجعلُ الرعيَ سبباً رئيساً في حدوثِ التصحّر والقضاءِ على مساحاتٍ لا بأس بها من أراضي السافانا والغاباتِ الطبيعيّة والمراعي الخضراء، وبطريقةٍ لا يمكنُ معها أن تعودَ هذه الأراضي عذراءَ كما كانت، ومن شأنِ ذلك أن يغيّرَ أنظمةً بيئيّةً بأكملِها، إضافةً إلى تأثيراته الأُخرى على الدورةِ الكربونيّةِ والدوراتِ الهيدرولوجية وأنظمةِ الطقسِ السائدةِ وغير ذلك الكثير.
وعلى هامشِ ذلك، فمنَ المفيدِ أن نذكرَ أنّ تخفيضَ استهلاك اللّحوم –خاصّةً اللّحمَ البقريّ الّذي يتطلّبُ مساحاتِ رعي تزيدُ بـ 28 ضعفاً عن تلك الّتي يحتاجُها إنتاجُ لحوم الخنزيرِ والدجاجِ مجتمعة- سيؤدّي إلى الحدّ من استخدامِ الغاباتِ لأغراضِ الرعي وتأمين تغذيةِ الحيوانات.
Image: © Greenpeace
3-حمايةُ الأنواعِ المُهدَّدةِ بالانقراض: عندما تستولي الماشيةُ على أجزاءَ شاسعةٍ من الأراضي لتحصل فيها على غذائها، فإنّها بذلك تزيحُ الأنواع الحيّةَ الأُخرى من طريقِها، إذ يُهدِّدها وجودُ الحيوانات الأُخرى بسبب التنافس على المرعى والماء، وبسبب انتقالِ الأمراض والتهجين؛ لا سيما أنّ الأرض قد خسرت منذ عام 1970 ما يقاربُ نصفَ نمطِ الحياةِ البريّةِ السائدِ فيها على حساب تضاعُف أعداد الماشيةِ بمقدارِ ثلاثةِ أضعاف.
ولذا يمكن القولُ إنّ العديد من الحيوانات في الطبيعةِ - كالفِيلَةِ والأُسودِ وأفراسِ النهرِ والثعالب والذئاب والدِّبَبةِ وحتّى العناكب - ستحصلُ على فرصةٍ أفضلَ للعيش في عالمٍ يستهلكُ فيه البشرُ قدراً أقلَّ منَ اللّحوم، وتُزرَع فيه الأرضُ بما يدعمُ النظُمَ البيئيّة.
4- حمايةُ المواردِ المائيّةِ المُتاحة: يُعدُّ الماء أهمّ المصادرِ الأساسيّةِ للحياة على الأرض، ومع ذلك يُبدَّدُ بما لا يتناسبُ مع مدى توافره، إذ إنّ توجيهَ مخلّفاتِ صناعةِ اللّحوم -ولا سيما الأبقار والدواجن والخنزير- إلى جانبِ الأسمدةِ المُستخدمَةِ في تسميد المحاصيلِ الزراعيّة لتَصُبَّ في المُسطَّحاتِ والمصادرِ المائية يساهمُ في موت أكثرَ من 600 منطقةٍ في المحيطات، ويُلوِّثُ مساحاتٍ شاسعةً من السواحلِ ومناهل المياه العذبة، وفضلاً عن ذلك؛ فإنّ إنتاجَ اللّحومِ بحدّ ذاته يحتاجُ كميّاتٍ كبيرةً من المياه اللّازمةِ لتنمية المحاصيلِ الّتي ستتغذّى عليها حيواناتُ الرعي.
ولك أن تتخيّلَ أنّ 1 غرام من البروتين -الّذي قد تحصلُ عليه من اللّحمِ البقريّ ومن البقوليّاتِ على حدٍّ سواء- يتطلّبُ إنتاجُه 6 أضعافِ وحدةٍ مائيّةٍ في حالة اللّحمِ البقريّ مقارنةً مع استهلاكِ البقوليّات، ولذا تنصحُ العديدُ من الدراساتِ البلدانَ الصناعيّةَ بالتوجّهِ نحو استهلاكِ الغذاءِ الّذي يحتاجُ ماءً أقلّ، بما يساهمُ في ترشيدِ استهلاكِ المياه بنسبةِ 36%.
5- الوصولُ إلى مُجتمَعٍ أكثرَ صحّة: تشيرُ العديد من الدراساتِ إلى أنّ استهلاكَ اللّحومِ قد يقودُ إلى مخاطرَ صحيّةٍ عديدةٍ كالإصابةِ بالسرطانِ والبدانةِ وداءِ السكريّ وأمراضِ القلب وغيرها الكثير، لذا لا ضيرَ في الاتّجاه نحو الحميةِ النباتيّة في غذائِنا، أو على أقلِّ تقديرٍ استهلاكُ قدرٍ أقلّ من اللّحوم، ممّا سيضمنُ بدوره تقليلَ احتمالَ الإصابةِ بالأمراض، والحدّ من تلوّثِ الهواء وتقليلَ مقاومة المضادّاتِ الحيويّة.
وختاماً، فمن المفيدِ أن نُدركَ أنّ ما نأكله الآن، قد يحدّدُ ما سيكون عليه مستقبلُ أرضنا، فإذا ما أردنا للتغيّرِ المناخيّ أن ينحدرَ هبوطاً، فقد يكون لزاماً علينا إعادةُ النظر في مدى استهلاكنا للحومِ الماشية ومُنتجاتِها الأُخرى، وعليه الاتّجاه أكثرَ نحوَ الغذاءِ النباتيّ.
المصادر:
هنا
هنا