اختباراتٌ للنِّسبيّةِ العامّةِ، قد تصل بنا لاكتشاف فيزياءَ جديدةٍ
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
قام أَلْبِرت مايْكلسون و إدْوارد مورلي في عام 1887 بتصميم أشهرِ تجربةٍ في الفيزياء، وعلى غير المعتادِ فلم تقدّم التَجرِبة النتائج المأمولة، ولكنّ هذه النَّتيجةَ السلبيّةَ مَهّدت لولادة النِّسبيّة العامّة. المصدر: هنا
في بعض الأحيان يتعمد الفيزيائيون تصميمَ تجاربَ للحصول على نتيجةٍ سلبيةٍ في سبيل البحث عن فيزياءَ جديدةٍ، والتأكّدِ من صِحّة النَّظريات الموجودة، ومنها النِّسبيّة العامّة.
هناك العديد من النَّظريات التي قَدَّمت فَهماً بديلاً للجاذبيّة، قد صممت خصيصاً لوصف بعض الظواهر أو في محاولةٍ للجمع بين أعمدة الفيزياء الحديثة. النِّسبية العامّة مع ميكانيكا الكم، وبعض هذه النّظريات تَنبّأت بوجود اختلافاتٍ في سلوك الجاذبيّة والتي يمكن اختبارُها تَجريبياً؛ واحدةٌ منها تَختَبِر دقَّة القياسات للمسافة بين الأرض و القمر، وأُخرى تقوم بقياس قوّة الجاذبيّة في أماكن مختلفةٍ على سطح الأرض وفي حال رصد أيِّ تأثيراتٍ تَعجَز النِّسبيّة العامّة عن تفسيرها، فإنَّ هذا قد يقودُنا إلى فيزياءَ جديدةٍ.
وحتى الآن لم تتوصّل هذه التجارِب إلى نتائجَ تُناقِض النِّسبيّة العامّة، ولكنَّ هذا لا يعني فشل التجارب.
قد تكون هناك عواملُ أخرى تؤدي إلى إخفاق التجارب في الوصول إلى نتائج مُغايرةٍ عن النَّسبيّة العامّة، فمثلاً قد تكون الأدوات المستخدمة في التجارب غير دقيقةٍ وكافيةٍ للوصول إلى نتائج.
المفهوم البسيط للنِّسبيّة العامّة :
بالرغم من أنَّ النِّسبيّة العامّة مُعقّدةٌ رياضيّاً، إلا أنّ مفاهيمها ليست معقّدةً؛ مِنْ بعضِ هذه المفاهيم أنّ الأجسام التي تسقط تحت تأثير الجاذبيّة فقط لا تشعر بأيّ قوّة على الإطلاق، وهذا ما يَعيشه رُوّاد الفضاء في المحطةِ الدّوليةِ الفضائيّةِ، حيث أنّهم يطيرون بحريةٍ داخل المركبة بالرَّغم من أنَّ الجاذبيّة في مدار حركة المحطة أقل ب 10% فقط من الجاذبيّة هنا على الأرض!.
إحدى تَداعياتِ هذه الفكرة مبدأ " ثبات لورنتز" ويعني أنه لو أُعيدت تجرِبتانِ بنفس الشروط بمكانين مختلفين، يجب أن تكون النتائجُ واحدةً؛ فمثلاً لو أنّنا قمنا بتجربةٍ ثم أدرناها بزاوية 90 درجةً سنحصل على نفس النتائج.
العديدُ من النَّظرياتِ الحاليّةِ للجاذبيّةِ منها الجاذبيّةُ الكمّيةُ ونظريّة الأوتار تَتنبأُ ببعض الخرْق لثبات لورنتز في مقاييس صغيرةٍ جداً، لكنّ المؤسف أنّها أصغر كثيراً مما هو متاحٌ للتجارب الحاليّة.
تجرِبة المجالِ الليزريّ القمريّ:
ترك رُوّاد فضاء رحلة أبولو 11 عواكسَ مرجعةٍ على سطح القمر، هي أسطحٌ تعكس الضوءَ الساقط عليها إلى المصدر. وتُستخدم هذه العواكس في تجربةٍ تُعتبر أفضل اختبارٍ للنِّسبيّة العامّة، حيث يُرسل الفلكيّون أشعةً من الليزر من تلسكوباتٍ أرضيةٍ لتنعكس على سطح العواكس وتعود إلى الأرض، مما يُمَكِّنُنا من حساب المسافة بين الأرض والقمر.
ويَكمُن اختبار النّظرية في إجراء القياسات في حالتين مختلفتين: الأولى عندما يكون القمر بدراً، والثانية تكون في طور التربيع ( نصفَ بدرٍ) وفي هذه الحالة تكون الأجهزة بزاوية 90 درجةً عن الحالة الأولى.
وتُعتبر هذه التّجربة من أكثر التّجارب دقةً لقياس المسافات، وتبلُغ دقّة هذه التّجربة حوالي بضع سنتيمتراتٍ وهي دقيقةٌ بما يكفي لاختبار النِّسبيّة العامّة مقارنةً بالمسافة بال 400،000 كلم بين الأرض والقمر.
بدأت أولى محاولات هذه التّجرِبة في عام 1969، وتَبعها حوالي 13 اختباراً، وجَمعت 5 مختبراتٍ الكثير من البيانات. ومُنذ عقدٍ تقريباً يقوم الباحثون بمُقارنة البيانات التي تعود لتواريخ مختلفةٍ، وأيضاً قياس الجاذبيّة على سطح الأرض في مناطق متنوّعةٍ بظروفٍ مختلفةٍ.
إلى الآن جميع الفرق البحثيّة تُؤكّد نجاح النِّسبيّة العامّة و صمود مبدأ " ثبات لورنتز" في جميع التّجارب المختلفة.
تَجارِب أخرى:
ولتحقيق المزيد من التّقدم، تُحاول الباحثة كيتي الآن اختبارَ النِّسبيّة العامّة بتقنيّةٍ مختلفةٍ، عن طريق استخدام موجات الجاذبيّة التي تَنتشِر عبر الزمكان نتيجة اصطداماتٍ عنيفةٍ في أعماق الكون لثقوبٍ سوداءَ أو نجومٍ نيوترونية.
توضّح كيتي عن هذه التّجربة الجديدة : " نحن بحاجةٍ إلى تموّجاتٍ كبيرةٍ لكي نستطيع الكشف عن أيّ خرقٍ لثبات لورنتز."
إلى الآن جميع التّجارِب تسير لصالح النِّسبيّة العامّة، ولكن دائماً ما تحمل النتائج السلبيّة فرصةً لاكتشاف فيزياء جديدةٍ، هذا ما علمتنا إياه تجربة مايكلسون ومورلي منذ أكثر من 130 عاماً.