الكراهية. ثمّ لم ينجُ منها أحد!
علم النفس >>>> الصحة النفسية
هل من مكاسبَ أخرى للكراهية؟
تتولّدُ الكراهيةُ في قلوبِنا نتيجةَ شعورِنا بالفقدِ والوحدة. ولكن هل يمكنُ أن تكونَ هذه الكراهيةُ وسيلةً للتداوي؟
لا بدّ أن ننتابَنا مشاعرُ الكراهيةِ في مواقفَ مختلفةٍ من حياتِنا، فهي تدفعُنا للمضيّ قدماً في طريقِنا عندما يغمرُنا إحساسٌ بالاضطراب. وكلما كان إحساسُنا أكثرَ شدةً ازدادتْ مشاعرُ الكراهيّةِ في داخلنا استعاراً.
تلعبُ مشاعرُ الكراهيةِ على ترميمِ ذواتِنا، وتسريعِ عمليةِ التئامِ جراحِنا العاطفيّةِ التي تسبّبَ بها شخصٌ ما لا ينفكُّ يظهرُ على مسرحِ ذكرياتنا. ومثلَ الجرحِ في مرحلةِ اندماله؛ يتشكّلُ القشرُ الذي يسمحُ بتكوّنِ النسيجِ الجديدِ تحته، فيحمرُّ الجرحُ ويتورّمُ ويصبحُ أكثرَ إيلاماً من أيّ وقتٍ مضى. وكلّما تذكّرنا أنّه كان سبباً في رحيل عزيزٍ عن هذه الدنيا، كلما ازدادتْ اللوعةُ اشتعالاً في أحشائِنا. وإنْ نتظاهرْ بتقبّلِ الأمرِ يغدُ الحالُ كمَنْ يصبُّ على النارِ زيتاً. لذلك لا بدّ من تغذيةِ مشاعرِ الكراهيةِ في داخلنا تجاهَ ذلك الشخصِ لإخمادِ هذه النار. كما أنّ تخيُّلنا لسيناريوهاتِ عقابِه يساعدُ على محوِه تدريجياً من ذاكرتِنا.
العلاقةُ المتبادلةُ بين فسيولوجيةِ الجسمِ والحالة الانفعالية:
توجدُ في الحقيقية علاقةٌ وثيقةٌ بين الإثارةِ الانفعاليّةِ ومستوى أدائِنا لمهمةٍ ما؛ وقد استرسلَ العلماءُ بدراسةِ هذه العلاقةِ وتدوينِ القوانينَ التي تُفسّرها، كقانون يوركس داودسون الذي ينصّ على أنّ أداءنا لمهمةٍ ما ليس سوى علاقةٍ تفاعليّةٍ بين مستوى الإثارةِ الفسيولوجيةِ ومدى صعوبة هذه المهمة. وبالنسبة للمهامِ الصعبة، تؤدّي الإثارةُ المنخفضةُ إلى أداءٍ عالٍ، بينما تتطلّبُ المهامُ السهلةُ مستوىً معتدلاً من الإثارةِ لتوفّر الحافز والدافعَ لإنهائها. والكرهُ كغيرِه من العواطفِ والانفعالاتِ التي لا مفرّ من إدراكِها وتجربتِها في حياتنا، وعلى اختلافِ مسبباتِها، له تأثيرُه الفسيولوجيّ علينا، والذي يزيدُ من حدّته. وفى هذا السياقِ عكفَ الباحثون على دراسةِ الانفعالاتِ وتأثيرِها الفسيولوجيّ. وثمّتَ اتجاهان لتفسيرِ تلك العلاقة. الاتجاهُ الأولُ يتجلّى بنظريةِ جيمس لانج التي تقولُ بأنّ أدمغتَنا تفسّرُ العواطفَ أو الانفعالاتِ التي نتعرضُ لها وفقَ نمطٍ فسيولوجيّ معيّن، وإنّ هناك أنماطاً فسيولوجيّةً مختلفةً وراءَ كلّ عاطفةٍ وانفعال. ويعرضُ جيمس لانج وجهةَ نظرهِ على الشكل الآتي:
مثيراتٌ تثيرُ تغيّراتٍ فسيولوجية مختلفة ← يفسّرُ الدماغَ تلك المثيراتِ على شكلِ تغيّراتٍ فسيولوجية مختلفة ← تُنتِجُ بدورها مشاعر مختلفة ← وقد يُعبّّر عن تلك المشاعرِ باستجاباتٍ ملحوظة، أو لا يُعبَّر عنها.
ويرى الاتجاهُ الثاني أنّ ردودَ فعلِ الوجهِ تتسبّبُ في إحساسِنا بمشاعرَ انفعاليّةٍ معيّنة، وتشيرُ تلك النظريةُ إلى أنّ العقلَ يُفسّر ردودَ الفعلِ التي تقومُ بها عضلاتُ الوجهِ على شكلِ أحاسيسَ ومشاعرَ مختلفةً نشعرُ بها. ويُظهِرُ الشكلُ الآتي توضيحاً للنظرية:
مثيراتُ تُحدِث تغيّراتٍ فسيولوجية مختلفةً بالجسم ← يفسّرُ الدماغُ ردودً الفعلِ من خلالِ تعبيرات الوجه ← تتسبب ردودُ فعلِ الوجهِ هذه بالإحساسِ بانفعالاتٍ مختلفة ← قد تأخذُ هذه الانفعالاتُ شكلَ استجاباتٍ ملحوظةٍ وقد لا يُعبَّر عنها.
وعلى الرغمِ من توجيه الانتقادات لكلا الاتجاهين، فإنه لم يُؤخَذ اتجاهٌ منهما دون سواه كمسبّبٍ أساسيّ للإحساسِ بانفعالاتٍ معيّنةٍ في داخلنا. وهكذا قد نذهبُ إلى أنّ الأفكارَ تتّجهُ بنا إلى دائرةٍ انفعاليّةٍ معينةٍ تغمرُنا بعواطفَ وأحاسيسَ مختلفة.
وأخيراَ نجدُ أنّنا نستمدُّ قوةً من الإحساسِ بالكراهيةِ وعدم التسامح، وإحساساً بالثقةِ والتمسّكِ بموقفِنا ومبدئنا، وإدراكاً لمكانتِنا في هذا العالم، إلاّ أنّ قوةَ وطاقةَ المغفرةِ تفوقُها عندما نقررُ أن ننشرُ ظلالها على الماضي وأحداثِه، ولكن بعد أن نتعلّمَ الدروسَ والعِبَر الهامّةَ منه.
مصادر المقال
1- Introduction to psychology
2-what’s the purpose of hate?psychology today
3-ApA : Hate ،conflict and moral exclusion.opotow susan