مروحيّةٌ على سطحِ المرِّيخ؟! ماذا تفعل هناك؟
الفيزياء والفلك >>>> أعظم مهمات ناسا
أعلَنَت إدارةُ الطَّيرانِ والفضاءِ الأمريكيَّة "ناسا" أنَّها ستُرسِل طائرةً مروحيةً صغيرةً في إطار بعثة عام 2020 لوضع مسبارٍ من الجيل التالي على سطحِ المرِّيخِ ما يمثِّل سابقةً هي الأولى من نوعِها والتي يُستخدَم فيها مثلَ هذه الطائراتِ في عالمٍ آخر. المصدر: هنا روابطٌ من مقالاتنا السابقة: 1 - هنا 2 - هنا 3 - هنا 4 - هنا 5 - هنا
وتحظى هذه المروحيَّة أو Marscopter بالكثيرِ من الآمال ضمن مهامِّ ناسا المستقبليَّة في مجالاتِ العلومِ والبحث والاستكشاف إلى المرِّيخ، و هذا ما أكدَّه مسؤولوها على لسانِ مدير الوكالة Jim Bridenstine الذي أضاف في بيانٍ رسميٍّ: "إنَّ فكرةَ وجودِ طائرةِ هليكوبتر تحلِّقُ في سماءِ كوكبٍ آخر مثيرةٌ فعلًا".
وقد بدأَ تطويُر مروحيَّةِ المرِّيخِ عام 2013 في مختبرِ الدَّفع النَّفَّاث JPL التَّابِع للوكالةِ في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، و يُنتَظر منها أن تُظهِر مدى صلاحيَّةَ استخدامِ مثل هذه الطَّائراتِ على المرِّيخ مع احتمالِ قيامِها بأدوارٍ مثل الاستكشافِ بواسطةِ الطَّيرانِ على ارتفاعٍ منخفضٍ أو الوصولِ إلى أماكن يتعذَّرُ الوُصولُ إليها من السّطح.
إنَّ كتلةَ مروحيَّة المرِّيخ أقل قليلًا من 4 أرطال (1.8 كغ) أي؛ بحجمٍ يزيدُ قليلاً عن كرة البيسبول، وذلك حسْبَ ما صرَّح به المسؤولون في ناسا ضمنَ بيانِهم، وستحمِلُ المروحيَّةُ خلايا شمسيَّة لشحنِ بطاريَّاتها في ضوء الشّمس، إضافةً إلى نظامِ التَّدفئَةِ لتحمُّل الجوِّ القارسِ هناك في ليالي الكوكبِ الأحمر.
ستدورُ الشَّفراتُ المزدوجةُ للمروحيَّة بمعدلٍ أعلى عشرةَ أضعافٍ من شفراتِ المروحيَّاتِ على الأرضِ (3000 دورة في الدَّقيقة) وذلك لتتمكَّنَ من الطَّيرانِ في الغلافِ الجويِّ المرِّيخي ذي الكثافةِ المُنخفضة، وقد بيَّنَت مديرةُ مشروعِ الطَّائرةِ المروحيَّةِ في مختبرِ الدَّفعِ النَّفَّاث MiMi Aung: "أنَّ الرَّقمَ القياسيَّ المسجَّلَ لأقصى ارتفاعٍ بَلَغَتْه طائرةٌ مروحيَّةٌ على الأرضِ هو 40 ألف قدمٍ تقريبًا
(12 ألف متر)، وإذ أنَّ كثافةَ غلافِ المرِّيخ الجويِّ تُعادل 1% فقط من كثافةِ الغلافِ الجويِّ الأرضي فإنَّ وجودَ مروحيَّتنا على سطحِ المرِّيخ يعادل فِعليَّا تحليقَها على ارتفاع 100000 قدم (30 ألف متر) فوقَ الأرض، ولجعلِها تطيرُ في غلافِ المرِّيخ الجويِّ المنخفضِ الكثافة كان علينا أن نُدقِّق في كلِّ شيءٍ لنجعَلها خفيفةً قدرَ المُستطاع، و قويةً ومتينة في الوقت نفسِهِ".
من المُقرر إطلاقُ مَهمَّة المرِّيخ 2020 في يوليو/تموز من ذلك العام على متن صاروخِ أطلس 5 التابع لشركة United Launch Alliance من قاعدةِ كيب كانيفرال للقوّاتِ الجويِّة في فلوريدا، ومن المتوقع أن تصِلَ المَهمَّة إلى المرِّيخ في شباط/ فبراير عام 2021، وستبحثُ المركبةُ الأساسيَّة -وهي عبارة عن مسبارٍ تُسيِّره ستُّ عجلاتٍ للبحثِ- عن علاماتٍ للحياة ممثلةٍ في أماكن قد تكون استضافَت بيئاتٍ ميكروبيَّة (مجهرية) في وقتٍ سابقٍ من تاريخ المرِّيخ، وذلك باستخدام معدَّاتٍ أهمُها مثقابٌ لجمعِ العيِّنات و 23 كاميرا وميكروفون.
وأكَّد المسؤولون أنَّ المروحيَّة ستصل إلى المرِّيخ مُعلّقة بأسفلِ مركبةِ المرِّيخ 2020، و بمجرَّد وصولِ المسبارِ إلى سطحِ الكوكبِ الأحمرِ سيضعُها على الترابِ و يبتعدُ عنها مسافةً آمنةً لنقلِ الأوامرِ و إرسال إشاراتِ التَّحكُّم بها عن بُعد، والتي سوف يرسلُها المراقبونَ من الأرضِ لتوجيهِ المروحيَّةِ و بدءِ أولِ رحلاتِها الذاتيَّةِ القيادةِ هناك.
وقالت أونغ "لن يكونَ لدينا ربَّانٌ طيَّارٌ مباشرٌ لها، فالأرض حينئذٍ ستكون بعيدةً عدَّة دقائقَ ضوئيَّة، لذلك لا توجدُ هناك أيَّةُ طريقةٍ للتَّحكُّم بهذه المَهمَّة في الوقت الحالي، وبدلًا من ذلك؛ ستكونُ للمروحيَّةِ قدرةٌ ذاتيَّةٌ للتحكُّم بنفسها تُمكِّنها من استقبالِ وترجمةِ الأوامر من الأرض، ومن ثَمَّ ستطيرُ بمفردِها".
وقد قال المسؤولون أنَّ المروحيَّة ستحاولُ تنفيذَ ما يصلُ إلى 5 رحلات، محلِّقةً لفترةٍ أطول ومسافةٍ أبعدَ في كلِّ مرة، بما يصل إلى بضعِ مئاتِ الأمتار ومدَّة 90 ثانية، وسترتفعُ أيضًا مسافةَ 10 أقدام (3 أمتار) مدَّة 30 ثانية تقريبًا في كلِّ عمليةٍ من عمليَّات المسحِ التي ستقومُ بها.
تُعدُّ مروحيَّة المرِّيخ مشروعًا ذا مخاطرةٍ عاليةٍ ومردودٍ كبير، فوفقًا لوكالة ناسا: لن يؤثِّر فشلُ المروحيَّة -إذا فشلت- على مَهمَّةِ مركبةِ المرِّيخ 2020 الباقية، ولكنَّها إذا نجَحَت ستصبِحُ أداةً جديدةً و قويةً تحت تصرُّف وكالة ناسا؛ تمسحُ الكوكب و تصلُ إلى مواقعَ لا يمكنُ الوصولُ إليها حاليًا، وقد أضافَ بهذا الصددِ المدير المساعدُ لمديريَّةِ البعثاتِ العلميَّةِ التَّابعةِ لناسا في مقرِ الوكالةِ في العاصمة واشنطن Thomas Zurbuchen عن ذلك بقوله: "يُمثِّلُ استكشافُ الكوكبِ الأحمرِ باستخدام مروحيَّة المرِّيخ دمجًا ناجحًا للابتكاراتِ العلميَّة والتِّقنيَّة، ويُعد فرصةً فريدةً لتطويرِ تقنيَّاتِ استكشافِ المرِّيخ في المستقبل، فبعد 117 عامًا من قيامِ الأخوين رايت عمليًا بإثباتِ قدرتِنا على التَّحليقِ باستخدامِ الدَّفعِ والحفاظِ على الرَّفعِ والتَّحكَُم بالطيران، نشهدُ اليوم مجموعةً من الأمريكيين السبّاقينَ الذين قد يُثبتونَ القدرةَ ذاتها على التَّحليقِ في سماءِ كوكبٍ آخر، وإنَّ القدرةَ على اكتشافِ ما يكمُنُ خلفَ التَّلَّة التالية بوضوحٍ لهو أمرٌ حاسمٌ للمستكشفين في المستقبل، فقد رَصَدنا بالفعل مناظر رائعة للمرِّيخ من السَّطح وكذلك من المدار، وبإضافةِ الرَّصد من منظورِ الطَّيرِ من المروحيَّة المرِّيخيَّة، يمكِنُنا فقط تَخيُّلُ ما ستحقِّقُه البعثاتُ المستقبلية! ".