العلاجُ بالبلازما الغنيّةِ بالصّفيحات
الطب >>>> مقالات طبية
وقبل الخوضِ في تفاصيلِ الموضوع؛ نحتاجُ إلى الدخول قليلًا ضمنَ مجرى الدَّمِ والتعرُّف على بعض الحقائقِ عن الصّفيحات الدمويّة:
- الصفائحُ الدمويةُ هي خلايا دمٍ صغيرةٍ تُساعدُ الجسمَ على عمليَّةِ التخثّرِ لوقفِ النزف.
- تُصنَعُ الصفائحُ الدمويةُ في نقيّ العظمِ مع خلايا الدم البيضاء والحمراء، وهو مركزٌ إسفنجيٌ داخلَ العظام.
-عندما تُصنَعُ الصفائحُ الدمويةُ وتدورُ في مجرى الدم فإنَّها تعيشُ مدَّةَ 8 إلى 10 أيام.
- يبلغُ عددُ الصفائح الدموية الطبيعية من 150000 إلى 450.000 صفيحاتٍ لكلِّ ميكروليتر من الدم.
- ينشأُ خطرُ حدوثِ نزيفٍ عفويٍّ إذا انخفضَ عددُ الصفيحات إلى ما دون 10000 إلى 20000؛ ولكنْ عندما يكونُ عددُ الصفائح الدموية أقلَّ من 50000 فمن المرجَّحِ أن يكونَ النزفُ أكثرَ خطورةً إذا جُرِحَ أحدُ الأفراد أو أُصيبَ.
- يصنعُ بعضُ الناسِ عددًا كبيرًا جدًا من الصفائحِ الدمويةِ، ويمكنُ أن يصلَ إلى 500000 أو حتّى المليون.
- تؤدِّي الصّفيحاتُ دورًا مهمًّا في الشّفاءِ؛ نظرًا لإفرازها العديدَ من عواملِ النُّموّ (كعاملِ النموّ البطانيّ الوعائيّ وعاملِ النموّ الظّهاريّ...)؛ إذ تُحفِّزُ هذه العواملُ الانقسامَ الخلويَّ وتُولِّدُ الأوعيةَ الدمويّةَ في النُّسج.
وسوف نبدأُ بالتساؤلِ: ما البلازما الغنيّةُ بالصفيحاتِ، وكيف تُحضَّر؟
عادةً؛ يُشارُ إلى الدّمِ الذاتيِّ الذي يحتوي تراكيزَ أعلى من الطّبيعيَّةِ في الصّفيحاتِ الدمويّةِ بالبلازما الغنيَّةِ بالصّفيحات.
إذ يُؤخذُ دمُ الشخصِ المصاب ويُثفلُ لفصلِ الصفيحات الدمويَّة عن مكونات الدّم الأُخرى؛ ثم تُحقَن في مكانِ الإصابة.
إذن، ما آليّةُ عملِ البلازما؟
تُعدُّ الآلية غيرَ معروفةٍ تماماً؛ لكن تُشيرُ الدراساتُ المخبريَّةُ إلى أنَّ التراكيزَ العاليةَ من عوامل النموّ ضمن البلازما يُمكنُ أن يُسرِّعَ عمليّةَ الشّفاء ضمن النسيج المُتأذِّي، ويُمكنُ أن يحدثَ هذا بإحدى طريقتَين:
1. يمكنُ حَقنُ البلازما بعنايةٍ في المنطقةِ المصابةِ؛ فمثلًا؛ في التهابِ وترِ أشيل (حبل الكعب) -وهي حالة شائعةٌ عند العدّائين ولاعبي التنس- يمكن أن يتورَّمَ الوتر ويلتهب ويؤلم، وعندها يمكن حَقنُ خليطٍ من البلازما والمخدر الموضعيّ مباشرة، وبعد ذلك؛ قد يزدادُ الألمُ في منطقةِ الحَقنِ أوَّلَ أسبوعين، وقد يستغرق الأمر عدة أسابيعَ قبل أن يشعرَ المريضُ بتحسُّن.
2. يمكنُ استخدامُ البلازما لتحسين الشفاء بعد الجراحة لبعض الإصابات أيضًا؛ مثلًا؛ قد يحتاج الرياضي الذي لديه وترٌ مُمزَّقٌ تمامًا إلى جراحةٍ لإصلاحه؛ إذ يمكن تحسينُ عمليّةِ الشّفاءِ بمعالجة المنطقة المصابة بالبلازما في أثناء الجراحة.
ما الحالاتُ التي يمكنُ أن نُطبِّقَ فيها هذا العلاج؟ وهل هو فعّال؟
تُجرَى حاليًا العديدُ من الدراساتِ البحثيّةِ لتقييم فعاليّةِ العلاجِ بالبلازما، وفي الوقت الحالي؛ فإنَّ نتائجَ هذه الدّراساتِ غيرُ حاسمةٍ نظرًا لتنوّعِ الفعاليّةِ؛ إذ تُساهم كثيرٌ من العواملِ في هذا الأمرِ، منها: مكانُ الإصابةِ وصحّةُ الشخصِ، وكونُ الإصابةِ قديمةً أو حديثةً.
ووفقاً للدراساتِ؛ فإنَّ فعاليّةَ العلاج تكونُ في أقصاها في إصاباتِ الأوتارِ المزمنةِ؛ ثُمَّ إنَّ شعبيّةَ هذا العلاجِ نجمت عن استخدامه في معالجةِ الإصاباتِ الرياضيّةِ الحادة؛ كإصابات العضلاتِ والأوتارِ، فاستخدمه الرياضيّون المحترفون للإصابات الشّائعة؛ مثل الشدّ العضلي في الفخذ والتواءات الرُّكبة.
ومن الاستخدامات الأخرى:
1. نموُّ الشّعرِ: فتُحقَن البلازما في الفروةِ، كما نُشِرَ في مجلّة Stem Cells Translational Medicine
2. تقليلُ الالتهاب.
3. الجراحةُ: فقد استُخدِمت البلازما الغنيَّةُ بالصّفيحاتِ في أنواعٍ محدّدةٍ من الجراحاتِ لتُحسِّن من شفاءِ الأنسجة.
4. التهابُ مفصلِ الرُّكبة: تُجرى بعضُ الدراساتِ البدائية لتقييمِ فعاليّةِ البلازما الغنيّةِ بالصّفيحات في علاج التهابِ مفصل الرُّكبة؛ لكن ما زال الوقتُ مبكّرًا لتحديدِ ما إذا كانت هذه الطريقةُ أكثرَ كفاءةً من الطرائقِ التقليديّة.
5. الكسورُ: استُخدِمت البلازما الغنيّةُ بالصفيحاتِ في تسريعِ التئامِ الكسورِ العظميّة؛ لكن بطريقةٍ محدودةٍ؛ فلم تُبدِ أيَّة فائدةٍ حتّى الآن.
هل من أعراضٍ جانبيّةٍ؟
لمّا كان حَقنُ البلازما الغنيّة بالصّفيحاتِ ينطوي على استخدامِ الصفائحِ الدمويةِ الخاصةِ بالشّخصِ نفسِه؛ فإنّه لن يعاني من أيِّ ردودِ فعلٍ سلبيةٍ، ومع ذلك؛ من الممكنِ أن يُصاب الشخصُ بتهيُّجٍ أو ألمٍ أو نزفٍ في موضعِ الحقن.
ويمكن لمعظمِ الناسِ استئنافُ أنشطتهم العاديَّةِ على الفورِ بعد حَقنِ البلازما تقريبًا، ويُقدَّرُ متوسطُ الوقتِ من سحبِ الدمِ إلى الحَقنِ نفسه قرابةَ نصفِ ساعة.
ونقولُ في النّهايةِ؛ يمكنُ أن يكونَ العلاجُ باستخدام البلازما الغنيّة بالصّفيحات مُبشِّرًا، لكنَّ الدراساتِ البحثيةَ الحاليةَ لدعم الادِّعاءاتِ في وسائلِ الإعلامِ غيرُ متوفرةٍ حتّى الآن، ومع أنَّ هذه الطّريقةَ تبدو فعّالةً في علاجِ إصاباتِ الأوتارِ المزمنةِ، لكنَّ المجتمعَ الطبيَّ يحتاجُ إلى مزيدٍ من الأدلةِ العلميَّةِ قبل أن يتمكَّنَ من تحديدِ ما إذا كانت فعّالةً في حالاتٍ أُخرى حقًّا.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا