يمتلكُ علماءُ الفلكِ أسبابًا عديدةً تجعلهم يعتقدون بوجود كوكبٍ تاسعٍ ينتمي لمجموعتنا الشمسيّة، رغم أنّهم لم يتمكّنوا من رصده وتحديد موقعه حتّى الآن. لكنّ الأمر لم يكن بهذا السّوء، فأثناء بحثهم عن هذا الكوكبِ التّاسع رصدوا مفاجآتٍ عديدةٍ في نظامنا الشّمسيّ، واكتشفوا مؤخّرًا دزّينةًَ إضافيّة من الأقمارِ تدورُ حول كوكب المُشتري؛ ليُصبح عددُ الأقمارِ الّتي تدور حول المُشتري رسميًّا 79!
تأكّد العلماء اعتمادًا على التّلسكوبات وبعد عدّة عملياتِ رصد، أنّ الأجسامَ الجديدةَ كانت بالفعل أقمارًا، وليست مُجرّدُ كويكباتٍ أو أجسامٍ عابرةٍ. وبذلك استغرقت العمليّة برّمتها سنةً كاملة، وبذلك فإنّ جميع الأقمارِ الإثني عشرَ همُ اليومَ أبناءٌ شرعيّونَ معترفٌ بهم يتبعون للمشتري.
تعدّ الأقمار الجديدةُ جميعها أقمارًا "خارجيّة"؛ ممّا يعني أنّها تقعُ على مسافةٍ مّا من 10 إلى 20 مليونِ كيلومترٍ من كوكبِ المُشتري؛ أي أكبرُ بعشرة مرّاتٍ من المسافةِ بين الأرضِ وقمرِنا، ما يؤكّد على قوّة حقلِ جاذبيّة المُشتري العملاق؛ والّذي يبلغُ حجمه قرابةََ 320 مرةٍ حجمَ الأرض. كم كان نيوتن ليكون فخورًا بهذا الاكتشاف!
تُصنّف أقمارُ المشتري الإثني عشر المُكتَشفةَ حديثًا حسب اتّجاه دورانها إلى مجموعتين: مجموعةٌ تتألّفُ من قمرين تُسمّى "Prograde group"؛ تدورُ قريبًا من كوكبِ المشتري بنفس اتّجاه دورانه، ومجموعةٌ أخرى أبعدُ نسبيًّا عن المُشتري تتألّف من تسعةِ أقمارٍ تُسمّى "Retrograde group"؛ تدورُ عكس اتّجاه دوران المشتري. تتحرّك أقمارُ المجموعتين في مداراتها كسيّاراتٍ تتحرّكُ على طريقٍ باتّجاهين؛ تلتزمُ جميعها بمداراتِها الخاصّة وبالاتّجاه نفسه، أمّا القمرُ الثّاني عشر "Valetudo" فهو يتحرّك ضمن المجموعةِ الثّانية (البعيدة عن المشتري)، لكنّه يدورُ مع اتّجاه دوران المُشتري؛ كسيّارةٍ تمشي عكس اتّجاه السّير.
Image: Carnegie Science
يعتقد العلماءُ أنّ "Valetudo" قد يكون أصغرَ قمرٍ معروفٍ للمُشتري؛ إذ يبلغُ قطرُه قُرابة كيلومترٍ واحدٍ، ومن المُحتمل أنّه كان ذات يومٍ أكبرَ من ذلك بكثيرٍ، لكنّه بسببِ الاصطداماتِ المُتكرّرة بأشياءَ تسيرُ في الاتّجاه المُعاكس اختُزِلَ إلى ما هو عليهِ اليوم.
فالتودو "Valetudo" - في الأساطيرِ اليونانيّةِ الرّومانيّةِ - هي آلهةُ الصّحّة والنّظافة، واحدةٌ من حفيدات الإله الرّومانيّ جوبيتر؛ الّذي يُنسبُ إليه اسم الكوكبِ "جوبيتر" (المُشتري). لكن في مصادفةٍ مثيرةٍ، فإنّ "فالو تودو" هو نوعٌ برازيليٌّ من الفنونِ القتاليّة المُختلطة؛ وهذا يجعلُ الاسمَ أكثرَ ملاءمةً للقمرِ الّذي قد يكونُ كتبَ تاريخه بأكملِه عبر سلسلةٍ من التّصادمات العنيفة.
المصادر :
1-
هنا 2-