خمسُ حقائق مُذهلة عن النجوم النيوترونية
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
النجم النيوتروني هو نواةٌ عملاقةٌ هائلةُ الكُتلة. بإمكانك تخيّل الذرّة وكأنها حُبيبةٌ من معدن الرصاص مُحاطةٌ بِحلوى غزل البنات، تتركز الكتلة الكليّة لهذه البنية العجيبة في حُبيبةِ الرصاص الصغيرة الموجودة في المنتصف (النواة)، في حين لا تُشكل حلوى غزل البنات (سحابة الإلكترونات الّتي تدور حول الذرّة) كتلةً ذات أهميّة. ما يحصلُ في حالةِ النجومِ النيوترونية هو أنّ الذرّات تنهارُ جميعًا على نفسها، وتُمتَص كلّ الإلكترونات، وتصبح كل الجُسيمات الذريّة كيانًا واحِداً بحيث تدورُ الإلكترونات سويةً مع البروتونات والنيوترونات في وسطٍ غازيٍّ أو سائل.
يُعتَقدُ بأن النجوم النيوترونية صغيرةُ الحجم نسبيًا، ويرجِّحُ العُلماء أنّ يبلغ قطرها ما بين 12 إلى 17 ميلاً، في حين أن كُتلها تُقدَّر بِنحو ضعفٍ ونصفِ الضعف مقارنةً بكُتلة الشمس.
إنّ النجم النيوترونيّ كثيفٌ لدرجة أنهُ لو ازداد كثافةً أكثرَ من ذلك لتحوّلَ إلى ثُقبٍ أسودٍ واختفى عن الأنظار. إنها البُنى الكونية الأكثر كثافةً في الكون بعد الثقوبِ السوداء.
وبسبب كثافتها العالية، فإنها توفّرُ مكانًا مُلائِماً للتعرّف على القوى النوويّة الشديدة، وتتيحُ للعلماء فُرصةً لاختبار تفاعلات الكواركات و الغلوونات في الظروفِ القاسية للنجوم النيوترونيّة؛ ذلك أنّ بعض النظريات تتنبأُ بأن نواة النجم تضغط البروتونات والنيوترونات معاً محررةً الكواركات. ومن أجل وصفِ الخصائص الفيزيائية لهذه النجوم فائقةِ الجاذبيّة، لجأ الباحثون إلى النسبيّة العامة، فكان ذلك بمثابةِ اختبارٍ دقيقٍ لتلك النظرية.
رصد العلماءُ النجومَ النيوترونية لأوّل مرةٍ في عام 1967، عِندما لاحَظَ طَالِبُ الدِارساتِ العُليا جوسيلين بيل Jocelyn Bell نبضاتٍ مُتكرّرةً لأشِعةٍ راديوية من خارج نظامنا الشمسي ، لِتذهب جائزةُ نوبل للفيزياء عام 1974 الى أُستاذه المشرف على أطروحته أنتوني هيويش Anthony Hewish على هذا الاكتشاف.
وفي عام 1993 نالت مجموعةٌ من العلماء جائزةَ نوبل للفيزياء عن قياسِهِم لِمُعدّلِ دورانِ نَجمين نيوترونيين حول بعضهما بشكلٍ حلزوني بسبب الأمواج الثّقالية وهي ظاهرةٌ تنبَّأ بها العالم ألبرت آينشتاين في نظرية النسبية العامة. لاحقاً وتحديداً عام 2016، هزّ المجتمعَ العلمي إعلان ٌ عَن تَمكُّنِ مَرصَدِ ليغو من رصد الأمواجِ الثقالية بشكل مباشر وللمرة الأولى.
توفِّر النجوم النيوترونيّة مادةً دسمة للدراسة قد تُساعدنا على فهم القوى الأساسيّة الّتي تحكم الكونَ وقوانينَ النسبيّة العامة ونشوءَ الكون. ستتناول السطور القادمة بعضَ الحقائقِ المذهلةَ عن النّجوم النيوترونية :
1. خلال الثواني الأولى لعمليّة تحوّل نجمٍ إلى نجم نيوتروني، فإنّ الطاقَةَ المُنبعِثة على هيئة جُسيماتِ النيوترينو، مساويةٌ لكميّةِ الضوءِ المُنبعِث مِن كلِّ النجوم الموجودة في الكون المنظور.
ينشأُ النجم النيوتروني بعد انفجارِ مُستعرٍ أعظم. وتُعدُّ المُستعرات العُظمى مصانِع إنتاجِ لجُسيمات النيوترينو، إذ تصل انبعاثات النيوترينو في المُستعر الأعظم إلى نحو 10 أضعاف مجموع البروتونات والنيوترونات والإلكترونات الموجودة في شمسنا.
2. تسودُ تكهناتٌ مفادها أنَّه في حالة وجود حياةٍ على سطح النجوم النيوترونية فإنها ستكون ثنائيةَ الأبعاد.
تمتازُ النجوم النيوترونية بجاذبيتها الشديدة وحقولها المغناطيسيّة القوية جداً، إذ أنّ جاذبيتها قويّة لِدرجةٍ تُمكنها من تَسطيحِ أيّ جِسمٍ على سطحها، أما حقلُها المغناطيسيّ فيفوقُ في شِدتهِ المجال الأرضيّ المغناطيسيّ بمليارات المرّات. وكأنّ سِمة التطرف تسودُ في كلّ ما يتعلق بتلك الأنواع من النجوم!
وبالرغم من جاذبيتها وكثافتها الفائقة إلا أن النجوم النيوترونية تجمع خليطاً مدهشاً من خواص النجوم وبعض خواص الكواكب، فهي تحتفظُ بهيكلٍ داخليّ وقِشرةٍ مُحيطة بها وغلافٍ جويّ. وفي حين أنّ الغلاف الجوي الأرضي يرتفعُ لعدة مئات الأميال فوق سطح الأرض، بالكاد يرتفع الغلاف الجوي للنجم النيوتروني مسافةَ قدمٍ واحدة، وذلك يعود لجاذبيتهِ الفائقة التي تكلمنا عنها مسبقاً.
3.أسرع نجمٍ نيوتروني يدورُ حول نفسه 700 مرةً كلَّ ثانية:
يعتقد العلماء أنَّ معظم النجوم النيوترونية إما أن تكون نجومًا نابضةً أو كانت كذلك في فترةٍ ما. النجوم النابضة هي نجومٌ تُصدِرُ حُزَمًا مِن الأمواجِ الراديوية أثناء دورانها السريع حول نفسها.
4. النجوم النيوترونية قد تُسبب دماراً هائلاً على الأرض :
يكمنُ خطر النجوم النيوترونية في جاذبيتها القوية، فإذا افترضنا دخول نجم نيوتروني نظامنا الشمسيّ فإن هذا سوف يُسبب تبعثر مدارات الكواكب. و في حال أصبحَ على مقربةٍ من الأرض فإنه سيُسبب موجاتِ مدٍّ وجزرٍ كفيلةً بتمزيق كوكبنا إلى أشلاء. لكن دعونا نطمئنكم بمعلومة أنّ أقرب نجم نيوتروني للأرض على بعد 500 سنةٍ ضوئية!
وفيما يخصُّ الحقولَ المغناطيسية القوية لتلك النجوم فإنها لا تقلُّ خطورةً عن الجاذبية القويّة، فالحقلُ المِغناطيسيّ للماغنيتار ( نوع من النجوم النيوترونيّة) هو أقوى بألفِ مرّةٍ مِن حقلِ نجمٍ نابضٍ عاديّ. وفي حالِ انكسار خطوط حقلٍ مغناطيسيٍّ هائلٍ كهذا بشكلٍ مُفاجئ ، فإنهُ من الممكن أن تَنتُجَ انفجاراتٌ مثل الانفجاراتِ الشمسيّة ولكن أقوى بكثير.
5.على الرغم من ظروفِ هذه النجوم الشديدة القسوة، إلا أن العلماء مازال لديهم طرقٌ لِدراسَتِها.
بالتأكيد أذهلتك المعلومات السابقة التي ذكرناها عن النجوم النيوترونية، ولكن لا يزال هناك الكثير من المعلومات التي لا نعرفها عنها. على سبيل المثال، العددُ الحقيقي لتلك الأجرام المتطرفة؛ نحن نعرف بوجود حوالي 2000 نجمٍ نيوترونيّ في مجرّتنا، ولكن من المتوقعِ وجودُ الملياراتِ منها في الكون. لذا فإن معظم النجوم النيوترونية غير معروفة.
تُستخدم تلسكوبات الأشعة السينية وأشعة الراديو من أجل التحقق من خصائص تلك الأجرام، في حين يأملُ الباحثون إطلاق بعثة NICER التابعة لوكالة ناسا إلى محطة الفضاء الدولية هذا العام، من أجل رصدِ ودراسة حُزَم أشعة الراديو القادمةِ من تلك النجوم.
كما بالإمكان دِراسةُ النجومِ النيوترونيةِ عن طريق الموجات الثقالية، إذ يعتقد علماء مرصد ليغو بإمكانية رصد الموجات الثقالية القادمة من اندماج نجمين نيوترونيين وبالتالي الحصولِ على معلوماتٍ أوسعَ عن تلك العوالمِ الكثيفة.
دراسةُ النجوم النيوترونية قد تمنحنا فكرةً عن أصل العناصر الكيميائية الثقيلة كالذهب والبلاتين، إذ يسود اعتقادٌ مفاده أنّ المادة الناتجة عند اصطدام النجوم النيوترونية لا تتحول بالكامِل إلى نَجمٍ نيوترونيّ أكبر أو حتى ثقبٍ أسود، بل إنّ جزءاً من هذه المادة يشكّل نوىً ثقيلة.
للتعرُّف أكثر على النجوم النيوترونية، يمكنكم قراءة المقال التالي: هنا
مصدر المقال: هنا