الرُّضُوضُ الدِّماغيَّةُ تطأُ عَتباتِ كرةِ القدمِ
الطب >>>> مقالات طبية
سنتحدّثُ بدايةً عن تاريخِ الاعتلال الدماغيّ الرضّيّ المزمن CTE بإيجاز:
- وُصِفَ CTE أوّلَ مرّة في عام 1928؛ عندما شَخَّصَ الدكتورُ هاريسون مارتلاند مجموعةً من الملاكمين بمتلازمة "اللُّكام". Punchdrunk syndrome
- في خلالِ الـ75 سنةً التالية؛ أبلغَتِ العديدُ من البحوثِ عن موجوداتٍ مُشابِهةٍ في الملاكمينَ وضحايا رضُوض الدماغ؛ لكنْ أُكِّدتِ الإصابةُ بالـ CTE عند أقلَّ من خمسين شخصاً.
- وفي عام 2005؛ نشرَ عالمُ أمراضٍ الدّليلَ الأوّلَ على الإصابة بالـ CTE عند لاعبِي كرة القدم الأمريكيّة.
إذاً؛ ما الذي يُسبّبُ هذا الاعتلال؟
- تُخبرُنا أفضلُ الأدلّة المتاحة أنَّ سببَ الاعتلال الدماغيّ الرضّيّ المزمن هو الضّرباتُ المتكررةُ على الرّأس على مدى عدّة سنوات.
ويقولُ الدكتورُ لي غولدشتاين: "لقد توَّصلنا إلى نتائجَ مفادُها أنَّ الضرباتِ التي لا تُسبِّبُ ارتجاجاً دماغياً -أي الضربات الّتي لا تُظْهِرُ أعراضاً وعلاماتٍ عصبية- يمكنُ أنْ تكونَ مرتبطةً بالاعتلال الدماغيّ الرضّيّ المُزمن.
ولكنْ؛ من المهم أن نذكرَ أنّهُ ليس كلُّ مَنْ عانى ضرباتٍ متكررةً على الرأس سيطوّرُ CTE؛ إذْ إنّ هناكَ العديدَ من عوامل الخطر التي تجعلُ بعضَ الناس أكثرَ عُرضةً للمرض من الآخرين؛ وتتضمّن ُهذه العوامل:
1) تاريخَ أوّل تعرُّضٍ لأذِيّات الرأس: إنَّ اللّاعبين الذين يبدؤون ممارسةَ الريّاضات الجسدية في عُمرٍ صغيرٍ هم أكثرُ عُرضةً للـ CTE؛ إذ أظهرتْ عدةُ دراساتٍ منشورة أنَّ التعرُّضَ لأذِيّاتِ الرأس قبل سنّ الثانية عشرة مرتبطٌ بنتائجَ أسوأَ منَ التعرُّضِ بعدَهُ.
2) مدّةَ التعرُّض لأذِيّات الرأس: الرِّياضيون ذوو المهن ذات المدى الطويل هم في خطرٍ أكبرَ من الرياضيين ذوي المهنِ الأقصر.
3) وتوجدُ عواملُ خطر محتملةٌ أخرى لم تُكتشَف بعدُ؛ وتتضمّن الاختلافاتِ الوراثيَةَ التي تجعلُ الشخصَ أكثرَ عُرضةً لتطويرِ CTE من الآخرين.
وسيساعدُ مزيدٌ من البحثِ العلماءَ على تحديدِ ماهية هذه العوامل، وفهمِ كيفية الوقايةِ، وعلاجِ المرض.
- على الرَّغم من عدم وجودِ مُسبِّبٍ مفهومٍ لهذا المرض؛ فإنّهُ من المعتقدِ أنَّ مجموعاتٍ محدّدةً من الأشخاص هم عُرضةٌ للإصابة؛ وتتضمّنُ هذه المجموعات:
1) الرياضيّين الذّين تعرّضوا لأذِيّاتٍ دماغيّةٍ رَضيّةٍ معتدلةٍ متكرّرة؛ ولاسيما في الرّياضاتِ الجسدية.
2) قُدامَى العسكريين الذين تعرّضوا لرضوضٍ متكرّرة؛ مثل تلك الناجمةِ عن الانفجارات.
3) الأشخاصَ الذين تعرّضوا لأذِيّاتٍ متكرّرةٍ في الرأس كالأذِيّاتِ الذاتية، وضحايا الاعتداءاتِ المتكرّرة، والصرَع غيرِ المُسيطَرِ عليه.
تأثيراتُ الإصابة:
- يُعتقدُ أنَّ الاعتلالَ الدّماغيَّ الرضّيَّ المُزمنَ يُسِّببُ ضياعاً في مناطقَ من الدّماغ (أي ضموراً)، وتُؤثّرُ الإصاباتُ في أجزاءِ الخلايا العصبيّةِ المسؤولةِ عن نقلِ السيّالاتِ العصبيّةِ على الاتصالاتِ بينَ الخلايا أيضًا.
- منَ المُحتملِ أن يُظهِرَ الأشخاصُ المصابون بهذا الاعتلال علاماتِ أمراضٍ عصبيَة تنكّسية أُخرى كألزهايمر، والتصلُّبِ الجانبيّ الضُموريّ، و باركنسون أوالتنكُّسِ الفَصّي الجبهي الصدغي.
تشخيصُ الاعتلال الدماغيّ الرَضّيّ المُزمن:
- لمّا كان اعتلالُ الدماغ المُزمن يشتركُ في العديدِ من الخصائص مع حالاتٍ تنكُّسيةٍ عصبيّة أخرى؛ فإنّه لا يوجدُ حاليًّا اختبارٌ متاحٌ لتشخيص الحالة.
- يتّطلبُ التشخيصُ وجودَ دليل على تنكّسٍ في نسيج المخ، ودليلٍ على وجود ترسباتٍ لبروتيناتِ تاو، وغيرِها في الدماغ؛ والتي لايمكنُ رؤيتُها إلا بالفحص بعد الموت (أي تشريحِ الجُثة)، ويحاولُ بعضُ الباحثين البحثَ عن اختبارٍ يساعدُهم على تشخيصِ الـCTE في أثناء وجودِ الأشخاصِ على قيد الحياة، في حينَ يستمرُّ آخرون في دراسة أدمغة الأفراد المتوَّفِين الذين قد يكونُ لديهم CTE، مثل لاعبِيّ كرة القدم.
- في نهايةِ المطاف؛ فإنَّ الأملَ المتوافرَ حاليًّا هو استخدامُ مجموعةٍ من الاختبارات النفسية العصبيّة، والتصويرِ الدماغي، والمؤشراتِ الحيوية لتشخيصِ CTE. على وجه الخصوص؛ فإنَّ التصويرَ للكشف عن بروتينات الأميلوئيد (البروتينات النشوانيّة) وتاو سيساعد في التشخيص.
ما هي العلاجاتُ الموجودةُ للـ CTE؟
CTE هو مرضٌ دماغيٌّ تنكّسيٌّ مترقٍّ لا يوجدُ علاجٌ له، ثمّ إنَّ هناك حاجةً إلى مزيدٍ من البحوث عن العلاجات؛ ولكنَّ النهجَ الحالي هو تجنّبُ إصابات الرأس.
وتنطوي معظمُ العلاجاتِ CTE على تحديدِ الأعراض الأصعب التّي يعانيها المرضى، وعلاجِها على نحوٍ مُوَجّه:
تغيراتٌ في المزاجِ:
التغيراتُ في المزاج؛ متضمّنةً الاكتئابَ والتهيجَ والقلق، يمكنُ علاجُها سلوكيّاً؛ إذْ إنََّ العملَ مع معالِج سلوكيّ يمكنُ أن يساعدَ المرضى على تطوير إستراتيجياتٍ تساعدُهم على إدارة الأعراض المزاجية .
الصُّداع:
توجدُ مجموعةٌ متنوعةٌ من خيارات العلاج للصداع؛ متضمّنًا العلاجَ بالموجاتِ فوق الصوتية، والتدليكَ، والوخزَ بالإبر، أو الأدوية، وفضلًا عن ذلك؛ فالعملُ مع الطبيب لتحديدِ نوع الصُّداع مفيدٌ في تحديد أفضل خيارات العلاج.
مشكلاتُ الذاكرة:
تمارينُ تدريبِ الذاكرة؛ متضمّنةً إستراتيجياتِ تدوين الملاحظات، ويمكن أنْ تكونَ مفيدةً في مواصلةِ أنشطة المريضِ اليومية.
ونقولُ في النّهاية: إنّ الطريقةَ الوحيدةَ المعروفةَ لمنعِ اعتلال الدماغ المُزمن هي تجنبُ إصابات الرأس المتكررة، وعلى الرَّغم من صعوبةِ توقعِ العديدِ من إصاباتِ الرأس أو تجنُّبها؛ فهناك طرائقُ لتقليل المخاطر؛ منها ارتداءُ معداتِ الحماية المُوصَى بها في أثناء ممارسةِ رياضةٍ جسديّة، والتأكدُ من أنَّ أيَّ رياضةٍ جسديّةٍ تمارسُها أنتَ أو طفلك يُشرِفُ عليها شخصٌ مؤهَّلٌ ومدرَّبٌ على نحوٍ صحيح.
المصادر :
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا