هل يمكن الحمل دون مجامعة حقيقية؟
التوعية الجنسية >>>> الصحة الجنسية والإنجابية
ممّا لا شكَّ فيه أنَّ عنوانًا كهذا قد يثير استغراب كثيرٍ منّا، فمن المعروف أنَّ الحمل يحدث بعد إيلاج القضيب الذكري ضمن مهبل المرأة متبوعًا بالقذفِ عند وصولِ الرجل للنشوةِ الجنسيّة، ثمَّ تهاجر النطاف الموجودة ضمن السائل المنوي الذكري والتي يُقدَّر عددها بثلاثمئة مليون نطفة وسطيًّا في القذفِ الواحد لتصل إلى قناتي فالوب حيث تكون البيضة الأنثوية الجاهزة للإلقاح موجودةً في إحداهما عادةً. وهذا هو السبيل الكلاسيكي الذي تعلّمناه من الكتب المدرسية وحتى من المجتمع، ولكنَّ عدمَ معرفة أي سبيلٍ آخرَ قد يضع طرفيّ العلاقة أمامَ خطورةِ حدوثِ حملٍ غيرِ مرغوبٍ فيه، أو انتقال بعض الأمراض المنتقلة بالجنس. المصادر: 1 - هنا 2 - هنا
فعلى سبيل المثال؛ السّحب أو عدم القذف ضمن المهبل عند وصول الرجل للنشوة لا يعني بالضرورة منع حدوث الحمل، وذلك بسبب وجود سوائل تُفرز من غدد كوبر Cowper الموجودة في مُقدّم الإحليل، إذ تُعدّل هذه المفرزات من حموضة الإحليل وتؤمن مادة مزلّقة لمرور النظاف عند حدوث القذف، ولكن ما يجب معرفته هنا هو أنَّ هذه المفرزات -التي لا يمكن للرجل التحكم بإفرازها أو حتى الشعور بها- تحوي الآلاف؛ بل أكثر من ذلك؛ من النطاف التي يمكن أن تسبب الإلقاح والحمل، لكنَّ الدراسات تختلف في صحّة هذه المعلومة؛ إذ يشير العديد منها إلى وجود النطاف في السائل الذي يسبق القذف؛ في حين تنفي دراساتٌ أخرى ذلك، ولا يجلب اختلاف الدراسات في هذه الفكرة الطمأنينةَ للشركاء الذين يحاولون تجنُّب الحمل، بل يضع أمامهم تحدّيًا جديدًا لمنع احتمالية حدوث حملٍ غير مرغوب فيه.
وحتى بالنسبة إلى السائل المنوي الّذي قُذف خارج المهبل فهو يمكن أن يسبب الحمل ولو كان بنسبةٍ بسيطة، فكيف ذلك؟
إذا تبلَّلت الثيابُ الملامسة للمهبل بشدّة بالسائل المنوي فإنّه يمكن حينها لبعض النطاف أن تعبر هذه الملابس إلى داخل المهبل، وكذلك عند القذف على الفرج من الخارج، أو ملامسة المهبل بالأصابع الملوثة بالسائل المنوي، أو حتى عند ملامسة القضيب المنتصب للمنطقة المحيطة بالفرج بسبب وجود المفرزات التي تكلمنا عنها سابقًا، إذ يمكن للنطاف أن تنتقل إلى داخل المهبل لأنها قادرة على الحركة، فخلافًا لبعض الاعتقادات الشائعة؛ لا تموتُ النطاف عند تماسها مع الهواء المحيط أو الأوكسجين، بل تبقى حيّة حتّى يجف السائل المنويّ كلّيًّا.
إنَّ الوعي الجنسيّ بخطورة الحمل غير المتوقّع يتطلّبُ إدراكَ هذه المعطيات والتخلي عن المعلومات المغلوطةِ الشائعة، كأنْ نقولَ إن الجنس الشرجي آمنٌ وسليمٌ تمامًا، وهذا خاطئٌ لأنَّ تسرّب السائل المنوي من فوهة الشرج قد يحمل خطرَ حدوثِ الحمل نظرًا لقربها من فوهة المهبل، أو أن نقول إنّ القذف قبل ممارسة الجنس ينقص من احتمال الحمل، وهذا خطأ أيضًا؛ فحتّى لو حدث القذفُ عدّةَ مراتٍ فسوف يبقى السائل المنوي محتويًا على ملايين النطاف.
نعود ونذكّر أنَّ احتماليّةَ حدوثِ الحملِ بهذه الطرائق نادرةٌ جدًّا، ولكن هذا لا يعني التصرف دون مسؤوليّةٍ، فاستعمال وسائل منع الحملِ ضروريٌّ جدًّا حتى لو لم تحدث مجامعة حقيقية، وذلك للوقاية من الأمراض المنتقلة بالجنس أيضًا، ويكون ذلك باستعمال الواقي الذكري.