التليّفُ الرّئوي Pulmonary fibrosis؛ عوامل الخطورة والتشخيص والعلاج - الجزء الثاني -
الطب >>>> مقالات طبية
عواملُ الخطر:
هي العواملُ التي تجعلكَ أكثرَ عرضةً للإصابة بالتليّفِ الرّئوي؛ وتشمل:
1- العمر: مع أنّ التليّف الرئويّ قد يشُخَّصُ لدى الأطفالِ والرُّضَّع؛ لكنّه غالباً ما يصيبُ بالغي منتصفِ العمر وكبارَ السّن.
2- الجنس: من المرجَّحِ أن يؤثّرَ التّليّفُ الرّئوي المجهولُ السّبب في الرجال أكثر من النساء.
3- التّدخين: يصيب التليُّفُ الرئوي المُدخنين أو الذين كانوا يدخنون في السابق أكثر من غير المدخنين، فضلًا عن أنّه يمكنُ أن يصيب المرضى الذين يعانون النفاخَ الرئوي Emphysema.
4- بعض المهن: يزدادُ خطر الإصابةِ بالتليف الرئوي في حالِ ممارسة بعضِ المهن؛ كالتنقيب عن المعادن أو الزراعةِ أو البناءِ، أو في حالِ التعرّض للملوثاتِ التي تُحدِث تلفًا في الرّئة.
5- علاجاتُ السّرطان: يمكنُ أن يؤدي تعرض الصدر لعلاجاتُ الإشعاعِ أو استخدامُ بعضِ أدوية العلاج الكيميائيّ إلى زيادةِ خطر الإصابة بالتليّف الرّئوي.
6- العواملُ الوراثيّة.
تشخيصُ التّليف الرئوي:
لتشخيصِ التليف الرئوي؛ يراجعُ الطبيبُ التاريخَ الطبيّ والعائليّ، ويناقشُ العلاماتِ والأعراض، ويراجعُ أيَّ تعرُّضٍ من قبل المريضِ للغبارِ أوالغازات أوالمواد الكيميائيّة، إضافةً إلى إجراءِ فحصٍ سريري جسديّ؛ يستخدمُ فيه الطبيبُ السماعةَ الطبيّة للاستماعِ بعنايةٍ للرئتين في أثناء التنفس، وقد يطلبُ الطبيبُ إجراءَ واحدٍ أو أكثر من الاختباراتِ الآتية:
أولاً: اختباراتُ التّصوير؛ وأهمُّها:
-صورة شعاعية للصدر (أشعة سينية): تُظهِرُ صورةُ الصدر بالأشعة السّينية النسيجَ النّدبي المميز للتليّفِ الرّئوي، وقد تكونُ مفيدةً لمراقبةِ مسارِ المرضِ والعلاج، لكنَّ هذه الصورة قد تبدو طبيعيةً؛ فتُطلَبُ اختباراتٌ أُخرى لتبرير ضيق تنفس المريض.
- التصويرُ المقطعيُّ المحوسب (CT): تَستخدِمُ أجهزةُ التصوير المقطعيّ المحوسب جهازَ حاسوبٍ يجمعُ بين صورِ الأشعة السّينية المأخوذة من العديد من الزوايا المختلفة لإنتاجِ صورٍ تُظهر مقاطعَ عرضية للبِنى داخل الجسم، وقد تكون المقاطع العاليةُ الدّقةِ مفيدةً في تحديدِ درجة تأذي الّرئة النّاتجِ عن التليّف الرّئوي.
ثانياً: اختباراتُ وظائفِ الرئة:
-اختبارُ قياسِ التنفس؛ إذ يُمكنك الزفيرُ بسرعةٍ وقوةٍ من خلال أنبوبٍ متصلٍ بجهازٍ يقيسُ كلًّا من كميةَ الهواءِ التي يُمكن للرئتين الاحتفاظُ بها وسرعةِ تحركِ الهواء داخلَ الرئتين وخارجهما، ويُمكن إجراءُ اختباراتٍ أُخرى لقياسِ حجم الهواء في الرئتين أيضًا؛ وذلك في أثناء مراحل مختلفة من دورة التنفس، إضافةً إلى قياس سعةِ انتشار الغاز إلى الدم.
-مقياسُ التأكسج: يَستخدِمُ هذا الاختبارُ البسيطُ جهازًا صغيرًا يُوضَعُ على إحدى الأصابعِ لقياسِ تشبُّع الأكسجين في الدّم، ويُمكن أن يُستخدمَ هذا الاختبارُ بوصفه طريقةً لمراقبةِ مسار المرض.
-اختبارُ الإجهاد: بالتمرينِ على جهازِ الرّكض أو الدرّاجة الثابتة؛ لمراقبةِ وظائف الرّئة في حال الإجهاد.
-تحليل غازاتِ الدّم الشريانيّ: يختبر الطبيبُ عينةً من الدم، وعادةً ما تُؤخَذُ من شريانٍ في المعصم، ثمَّ تُقاسُ مستوياتُ الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في العينة.
ثالثًا: عينةُ الأنسجة (الخزعة Biopsy)
إذا لم يتشخَّص التليف الرئوي بالاختبارات السّابقة؛ فقد يلجأ الأطباءُ إلى أخذِ كميةٍ صغيرةٍ من أنسجةِ الرّئة (خزعة) ثم فحصها في مختبرٍ، ويُمكنُ الحصولُ على الخزعةِ بإحدى الطرائقِ الآتية:
-تنظيرُ القصبات Bronchoscopy: في هذا الإجراءِ يأخذُ الطبيبُ عيناتٍ صغيرة جدًّا من الأنسجة -حجمها لا يتجاوز رأس الدبوس- باستخدامِ أنبوبٍ مَرنٍ صغير ( يُسمَّى منظارَ القصبات) يمرُّ عبر الفم أو الأنفِ إلى الرئتين.
-الخزعةُ الجراحيّةُ: على الرغمِ من أنّ هذا الإجراء أكثرُ غزوًا؛ لكنَّه قد يكونُ الطريقةَ الوحيدة َ للحصول على عينةٍ نسيجية ذات حجم كافٍ لإجراءِ تشخيصٍ دقيق، ويمكن تنفيذُ ذلك بجراحةٍ قليلة الغزو نسبيًّا تُسمَّى بجراحةِ التنظيرِ الصدريّ بمساعدة الفيديو (VATS)، أو بجراحة مفتوحة (عملية بضع الصدر)، ويحتاجُ كلا الإجرائَين إلى تخديرٍ عام.
معالجةُ التليّف الرئوي:
يتجلى بعلاج الأعراض الخاصة بك:
1- السُّعال: قد يعالجُ الطبيبُ المشكلات التي تزيده سوءًا، مثل حرقة المعدة أو زكام الأنف.
2- يجب إخبارُ الطبيب إذا كان لديك أعراض القلَس المعديّ المريئي؛ مثل حرقة الفؤاد (أي الشعور بألم حارق في منتصف الصدر؛ سببه ارتجاع أحماض المعدة إلى المريء) أو تذوقِ الطعم الحامض في مؤخرة الفم، لأنَّ ذلك قد يسبب تفاقماً في الالتهاب والتليف، إضافةً إلى جعل السعال أسوأ.
3- الضيق في التنفس: يمكن أن يكون له تأثيرٌ خطيرٌ في حياتك اليومية، لذلك تُعدُّ إعادة التأهيل الرئوي -الذي ستُذكَر لاحقاً- علاجًا مهمًّا لمساعدتك على التعامل مع ضيق التنفس.
4- التدخين: التوقف عن التدخين مهمٌّ جدًّا في هذه الحالة.
و/أو باللجوء إلى ما يأتي:
1) الأكسجين: يُعطَى المريضُ أسطوانةَ أكسجينٍ مَحمُولَةً لاستخدامها عند التجوال، ويُخصَّصُ لكل مريض وصفةَ أكسجين خاصّةٌ به لتلبيةِ احتياجاته الفردية، ويُنصَحُ بكيفيّةِ ضبطِ تدفُّقِ الأكسجين وفقًا لمدى نشاطه.
ويُقدَّمُ ذلك إلى المريض في حال تفاقُمِ وضعه وانخفاض مستوى الأكسجين في دمه، ما قد يجعله يشعرُ بضيقٍ كبير في التنفس.
2) زرعُ الرئة: يُمكن أن تؤدي عمليةُ زرعِ الرّئةِ إلى تحسينِ نوعية الحياةِ وتسمحُ للمريضِ بالعيش حياةً أطول، ولكنَّها يمكن أن تنطوي على مضاعفاتٍ مثل الرّفض أو العدوى، وبذلك لن يكون جميعُ مرضى التليّفِ الرّئويّ مُؤهَّلين لهذه العمليةِ.
3) إعادةُ التأهيلِ الرّئوي (PR): إعادةُ التأهيلِ الرئويّ (PR) هو برنامجٌ واسعٌ يُساعد على تحسين نوعيةِ الحياة للأشخاص الذين يعانون المشكلاتِ التنفسية المُزمِنة، و يشملُ هذا البرنامجُ التدريبَ على التمارين، وتقديمَ المشورةِ الغذائيّة، والتوعيةَ بأمراض الرّئة وكيفيّةِ التعامل معها، وإستراتيجياتِ التنفس، وتقديمَ المشورة النّفسية.
4) الأدوية: قد يوصي الطبيبُ بأدويةٍ جديدةٍ متضمّنةً بيرفينيدون pirfenidone ونينتيدانيب nintedanib، وقد تُساعِدُ هذه الأدويةُ على إبطاء تطور التليُّف الرئويّ المجهولِ السّبب، وقد أُقِرّتِ الموافقةُ على كلٍّ من هذه الأدويةِ من قِبلِ إدارة الغذاء والدواء (FDA)، لكنّ البحوث لا تزال قائمةً عن مزيدٍ من أدويةِ التليّف الرئوي.
وفضلًا عن ذلك، قد يوصي الأطباءُ بالأدويةِ المضادةِ للحموضة؛ لعلاجِ مرض الجزر المعديّ المريئيّ (GERD).
مراحلُ التليّفِ الرّئوي:
غالباً ما يزدادُ التليّفُ الرئويّ سوءًا بمرورِ الوقت، ولا يستطيعُ أحدٌ أن يتنبَّأ للمريض بسرعةِ تطوّر المرض لديه.
لذا فعند تشخيص التليّف الرئويّ لدى المريض؛ من الطبيعيّ أن نسألَ: ما مدى تقدمِ المرض؟ وفي أيّةِ مرحلة هو؟
عادةً ما يستخدمُ الأطباءُ عواملَ مختلفةً لوصفِ المرض بأنّه خفيفٌ أو معتدلٌ أو شديدٌ أو شديدٌ جدًّا، ومن هذه العوامل:
1- الأعراض: مناقشةُ الأعراض مع الطبيبِ هو المفتاحُ لتحديدِ شدّة التليّف الرئوي.
2- اختباراتُ وظائفِ الرّئة التي تعطي الطبيبَ معلوماتٍ لمعرفةِ شدّة التليّف الرّئوي.
3- إجراء اختبار المشي مدةَ ستّ دقائقَ؛ لقياس القدرةِ على ممارسة التمارين الرياضية.
4- المسحُ المقطعيُ العالي الدقة (HRCT) الذي يُظهِرُ مقدارَ النّدوب في الرّئتَين.
وفي الآونةِ الأخيرة؛ طُوِّرَ نظامُ تسجيلٍ يُسمَّى نموذج GAP الذي يَستخدِمُ الجنسَ Gender والعمرَ Age وعلمَ وظائفِ الأعضاء Physiology (ويتضمن معلومات عن وظائف الرئة) من أجل تقييم مرحلةِ التليّف الرّئويّ PF، ولكن لا يَستخدِمُ كلُّ الأطباءِ نظامَ التدريج هذا.
إنذار التليّفِ الرئويّ والتليّفِ الرّئوي المجهولِ السّبب:
على الرغم من تباين إنذار أمراض الرئة الخلالية والتليف الرئوي غير المجهولِ السبّب؛ فإنّ إنذار هذه الأمراض عندما تكون غير مجهولة السبب يُعَدُّ -عمومًا- أفضلَ من إنذارِ التليّف الرّئوي المجهولِ السّبب IPF؛ إذ تعتمد الأمراضُ الرئويةُ غير المجهولة السّبب في مسار علاجها على السبب الرئيس المُؤدّي إلى المرض.
وعمومًا؛ لا يستطيعُ أيُّ طبيبٍ التنبؤَ بالفترة التي سيبقى فيها مريض التليّف الرّئوي على قيد الحياة، فبعضُ المرضى يتطورُ لديهم المرضُ بمعدّلٍ بطيء؛ في حين يتطوّر لدى بعضهم الآخر بسرعة؛ وفي حال شُخِّصَ لديك التليفُ الرئويّ؛ فأفضلُ ما يمكنك فعلُه هو التحدثُ مع الطبيب عن كيفيّةِ الاعتناءِ بنفسك، وعن تناولِ الغذاءِ المناسبِ وممارسةِ التمارين وحمايةِ رئتيك، ومناقشته أيضًا في ما إذا كان هناك أيّةُ أدويةٍ مناسبةٍ لعلاج التليّف الرئويّ لديك أو الأعراض المرافِقة له، ويُمكنك سؤالُ الطبيب أن يحيلكَ إلى مستشارٍ أو معالجٍ نفسي يمكنُه مساعدتك في هذا الوقتِ العصيب.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا