كشفَ علماءٌ من جامعة بورتسماوث University of Portsmouth والمختبر الوطني للطاقة المتجددة NREL التابع لوزارة الطاقة الأمريكية عن أنزيمٍ قادرٍ على تفكيك بعض المواد البلاستيكية الأكثر تلويثًا في العالم؛ الأمر الذي قد يوفِّرُ حلًّا مُحتَمَلًا لإحدى أكبر المشكلات البيئية الحالية، إذ من المحتمل أن يُؤسِّس هذا الاكتشاف للحل لإعادة تدوير ملايين الأطنان من العبوات البلاستيكية المصنوعة من بولي إيثيلين تيريفثاليت (PET) والتي يحتاجُ تفكُّكها في البيئة إلى مئات السنين.

اكتشف الباحثون هذا الأنزيم في أثناء تحليلهم بنية أنزيمٍ طبيعيٍّ يُعتقَد أنَّه تطوَّر في مركزٍ لإعادة تدوير النفايات في اليابان؛ سامِحًا للبكتيريا بتحليل البلاستيك كمصدرٍ للغذاء ونُشِر بحثهم في مجلة (Proceedings of the National Academy of Sciences)

لم تكن مادة PET التي سُجِّلت براءة اختراعها بصفتها مادةً بلاستيكية في أربعينيات القرن الماضي موجودةً في الطبيعة فترة طويلة، لذلك قرر الفريق تحديد كيفية تطور ذلك الأنزيم طبيعيًّا وإمكانية تحسينه، فكان الهدف من البحث هو فهم بنية الأنزيم الطبيعي، ولكن انتهى الأمر إلى تطوير أنزيمٍ عن طريق الصدفة ذي فعاليةٍ أكبر في تحطيم بلاستيك الـ PET.

لفهم بنية الأنزيم الطبيعي PETase -وهو أنزيم اكُتشِف حديثًا قادر على تفكيك مادة PET-؛ حلل الباحثون البنية البلورية له واستخدموا النتائج الثلاثية الأبعاد لفهم كيفية عمله، وبالنتيجة أدت الدراسة عن طريق الصدفة إلى تطوير أنزيمٍ أفضل في تحطيم البلاستيك من ذلك الذي تطور في الطبيعة؛ إذ غيَّروا في تركيب أنزيم الـ PETase وكانت النتيجة نوعًا جديدًا من الأنزيمات قادرٌ على تفكيك البلاستيك بكفاءةٍ أكبر من الأصل، وعلى الرغم من كون التحسُّن صغيرًا؛ لكنَّه كشف عن إمكانية تعديل أنزيمات تفكيك البلاستيك لتزيد من قدرة الأنزيم لتفكيك الـ PET على نحوٍ أكبر.
يمكن لهذا الأنزيم أن يفكِّك مادة البولي إيثيلين فورانات ثنائي الكربوكسيل (PEF) أيضًا، وهي بديلٌ حيويٌّ لمادة PET ويمكن استخدامها في صناعة عبوات بلاستيكية بديلة لعبوات البيرة الزجاجية، ويعمل الباحثون الآن على تحسين الأنزيم على نحوٍ أكبر للسماح باستخدامه صناعيًّا لتحطيم البلاستيك في جزءٍ صغيرٍ من الوقت.

إنَّ عملية تصميم هذا الأنزيم هي نفسها المُستخدَمة في صناعة الأنزيمات الخاصة بـ منظفات الغسيل العضوية bio-washing detergent وفي صناعة الوقود الحيوي؛ وهذا يعني أنَّ العمليات الصناعية المذكورة سابقًا مستخدمة ومشهورة بالفعل وبذلك فإنَّه من المحتمل أن نرى في السنوات القادمة عملياتٍ صناعية قابلة للتطبيق لتحويل PET  ومواد أخرى تدخل في صناعة البلاستيك مثل بولي إيثيلين فورانات ثنائي الكربوكسيل (PEF) وبولي حمض اللاكتيك (PLA) وبولي بوتين ساكسنيات (PBS) مرةً أخرى إلى مركباتها الأصلية ليُمكن إعادة تدويرها على نحوٍ مستدام.

يعدُّ هذا البحث البداية فقط؛ وهناك الكثير للعمل عليه في هذا المجال، وتشير النتائج الجديدة إلى أنَّه قد يكون من الممكن حل المشكلة العالمية للتلوُّث بالبلاستيك عن طريق إدخال تحسيناتٍ هندسية على الأنزيمات الفعالة في استهلاك البلاستيك مثل أنزيمات PETase المٌعدلة، وإنَّ المزيد من العمل على هذا الأنزيم وأقرانه قد يجعلها أكثر كفاءةً في تفكيك البلاستيك.

مصدر
هنا

هنا

هنا

هنا