الحافز الذي يحرّك حياتك
علم النفس >>>> الصحة النفسية
الحافز: يشير إلى العوامل المنشطة للسلوك الموجَّه نحو هدفٍ ما، إذ تُعَدُّ الدوافعُ مسبّباتٌ للسلوك؛ أي الاحتياجات أو الرغبات التي تدفعنا إلى فعل شيءٍ ما، وتعلّل فعلنا له.
بكلماتٍ أخرى: يُعرّفُ التحفيزُ بأنّه العملية التي تبدأ بالسلوكيات الموجهة نحو الهدف وتوجّها وتحافظ عليها؛ فالدافع أو الحافز هو ما يجعلك تسلك مسلكاً معيناً، وقد يكون هذا المسلك مثلاً الحصولَ على كوبٍ من الماء لقتل العطش، أو قراءة كتابٍ لاكتساب المعرفة.
يتضمن التحفيزُ القوى البيولوجية والعاطفية والاجتماعية والمعرفية التي تنشّط السلوك في الحياةِ اليومية الاعتيادية، فكثيراً ما يُستخدم مصطلح الحافزُ لوصفِ سببِ فعل شخصٍ ما شيئًا ما. على سبيل المثال؛ قد تقول أن الطالب (س) لديه دافعٌ كبير للالتحاق بكلية الطبّ عارفاً أن الوصول إلى هذا الهدف يتطلّب المثابرةَ على الدراسة كلّ يومٍ بلا كلل.
تحفيزٌ خارجيٌّ أم تحفيزٌ داخلي؟
قد يظنُّ البعضُ أن الحافز من أجل فعل شيءٍ ما ينبع من داخل الإنسان فقط، في حين يعتقدُ آخرون بأنه عاملٌ خارجي فقط، ويأخذ علمُ النفس بكليهما. هناك إما:
- حوافزُ خارجية: هي تلك التي تنشأ من محيط الفرد، وغالباً ما تنطوي على مكافآتٍ مثل الجوائز أو الاعتراف الاجتماعي أو الثناء.
- حوافز ذاتية\الداخلية: وتتولد من داخل الفرد؛ مثل حلّ لغز الكلمات المتقاطعة المعقدّة لأجل الإشباع الشخصي لحلّ مشكلة ما.
ولكن؛ ما هي مصادر هذه الحوافز المختلفة؟ وما منشؤها؟
الحاجات السلوكية/ الخارجية:
السلوك المرتبط بمخفّزات خارجية؛ كوجود إطارٍ زمنيٍّ لتسليم الأعمال، أو الحصول على نتائج مرغوبةٍ ومرضية (المكافآت)، علاوةً على محاولة تجنب المغبّات.
الحاجات الاجتماعية:
نكتسب التحفيز لرغبتنا بتقليد النماذج الإيجابية المعروفة، أو اكتساب مهاراتٍ اجتماعيةٍ مؤثرةٍ وفاعلة، أو الانتماء إلى مجموعةٍ أو مؤسسةٍ أو مجتمع.
الحاجات الإدراكية أو الذهنية:
للحفاظ على الانتباه لما يثير اهتمامنا، أو ما يهدّد حياتَنا بالخطر، أو لتطوير معنى ما، أو لفهم أمرٍ ما، أو لحلِّ مشكلةٍ ما، أو لاتخاذ قرار.
الحاجات الروحية :
كالرغبة في فهم الغرض من حياة المرء، وتكوين مفاهيمه الشخصية المتمحورة حول دوره فيها.
نظريات في الدافع أو التحفيز:
توجد العديد من النظريات التي تناولت موضوع التحفيز والسلوك البشري؛ كالنظرية السلوكية، والنظريات الإدراكية (كنظرية الإسناد، ونظرية التوقع، ونظرية التناظر المعرفي)، ونظريات التحليل النفسي، والنظرية الإنسانية، والنظريات الشخصية أو الروحانية، والحافز عن طريق الإنجاز، وغيرها من النظريات الحديثة .
ربما كان من المهم ذكر النظرية الإنسانية في هذا المجال، ورائدها (أبراهام ماسلو Abraham Maslow 1954) صاحب هرم ماسلو الشهير، وهو أحدُ أكثر الكتّاب تأثيراً في مجال التحفيز، والذي حاول تكوين مجموعةٍ كبيرةٍ من الأبحاث المتعلقة بالدوافع البشرية، وقد ركّز الباحثون عموماً قبل ماسلو في مجال شرح ما ينشط سلوك البشر ويوجهه ويدعمه في مجالاتٍ منفصلةٍ عن عوامل معينة؛ كالعوامل البيولوجية، أو الحاجة إلى الإنجاز، أو القوة.
وأما ماسلو؛ فقد وضع تسلسلاً للاحتياجات البشرية على أساس مجموعتين: احتياجات النقص، واحتياجات النمو.
فيما يتعلق باحتياجات النقص؛ يجب تلبية كل حاجةٍ موجودةٍ في المستوى الأقلّ قبل الانتقال إلى المستوى الأعلى اللاحق في الهرم (يرجى مراجعة هرم ماسلو في الرابط أعلاه). وعند تلبية كلٍّ من هذه الاحتياجات، وإذا ما اكتُشِفَ نقصٌ في وقتٍ ما في المستقبل؛ فإن الفرد يعمل على إزالة أي نقصٍ كان. المستويات الأربعة الأولى هي:
1) الفيزيولوجية/ الحيوية: الجوع والعطش، ووسائل الراحة الجسدية، وما إلى ذلك.
2) السلامة والأمن من الخطر.
3) الانتماء والحب: أن تكون مقبولاً.
4) الاحترام والثقة: بالإنجاز، والمنافسة، وكسب القبول والاعتراف.
أما احتياجات النمو في هذه الصيغة فهي:
5) المعرفية أو الذهنية: أن تعرف، وأن تفهم، وأن تستكشف.
6) الجمالية: التماثل والنظام والجمال.
7) تحقيق الذات: لإيجاد تحقيق الذات وتحقيق إمكانات الفرد.
8) السموّ الذاتي: للاتصال بشيء ما وراء الأنا، أو لمساعدة الآخرين على تحقيق الذات وتحقيق إمكاناتهم.
بحث ونتيجة:
يُؤمِن البروفسور (Kou Murayama) من جامعة ريدينغ بأهمية الحافزِ بوصفه جانبًا من جوانب السلوك البشري، لذلك أجرى عدة دراساتٍ في مجالات التحفيزِ و التعلّم؛ إذ وجد أن الحاجات والدوافع تختلف وتتنوع باختلاف المراحل التعليمية.
وقد أجاب عن سؤال: هل المكافأة تحسّن دراسة الطلاب وتحفّز عليها؟ وكانت نتيجة دراسته بأنّه من المؤكد أن المكافآتِ فعّالةٌ في تحفيز الناس وتعزيز عملية التعلم، ويدعم نتيجته بحقيقة وجود علاقةٍ عصبيةٍ بين الدافع (المكافأة) وأنظمة الذاكرة في الدماغ، ولكن يوجد بعض الشروط؛ كأن يكون الواجب مثيراً للاهتمام بجوهره بالنسبة إلى المنفِّذ؛ فقد تقلّل المكافآتُ من الدوافع في هذه الحالة ولا تجلب بالنتيجة أية فوائد للتعلم.
ختاماً نقول أن فهم الدوافع البشرية الموجّهة للسلوك أمرٌ مهمٌّ جداً؛ لأنّه يلمس جوانب حياتنا كلّها في الأسرة ومؤسسات التعليم والمجتمع، والفهم هو بداية طريق اكتشاف ما يحفّزنا شخصياً ويقود سلوكنا؛ سواء أكان القبول الاجتماعي أو المكافآت المغرية أو تحقيق شعور الأمان، أو الحاجة الروحية. هذه الحوافز التي إن استثمرنا فيها تمَكَّنّا من الوصول إلى أهدافنا والنجاح.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا