عليك بالتطعيم؛ فجهازك المناعي لن يظلَّ قويًا.
منوعات علمية >>>> العلم الزائف
هل من الممكن إنكار التطعيم؟
هل يعدُّ التوقف عن التطعيم قرارًا شخصيًا؟
يعدُّ أمان التطعيم وفعاليته وقدرته على حماية البشر من أمراض معينة من الأبحاث التي أُجرِيَت عليها أكثر الدراسات والاختبارات دقةً حتى الآن، ومن المثير للسخرية أنَّنا لا نزال بحاجة إلى إقناع بعض الأشخاص بضرورة اللقاح، وأنَّ تركه سيؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة والمعاناة والموت؛ فقد تبدو بعض الأفكار المنتشرة عن محاربة التطعيم جذابة وشائعة، ولكنَّها لن تغير الحقيقة العلمية بأنَّ التطعيم قد أنقذ حياة ملايين الأشخاص، وأنَّ إنكار التطعيم سيعيد انتشار أمراض قُضي عليها سابقًا.
سنُوضِّح لكم لمَ علينا التوقف عن تجاهل من ينكرون التطعيم، وأخذ موقف حازم ضدَّهم لأنَّهم يتمسكون بقناعات عمياء؛ فإنكار التطعيم ليس قرارًا شخصيًا على الإطلاق، ولأنَّ إنكار التطعيم ليس مثل غيره من العلوم الزائفة؛ سنعرضُ لكم الأدلة التي تدعم كون التطعيم أكثر العلوم الزائفة ضررًا:
الشخص الذي لم يحصل على التطعيم سيعجز عن حماية نفسه من أمراض خطيرة:
إنَّ الإيمانَ ببعضِ الأفكار المغلوطة أو العلوم الزائفة هو إنكار لأدلة ملموسة قد ثَبَتت صحتها، ولكن ذلك نادرًا ما يسبب ضررًا كبيرًا للغاية؛ فمثلًا من يؤمن بأنَّ الهبوط على القمر كان خدعة أو أنَّ الأرض مسطحة سيبتعد عن الحقيقة، ولكنه في النهاية لن يضرَّ نفسه، ومن يؤمن بالعلاج عن طريق الطاقة وبسوار الطاقة الذي يُحفِّز دوران الدم سيقوم بممارسات ينعكس تأثيرها السلبي عليه فقط، وهي في النهاية لن تضرَّ كثيرًا.
ومن يؤمن بالأبراج وتأثيرها في حياته سيتّخذ قرارات غير منطقية ستؤثر في علاقته بمن يحيط به، وتأثيرها غير كبير في كثير من الحالات، وأمّا من ينكر التطعيم؛ فسيُصاب بأمراض فتاكة قد تنتهي بإصابة خطرة أو أذية جسدية لا يمكن علاجها.
من المستحيل تفادي النتائج الكارثية للتوقف عن التطعيم:
ثبت تاريخيًا وقطعيًا أنَّ التوقف عن التطعيم مدةً قصيرةً يؤدي إلى وفيات بأعداد كبيرة؛ وبحسب منظمة الصحة العالمية تسببت الحصبة بوفاة 2.6 مليون شخص عام 1980، في حين هبط هذا الرقم إلى 146 ألف شخص عام 2013، وتركزت الوفيات في مناطق لا يُعطى فيها التطعيم على نحو واسع، وأمّا المناطق التي يُطعَّم فيه الأفراد؛ فالأعداد تكاد لا تُذكر، فعلى سبيل المثال؛ لم تُسجَّل أيَّة حالة وفاة بسبب الحصبة في الولايات المتحدة الأمريكية في الأشهر الثمانية الأولى من ذلك العام بسبب معدلات التطعيم المرتفعة.
ومن المؤسف أنَّ البعض لا يتعلم من التاريخ أو ينكره عمدًا مثلما تفعل بعض الأحزاب السياسية التي تحارب التطعيم؛ إذ إنَّ قضية التطعيم تختلف تمامًا عن القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تتناولها الأحزاب السياسية، فأيًّا من تلك القضايا لا يملك دليلًا علميًا قاطعًا؛ فالأحزاب السياسية التي تُنكر التطعيم تتمسك بآراء شخصية وأيديولوجيات عمياء تحمل كثيرًا من المغالطات المنطقية، ولا تتمتع بأيَّة درجة من درجات الثقافة العلمية، وعندما يكون إنكار التطعيم جزءًا من الخطاب السياسي فإنَّها تكون- للأسف- نهاية المنطق وبداية التعصب الأعمى.
إنَّ الأذية الناجمة عن عدم التطعيم تلحق بالجميع سواء تناولوا التطعيم أم لا، فلا تقتصر على الشخص نفسه:
هنا بيت القصيد والسبب الأهم؛ فسواء أكانت الأمراض ذات منشأ فيروسي أو بكتيري فإنِّها معدية، وقد ينشر الشخصُ الحامل للمرض العدوى في المدرسة والعمل والمواصلات العامة والأندية الرياضية ومحلات الطعام، وإنَّ الأشخاص الذين لم يحصلوا على التطعيم عرضةٌ للإصابة بالمرض، ويُعدّون خطرًا على الأشخاص الذين لم يحصلوا على التطعيم، ولكنَّ المصيبة الكُبرى أنَّهم يُمثِّلونَ خطرًا على الأشخاص الذين حصلوا على التطعيم أيضًا، فهل يُصاب فعلًا مَن حَصَلَ على التطعيم سابقًا؟ الجواب نعم، وهناك أربع حالات تنتقل فيها العدوى لأشخاص حصلوا على التطعيم :
-إنَّ فعالية التطعيم تتراوح بين 80-99%؛ ممَّا يعني أنَّه من بين كل 100 شخص هناك شخصٌ واحدٌ إلى 19 شخصًا عرضة للعدوى مع أنَّهم حصلوا على التطعيم.
-للبكتريا والفيروسات القدرة على التغيُّر؛ ممَّا يجعل التطعيم غير فعال، وعندها سيحمل الشخص الذي رفض التطعيم المرض لـ 100% من الأشخاص الذين حصلوا على التطعيم.
-إنَّ الرُّضع والأطفال الذين لم يحصلوا على التطعيم بعد ولو كانوا يملكون المناعة من أمهاتهم؛ مُعرَّضون جدًا للإصابة بالعدوى بسبب ضعفهم وعدم حصولهم على اللقاح بعد.
-بعض الأشخاص لديهم خلل في الجهاز المناعي؛ ممَّا يجعلهم عرضة للإصابة.
وهكذا فإنَّ الشخص الذي رفض التطعيم هو وسيلةٌ لنشر الأمراض لكل من يحيط به وحتى لمن أخذ التطعيم.
نقابلُ كثيرًا ممن يؤمنون بعلوم زائفة، وغالبًا ما نشيح نظرنا عنهم ونتمتم لأنفسنا " لك الحق بأن تؤمن بما تشاء"، ولكن عندما نقابل شخصًا ينكر التطعيم؛ فيجب علينا أن نتوقف عن تجاهله؛ لأنَّ رفض أي شخص للتطعيم يسبّب خطرًا على كل من يحيط به، والحالة ليست قرارًا شخصيًا بأيِّ حال من الأحوال.
في النهاية نقول؛ ترك التطعيم ليس مثل التدخين، فأنت لا تضر نفسك وحسب؛ بل يشبه الأمر إجبار مجموعة عشوائية من الناس على التدخين معك، وهو ما يبتعد كل البعد عن كونه حريَّة شخصية فقط.
المصادر: