تحليل التعادل متى سيحقق مشروعي أرباحًا صافية؟
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> العلوم الإدارية
يعدُّ القيام بتحليل التعادل أمرًا مهمًّا لتوقُّع النقطة التي يصبح العمل أو المشروع عندها قادراً على تغطيةِ جميع المصاريف السابقة والبدء بتوليد الأرباح، وتزداد أهميةُ إجراء هذا التحليل في الأيام الأولى من بدء أي عملٍ جديد.
وقد تبدو مهمة القيام بهذا التحليل أولَ مرةٍ أمرًا شاقًا، لكنَّها تتحول إلى رياضياتٍ بسيطة إذا كنت قادرًا على التنبؤ بتكاليف ومبيعات عملك في الفترات القادمة على نحوٍ صحيح. ويعدُّ كل من تحديد التكاليف وأرقام المبيعات المتوقعة أمرَين بالغَي الأهمية للتمكُّن من تحديد كميةِ الإيرادات الواجبِ تحقيقُها لتغطيةِ المصاريف.
وتصل الشركة إلى نقطة التعادل عندما تتساوى مبيعاتها (أو إيراداتُها) مع مصاريفها، ولا يتحقق أي ربحٍ للشركة عند هذه النقطة، لكنَّها بالمقابل لا تتكبَّد أي خساراتٍ أيضًا، ومن هنا تبرز أهمية حسابِ نقطة التعادل لأصحاب الشركات، فهي تمثل النقطة التي يبدأ بعدها تحديدُ هامش الربح؛ أي أنها أقل نسبة للربح من إجمالي الإيرادات التي تضمن تغطية مصاريف الشركة.
تعريف التكاليف:
هنالك نوعان من التكاليف التي يجب أن تؤخذ بالحسبان عند إجراء تحليل التعادل، وهما:
التكاليف الثابتة: وهي التكاليف التي لا تتغير مع تغيُّر حجم المبيعات، كتكاليف بدء التشغيل (البدء بالعمل) والإيجارات والتأمين والحواسيب؛ جميعها تكاليف ثابتة يجب دفعها قبل أن تتمكن من بيع أول سلعة.
التكاليف المتغيرة: وهي المصاريف المتكررة التي يجب تحملها (أو دفعها) مع كل وحدةٍ مُباعة؛ أي المصاريف التي تتغيّر مع تغيُّر حجم المبيعات، فإذا كنت تمتلك متجرًا لبيع بطاقات المعايدة، سيكون عليك أن تشتري هذه البطاقات من شركةٍ مخصَّصةٍ لبيع الأدوات المكتبية، وإذا كان سعر كل بطاقة دولارًا واحدًا، فإن هذا الدولار هو التكلفة المتغيرة التي عليك أن تدفعها مع كل بطاقة تبيعها. وبالمثل فإن تنامي العمل تدريجيًا سيتطلب منك توظيف العمال وتخصيصَ مزيدٍ من التكاليف المختلفة التي ستنضم إلى قائمة التكاليف المتغيرة للمشروع.
كيف تحدد السعر الذي يساعد عملك على الوصول إلى نقطة التعادل؟
إن تحديد السعر المناسب أمرٌ شديدُ الأهميةِ لتحليل التعادل الخاص بالشركة، فهو السعر الذي سيحقق لمشروعك الربح المستقبلي، ولا يمكن حساب المردود المتوقع للشركة دون معرفة سعر بيع السلعة.
العوامل النفسية المؤثرة في التسعير (سيكولوجيا التسعير): يرتبط التسعير بمسارٍ معقَّدٍ من عملياتِ اتخاذ القرارات من جهةِ المستهلك، وقد أُجريت أعدادٌ كبيرةٌ من الأبحاث عن التسويق والعوامل النفسية التي تؤثر في تقبُّل المستهلك لسعر السلعة، لذا يُنصح أصحاب العمل عادةً بالاطّلاع على عددٍ من المقالات والدراسات التي تخصُّ استراتيجيات التسعير وتأثيره في العوامل النفسية قبل تحديد سعر المنتج أو الخدمة التي ينوي أصحاب العمل تقديمها.
طرائق التسعير:
هناك عدة مدارس فكرية تُعنى بكيفية التسعير عند إجراء تحليل التعادل، خصوصًا وأنَّ عملية التسعير تتكون من خليط من العوامل الكمية والنوعية. وعلى سبيل المثال، يمكن لصاحب العمل أن يختار السعر الأعلى في السوق إذا تمكَّن من تقديم منتجٍ مميزٍ وجديد كليًّا، ولكن لا بدَّ من المحافظة على تماشي هذا السعر مع معدل أسعار المنتجات المشابهةِ الموجودة في السوق، وقد يضطـرُّ أحيانًا إلى منحِ الحسومات على سعر المنتج بهدفِ إقناع المستهلكين بتجربته، وخصوصًا إذا كانت المنافسة شديدةً في سوق هذا المنتج.
- التسعير على أساس التكلفة: تعتمد هذه الطريقة على معرفة تكلفة إنتاج وحدةٍ واحدةٍ من المنتج، ومن ثم تحديد السعر عن طريق إضافة هامشِ ربح محدّدٍ مسبقًا إلى تلك التكلفة، وتتعرَّض هذه الطريقة لانتقاداتٍ كثيرة بسبب إمكانية إنتاجِ سلعةٍ مماثلة بتكلفةٍ أقل من قِبل الشركات المنافسة، ومن ثمَّ بيعِها بسعرٍ أقل.
- التكلفة على أساس السعر: تشجِّع هذه الطريقة أصحاب العمل على البدء باختيار السعر الذي يُحتملُ أن يشجِّع المستهلك على شراء السلعة في ظل وجودِ مجموعةٍ كبيرةٍ من البدائل ذات الأسعار التنافسية، ومن ثمَّ يعمل رب العمل على تخفيضِ كلفةِ الإنتاج لتلبيةِ هذه الأسعار.
صيغة التعادل وكيفية إجراء تحليل التعادل:
لحساب نقطة التعادل، تُقسم التكاليف الثابتة على سعرِ بيع السلعة بعد طرح التكلفة المتغيرة للوحدة الواحدة؛ أي:
نقطة التعادل = التكاليف الثابتة/(سعر بيع الوحدة – التكلفة المتغيرة للوحدة)
وتُظهر لنا هذه العملية الحسابية بوضوح عدد الوحداتِ الواجبِ بيعُها لتحقيق التعادل؛ أي عدد الوحدات الواجب بيعها لتغطية التكاليف المتغيرة والثابتة معًا.
وبمعنى آخر، يؤدي بيع أي وحدةٍ إضافية بعد تحقيق التعادل هذه إلى زيادة الربح بمقدار هامشِ مساهمة هذه الوحدة، ويعرَّف هامش المساهمة بأنّه مقدار مساهمة الوحدةِ المباعة في تغطيةِ المصاريف الثابتة وزيادةِ الربح، وصيغته هي:
هامش مساهمة الوحدة = سعر بيع الوحدة – التكلفة المتغيرة للوحدة.
ويوصى بتسجيل جميع المعلومات عن التكاليف المتغيرة والثابتة في جداولَ واضحة وسهلة التعديل، فمن شأن ذلك أن يسهِّل اختبار خياراتِ التسعير المختلفة ونقاط التعادل الناتجة عنها، فإذا كنت ترغب بتحقيق ربحٍ قدره مليون دولار، يمكنك بكل سهولةٍ أن تحسب عدد الوحدات الواجب بيعُها للوصول إلى هذا الربح، وتنطلق إلى تحديد استراتيجيات العمل والتسويق التي ستحقق لك هذا الهدف.
قيود أو محدِّدات تحليل التعادل:
من الضروري فهم وتفسير نتائج تحليل التعادل على نحو صحيح، فإذا أفادت نتائج التحليل بوجوب بيع 500 وحدةٍ لتحقيق التعادل، سيكون من واجبِ صاحب العمل أن يتحقَّق من قدرةِ مشروعه على بلوغِ هذا الهدف. أمَّا إذا تبيَّن أن هذا الهدف غيرُ قابلٍ للتحقيق بسبب الوضع المالي للعمل والعوامل الشخصية، فقد تكون تلك إشارةً إلى وجوبِ البحث عن عملٍ آخر أو التفكير بمشروعٍ مختلف.
من جهةٍ أخرى، قد نجد أن الهدف المحدَّد وفق تحليل التعادل قابلًا للتحقيق لكنَّه يتطلَّب وقتًا طويلًا نسبيًا، وهنا يمكن أن يخفِّض رب العمل سعرَ المنتج ويعيدَ حساب نقطة التعادل الجديدة عند السعر الجديد، أو أن يراجع التكاليف المتغيرة والثابتة ويحدِّد كيفية تخفيض بعضٍ منها لبلوغ الهدف المطلوب.
أخيرًا، لا بدَّ من التأكيد على أن تحليل التعادل ليس مؤشرًا للطلب على المنتج المراد طرحُهُ في الأسواق، إذ يمكن أن تعترضَ صاحب العملِ مشكلاتٌ كثيرةٌ إذا كان المنتَجُ أو سعرُهُ غيرَ مناسبَين للسوق، ممَّا يضعُهُ أمام صعوباتٍ كبيرةٍ تقفُ عائقًا بينه وبين الوصول إلى نقطة التعادل.
المصدر:
هنا