جُسيمات النُترينو
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
افترض وولفغانغ باولي وجود النترينو عام 1930 لتفسير فرق الطاقة وفرق كمية الحركة الزاوية مابين الجسيمات الأولية والنهائية في تفكك بيتا – تحول النترون إلى بروتون وإلكترون مثلا- فعند تفكك العنصر المشع إلي عنصر آخر تكون الشحنة الكهربائية محفوظة ولكن هناك خسارة معينة في الطاقة، أي فرق بين طاقة العنصر المشع، وطاقة العنصر الناتج. والمفروض حسب مبدأ انحفاظ الطاقة أن يحمل الإلكترون المنطلق من نواة الذرة والخارج علي هيئة شعاع من أشعة بيتا هذا الفرق. ولكن القياسات أظهرت أن الإلكترون المنطلق يحمل طاقة أقل من الطاقة المفروضة ، لذلك افترض وجود جسيم النُّترينو الذي يحمل طاقة تساوي هذا الفرق الضائع:
n0 → p+ + e- + νe -
وبسبب الخواص الشبحية للنُّترينو فقد تأخرت أول تجربة تم رصده فيها حتى عام 1956 أي بعد 25 عام من افتراضه. وقد كوفئ مكتشفيه بجائزة نوبل عام 1995 . و بحلول عام 1962 كشف وجود أكثر من نوع واحد من النُّترينو بالكشف عن نُترينو الميون .عنما ظهر النوع الثالث من الليبتونات عام 1975 ، في المسرع الخطي بجامعة ستانفورد أيضاً كان من المتوقع وجود نيوترينو مرافق له . وتم الاعلان عن أول اكتشاف فعلي لـتفاعلات نُترينو تاو في صيف عام 2000 .
اعتقد سابقا أن جسيمات النُترينو عديمة الكتلة، ولكن في السنوات العشر الاخيرة اثبتت التجارب امتلاكه كتلة صغيرة جداً (النسبة المئوية للكتلة المضافة للكون بفضل جسيمات النُترينو هي جزء او اقل من جزء بالمئة).
يُعتقَد أن معظم جُسيمات النُترينو في الكون قد تشكّلت قبل مليارات السنين خلال الانفجار العظيم، وهي على الأغلب جُسيمات مستقرة ،وهنالك 10.000.000 من جسيمات النُوترينو هذه في كل قدم مكعب من الفضاء ،وهذه الجسيمات المستقرة من المستحيل كشفها.اما جُسيمات النُترينو الاكثر نشاطا فهي ناتجة من التفاعلات النووية التي تغذي النجوم والاحداث الكونية عالية الطاقة كالانفجارات التي تحدث خلال ولادة تصادم وموت النجوم لاسيما انفجارات السوبرنوفا ،كما يجري باستمرار انتاج اجسيمات النُوترينو في محطات الطاقة النووية،مسرعات الجسيمات والقنابل النووية .
لا تتفاعل جسيمات النُترينو مع المادة الا عن طريق القوة النووية الضعيفة وهذا ما يكسب النُترينو ميزة فهي على عكس الفوتونات أو الجسيمات المشحونة يمكنها أن تقطع مسافات طويلة دون أن تمتصها أي مادة أو أن تنحرف بسبب الحقول المغناطيسية ،أي تستطيع أن تنقل لنا معلومات جديدة حول الأجسام و الأحداث الفلكية من حافة الكون وعبر التفاعلات الهائلة الطاقة . هذه الميزة نفسها تجعل النترينو صعب الكشف ويتطلب أدوات هائلة للعثور عليه.
تقنيات الكشف عن النُترينو :
كما ذكرنا يتفاعل النُترينو فقط عن طريق القوة النووية الضعيفة (ومثلما أن الفوتونات تنقل الطاقة الكهرومغناطيسية من مكان الى أخر) ،أيضاً القوة النووية الضعيفة مسؤول عنها بوزونات Z و+ Wو W - وتسبب نوعين من التفاعل :
تفاعل التيار المشحون و يتضمن امتصاص أو اصدار البوزون - Wأو+ W أي يتحول النترينو الى ليبتونه الموافق المشحون (الكترون ، ميون ، أو تاو أو الجسيمات المضادة لهذه اليبتونات) ._ عندما يصل النترينو الى مادة الكاشف ولتكن الماء سيتفاعل مع نواة الهيدروجين محولاً البروتون ذو الشحنة الموجبة الى نترون معتدل وتنتقل شحنة البروتون الى النترينو ليصبح بوزيترون (الجسيم المضاد للالكترون).
أما تفاعل التيار عديم الشحنة ينقل فيه النُترينو جزءاً من طاقته وكمية حركته إلى جسيمات ثانية عن طريق البوزونZ عديم الشحنة فيبقى النُترينو كما هو دون أن يتغير إلى نوع أخر من الجسيمات. يتم الكشف عن هذه الطاقة مثلا بسبب ارتداد الجسيم المتفاعل معه كتبعثر الالكترون عند اصطدامه مع النترينو.
تم بناء العديد من كواشف النيوترينو حول العالم و بما أنه جسيمات النُترينو تتفاعل فقط عن طريق القوة الضعيفة مع جسيمات أخرى من المادة لذلك توجب على هذه الكواشف ان تتصف بالضخامة لكشف عدد كبير من هذه الجسيمات. كما أنها غالباً ما تبنى تحت الأرض لعزلها عن الأشعة الكونية والأشعة الأخرى الموجودة في الخلفية (الناتجة عن المواد المشعة طبيعياً الموجودة على الأرض ،محطات الطاقة النووية، القنابل النووية،المسرعات) لتبقى بذلك جسيمات النُترينو القادمة من الفضاء الخارجي والمهتمين بدراستها. يعتبر موضوع استخدام الكشف عن النُترينو ضمن علم الفلك في بداياته وحتى الآن المصادر المؤكدة للنترينو من خارج الأرض هي فقط الشمس وسوبرنوفا SN1987A .
سنذكر أهم الكواشف الموجودة :
كواشف شيرينكوف و تستفيد من ظاهرة اشعاع شيرينكوف (اشعاع كهرطيسي يصدر عندما تمر جسيمات مشحونة كالالكترونات و الميونات خلال وسط كالماء بسرعة أكبر من سرعة الضوء في ذلك الوسط ) في هذا الكاشف تحاط كمية هائلة من مادة نقية كالماء أو الثلج بأنابيب مضاعف ضوئي (حساس ضوئي) ،فعندما تتفاعل جسيمات النترينو والتي هي ليبتونات غير مشحونة مع جزيئات الماء من الممكن أن تشكل ليبتونات مشحونة والتي بدورها ممكن أن تصدر اشعاع شيرنكوف اذا ما امتلكت طاقة كافية ،يمكن بعد ذلك الكشف عن الضوء بأنبوبة المضاعف الضوئي (عبارة عن صمامات مفرغة وتعتمد في الكشف عن الأشعة الكهرومغناطيسية الساقطة عليها على المفعول الكهرضوئي تحوي مجموعة من الأقطاب تضخم من عدد الالكترونات الناتجة عن هذا المفعول وتنتج بالنهاية نبضة كهربائية يمكن قياسها.
يعد كاشف سوبر كاميوكاندي في اليابان أكبر كاشف من هذا النوع،ويتكون من 12.5 مليون غالون من المياه تحيط بها اكثر من 11،000 أنبون مضاعف ضوئي ،و صفوف من الحساسات الضوئية لالتقاط الإشعاع الناجم عن التفاعل بين جسيمات النترينو و جزيئات الماء . يعمل مرصد سدبري بشكل مشابه ولكن يستخدم الماء الثقيلD2o (أي يستعاض عن الهيدروجين بنظيريه الديوتيريوم الأثقل) كوسط كاشف . أما مشروع AMANDA (وهو اختصار Antarctic Muon And Neutrino Detector Array) ومشروع أيس كيوبIceCube استفادا من هذه الطريقة على نطاق أوسع بكثير عن طريق استخدام الثلج الموجود في القارة القطبية الجنوبية بدلاً من الماء حيث تم بناؤهما هناك في المكان الوحيد الموجود فيه قطعة جليد كبيرة بما فيه الكفاية .
أما كاشف MiniBooNE فيستخدم الزيوت المعدنية النقية كوسط كاشف فالزيوت المعدنية هي وميضية بطبيعتها لذا حتى وإن لم تمتلك الجسيمات المشحونة الطاقة الكافية لانتاج اشعاع شيرينكوف يمكن أن يستمر انتاج الضوء الوميضي . هذا مايسمح للميونات والبروتونات الغير مرئية في الماء لأن تكشف .
كواشف أخرى تتكون من كميات هائلة من الكلور والغاليوم التي يتم فحصها دورياً لمراقبة الزيادة في الأرغون والغاليون على الترتيب ،والذين يتشكلا نتيجة تفاعل النترينو مع المادة الأصلية.
مثل بقية الليبتونات لجسيم النترينو جسيم مضاد أو نترينو مضاد والفرق الأساسي بينهما هو أن اللف الذاتي للنيوترينو المضاد يكون بجهة الحركة (كما تدور كرة متدحرجة حول نفسها مثلا) بينما تكون جهة اللف الذاني للنيوترينو بعكس الحركة.
المصادر:
هنا ، هنا هنا