شاعر الخرسانة .. أوسكار نيماير
العمارة والتشييد >>>> من أعلام العمارة
أوسكار ريبيرو دي ألميدا نيماير سواريس فيلهو (Oscar Ribeiro de Almeida Niemeyer Soares Filho) أو ببساطة أوسكار نيماير (Oscar Niemeyer)؛ واحدٌ من أعظم المهندسين المعماريين في تاريخ البرازيل، ومصدر إلهامٍ لأجيالٍ من المهندسين المعماريين البرازيليين الشباب، وأحد عظماء حركة الحداثة العالميَّة؛ إذ وصفته إحدى أكبر الصحف البرازيليّة بـ (شاعر الخرسانة). غادر نيماير العالم عام 2012 تاركًا وراءه أكثر من خمسمئة عملٍ منتشرٍ في أنحاء الأمريكيتين وإفريقيا وأوروبا؛ إذ عُرِفَ بتصميمه لمعظم المباني المدنيّة والحكوميّة في برازيليا (Brasília)، ومنها الكاتدرائية الكاثوليكيَّة الرومانيَّة (كاتدرائية البرازيل) التي أكسبته جائزة بريتزكر للهندسة المعماريَّة (Pritzker Architecture Prize) عام 1988.
Image: © Wikimedia Commons
درس في المدرسة الوطنيَّة للفنون الجميلة منذ عام 1929 وتخرَّج فيها عام 1934، ثمَّ بدأ شراكته الاحترافيَّة مع المعماري والمخطط الحضري البرازيلي لوسيو كوستا (Lúcio Costa) في عام 1932، واستمرَّت الشراكة عقودًا من الزمن وأنتجت بعض أكثر الأعمال أهمية في تاريخ العمارة الحديثة.
عمل نيماير منذ عام 1936 مع فريقٍ ضمَّ أهم المعماريين، وتكوَّن من "لوكوربوزييه" و"لوسيو كوستا" و"أفونسو إدواردو ريدي" و"كارلوس ليون" و"جورج موريرا" و"إراني فاسكونسيلوس"؛ وذلك لتصميمِ مقرِ وزارة التَّعليم والصحة التي تقع وسط ريو دي جانيرو.
Image: © Marina de Holanda
مبنى وزارة التعليم والصحة، ريو دي جانيرو.
عُيِّن نيماير في عمرِ التاسعة والعشرين رسامًا هندسيًّا لدى "لوكوربوزييه"، الذي غادر البرازيل بعد ذلك، ليستغل نيماير الفرصة المُتاحة ويُجري تغيرات على التّصميم.
أثارت التغييرات إعجاب "لوسيو كوستا"، وفي عام 1939 أصبح نيماير المهندس المعماري الرئيس للمشروع؛ إذ أُنجز البناء بشكلِه النهائي -الذي يبدو كشريط شاقولي يتقاطع مع شفرة أفقية- في عام 1945، وأصبح أساس العمارة الحديثة في البرازيل جاذبًا الاهتمام العالمي.
Image: Image © Andrew Prokos
مجلس النواب البرازيلي.
تُشكِّل مدينة برازيليا (العاصمة المؤسَّسة من العدم في وسط البرازيل بين الأعوام 1956 و1960) حدثًا مفصليًّا في تاريخ التمدُّن البرازيلي. وحَرِصَ كلٌّ من مخطط المدن "لوسيو كوستا" والمهندس المعماري "أوسكار نيماير" على أن يكون كلّ شيء في تلك المدينة؛ بدءًا من التَّصميم العام للأحياء الإداريَّة والسكنيَّة -الذي غالباً ما يُشبه شكل الطائر- وصولًا إلى تناسق الأبنية نفسها؛ مرآةً للتّصميم المتناغم للمدينة، جاذبةً الأنظار من خلال المظهر المبتكر لأبنيتها الرسميَّة.
أثمر التعاون بين "كوستا" و"نيماير" شيئًا جديدًا للعالم، وهو أول مدينةٍ رئيسة مُصمَّمة بالكامل على أسس مبادئ الحداثة الوظيفيَّة والجماليَّة.
وفي عام 1990 اعتُرِفَ رسميًّا بالإطار الحضري لمدينة برازيليا موقعَ تراثٍ عالمي. واستندَ هذا القرار إلى التَّصميم الحضري والمعماري والحدائقي، الذي شَكّل مقاربةً جديدةً للحياة الحضريَّة، أبدعها "أوسكار نيماير" و"كوستا" بناءً على مبادئ حركة الحداثة في العمارة والعمران في القرن العشرين.
Image: Ricardo Stuckert ©
قصر الفجر، المنزل الرسمي لرئيس البرازيل في برازيليا، تصميم أوسكار نيماير.
لم يقتصر عمل "نيماير" على حدود دولته البرازيل؛ بل تعدّاه ليصمَّم عددًا من المباني خارجها، مثل: أمانة الأمم المتَّحدة في نيويورك، ومقر الحزب الشيوعي في باريس.
Image: http://scihi.org/oscar-niemeyer-architect/
خريطة تضم أعمال أوسكار نيماير في العالم
تَضمُّ مدينته "ريو دي جانيرو" كثيرًا من مشاريعه مثل: مدرج كرنفال سامباروم (Sambadrome carnival stadium)، في حين نجد بعضًا آخر من مشاريعه في أنحاء البرازيل مثل: متحف الفن المعاصر (the Museum of Contemporary Art) في نيتيروي (Niterói)، وكنيسة القديس فرنسيس الأسيزي (Church of Saint Francis of Assisi) في (Belo Horizonte).
Image: Dezeen website
متحف الفن المعاصر (the Museum of Contemporary Art)
Image: © BOGDAN PROFIR
كنيسة القديس فرنسيس الأسيزي
لم يترك نيماير العمل في الاستديو الخاص به على الرغم من سنِّه؛ إذ أكمل متحف مركز نيماير (Centro Niemeyer) في إسبانيا في أوائل عام 2011، وصمَّم مجموعةً من الأحذية الرياضية لماركة كونفيرس (Converse) للأحذية.
Image: © Iñigo Bujedo-Aguirre
متحف مركز نيماير (Centro Niemeyer museum)
عَانى المهندس مشكلاتٍ في الكُلى والمعدة، وتوفي يوم الأربعاء 5 كانون الأول في عام 2012 عن عمرٍ ناهز 104 عامًا بسبب فشل في التنفس.
لم يكن أوسكار نيماير عالمًا، ولم يهتم بالنظريات أو المصطلحات أو الكليشيهات؛ بل كانت خطوطه حرَّة انسيابية ودقيقة، ومستوحاة من انحناءات جسد المرأة التي جسَّدها في كثيرٍ من مبانيه.
وامتلك آراء سياسية قوية إلا أنَّها لم تكن واضحة على نحوٍ محددٍ في تصاميمه، فهدفه كان بسيطًا وبريئًا: "أعطِ الجمال للعالم وهو سيعطيك إياه أيضًا".
إنَّ المباني التي شكّلت العاصمة برازيليا أعطت وجهًا جديدًا للبرازيل، وقدَّمت نقلةً نوعيّةً للعمارة الحديثة فيها.
فهل تظنون أنَّه بإمكاننا أن نقدِّم لبلدنا تصاميم مشابهة تغيّر مسار العمارة فيها كما فعل نيماير؟
Image: Dezeen Website أوسكار نيماير 1907 -2012
المصدر:
هنا
هنا
هنا
هنا