الفطر السفاح
البيولوجيا والتطوّر >>>> الأحياء الدقيقة
يتغلب فطر الشتريد على جميع منافسيه من العوامل الممرضة ويربح بجدارة لقب سفاح الأنواع!
في خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وصل فطر الشتريد إلى كل من أمريكا الوسطى، وأمريكا الجنوبية، واستراليا عبر تجارة الحياة البرية. في عام 1993 كشفت الدراسات التشريحية على ضفادع ميتة نتيجةَ حالة chytridiomycosis الغامضة. كشفت دراسات تالية عن فطر الشتريد chytrid الذي يتسبب بمرض معدٍ عنيف مؤدياً إلى موت الضفدع المصاب.
ما هو الفطر السفاح؟
يشكل الماء والتربة مسكناً مناسباً لفطر الشتريد الذي يعتمد على تفكيك المواد العضوية للحصول على مصادر الطاقة. لكن أحد أنواعه يفضّل سطح جلد الضفادع والعلاجيم، واعتماده على جلد هذه البرمائيات المسكينة للحصول على الغذاء يؤثر في تنظيم مستويات الماء والملح لديها، ومن ثم تتداعى الحالة الفيزيولوجية وصولاً إلى توقف القلب.
ربما يبدو الأمر مزحة أن تكتب مقالاً عن فطر وتصفه بالسفاح؛ فقط لأنه يقضي على بعض الضفادع، لكن هل يتعدّى ليشكل خطراً على المنظومة البيئية؟
وهذا ما أورده عالم البيئة في جامعة أستراليا الوطنية، بينجامين شيلي الذي عامل هذه المسألة بجدية أكبر مشكلاً فريقاً من اختصاصيين عالميين لتقييم هذه المشكلة وامتداداتها على المستوى العالمي. كشف الفريق بعد التحقيقات أنَّ الفطر السفاح أفلح في انحدار الأعداد لـ 501 نوع برمائي ما بين عامَي 1965 و2015 من بينها 90 نوعاً انقرضت كلياً، وذلك نسبةً إلى دراسة منشورة حديثاً في مجلة Science مقارِنةً تأثيره السلبي في التنوع الحيوي مع الأنواع الغازية الأكثر تدميراً من قطط وقوارض.
أمَّا المجتمعات التي تعرضت إلى بطش فطر الشتريد فعانت خسارة قرابة 20% من أعدادها أو عانت انقراضاً كاملاً. في معركتهم مع فطر الشتريد كانت الضحية الكبرى علجوم الطين stubfoot toads، الذي خسر قرابة 30 جنساً.
يبحث الفريق في أوجه التشابه بين أنماط حياة الأنواع المتضررة للكشف عن عوامل الخطورة والمسببات التي تجعلها أكثر عرضةً للتأثر بالفطر السفاح. هذه الدراسات ستساعد على حماية الأنواع الأخرى والكشف عن آليات الإصابة.
من المدهش أن المَسكن الأصلي لفطر الشتريد هو آسيا لكن أنواع الضفادع الآسيوية لم تتأثر به. يطرح العلماء الاصطفاء الطبيعي بوصفه تفسيراً معقولاً لهذه الظاهرة مفترضين أنَّ الضفادع الآسيوية التي تعايشت مع الفطر طوّرت آليات حماية ضد الإصابة.
بدوره يعدُّ شيلي أن خطر الفطر السفاح لا يقتصر على الضفادع المعرضة للإصابة، وإنما يتعدَّى الأنواع التي تعتمد على الضفادع المهددة للانتشار والبقاء. مشدداً على أهمية التوسع في البحث واتخذا الإجراءات الضرورية لمنع اختراق الأمان الحيوي.
حَظِي فطر الشتريد بتعليقات مثيرة من المجتمع العلمي؛ إذ شبهه ستيفان برايس -عالم البيئة من جامعة لندن- بالعوامل الممرضة الفتَّاكة التي تعرضها أفلام هوليوود وهي آتية لتدمر البشرية. يرى برايس أنَّ مجتمع الضفادع يعيش اليوم هجمة قاسية من قبل فطر الشتريد، لكن برايس حمل أنباءً سارّة، وهي أنَّ الدراسات على الأنواع الناجية أعربت عن إشارات شفاء وتحسن من الإصابة.
وأنتَ ما رأيك؟ هل يستحق فطر الشتريد هذا اللقب؟ وهل تتأزم أعماله الإجرامية وتؤذي التوازن الحيوي؟