الأثر والتأثير بين علم النفس والتغيرات المناخية
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
وما لا شك فيه أنّ للطبيعة دورًا أساسيًّا في حياتنا ولا سيما في حالتنا النفسية؛ إذ قدّم فرانسيس كو أدلة من عديد من الدراسات التي بيّنت أنّ الابتعاد عن الطبيعة يؤدي إلى انهيار نفسي وجسدي، وأيّ تغير فيها أو في مناخها سيؤثر في سكان هذا العالم حتمًا. ومن هذه الفكرة انطلق علماء النفس الذين كانوا في مقدمة العمل الذي يحث على تغيير السلوك في الشركات والمؤسسات كي يصل العاملون إلى فن سلوك الاستهلاك والتعامل مع الحرارة.
وقد أجروا دراسات بينت أنّ التغيرات النفسية الناجمة عن كوكب أكثر سخونة أدّت إلى ظهور العنف، وأنّ درجات الحرارة المرتفعة مرتبطة بزيادة التهيّج والسلوك العدواني، وقد أكد أندرسون ذلك بقوله: "إن استمرار درجات الحرارة بالارتفاع يحمل بين طياته توقعًا لعنف متزايد، وبذلك؛ نكون قد وصلنا إلى سلبية جديدة تتصدر قائمة سلبيات الاحتباس الحراري".
ولم يكتفِ أندرسون بذلك، بل راح يتحدث في دراساته عن التغير الواضح في الموارد الطبيعية نتيجة الاحترار العالمي.
كذلك اعترف التقرير الصادر عن جمعية علم النفس الأمريكية بزيادة الاكتئاب والقلق والتوتر واضطراب ما بعد الصدمة والشعور بالضعف والتعب إثرَ تغيرات المناخ.
وفي الوقت الذي سيتعرض فيه العالم لحرارة عالية وطقس غير مستقر ستكون حالتنا العقلية والنفسية غير مستقرة أيضًا، فلا يمكننا إخفاء أننا لاحظنا عديدًا من الأشخاص الذين تصدر عنهم أفعال غير واعية -أو ربما غير متوقعة- بسبب تغيرات الطقس.
ولكن؛ ماذا لو سألنا أنفسنا عن السبب؟
من المعروف أن السبب يكمن في جوهر النتيجة، فنحن -سكان هذا الكوكب- نتحمل مسؤولية التغيرات الحاصلة فيه، فالسلوك البشري جزء لا يتجزَّأ من العوامل التي سببت تغير المناخ العالمي، وهو السبب الجذري لمعظم الأزمات التي تتعرض لها بيئتنا.
ويشتكي الأشخاص جميعهم الطقسَ لأنهم يؤمنون بعدم امتلاكنا أية حيلة أمام تغيراته وتقلباته، فما إن جاء الطقس بحرارة عالية أو بأمطار منهمرة حتى نعتوه بالطقس السيّئ وتملّكتهم حالة نفسية سيئة.
ولكن تغير الطقس في الخارج لا يُعلن أبدًا تغيرَ حالتنا النفسية في الداخل؛ إذ يربط كثيرٌ من الأشخاص الطقسَ الجيد بزيادة الإنتاجية في العمل، ولذلك؛ راحت الدراسات تؤكد على أنّ تحسن حالة الطقس يقلل من الإنتاجية بسبب انشغال تفكيرنا بـ "كيفية قضاء وقت ممتع في مثل هذا الطقس"، ومن ثم سيبتعد تركيزنا عن العمل الذي بين يدينا والواجب إتمامه.
أما إذا تطرّقنا إلى دورنا فيما يحدث من حولنا وفكّرنا بتغير المناخ وتقلباته، فقد قال جون كروسنيك في دراساته عن هذا الخصوص: "كلما زاد عدد الأشخاص الذين يعرفون تغير المناخ زاد اهتمامهم به، إذًا يمكننا الحفاظ على الطاقة بسلوكيات عدة".
إن أي عمل -مهما كان بسيطًا- يؤديه أفراد المجتمع للاستعداد والمشاركة في منع تدهور الطقس وتغير المناخ سيعود بفائدة كبيرة؛ إذ يبشّر تماسك الأفراد بزيادة الصحة والرفاهية الجسدية والنفسية، كذلك يبشّر بأنهم يَعون الدورَ الأكبر الذي ينمّ عن فكر منفتح النظر إلى المفاهيم الإنسانية التي من شأنها الحفاظ على الاستقرار النفسي الذي يعكس الاستقرار المناخي، فلا بدّ من استيعاب مدى تأثير التغير الفردي ومن ثم الأُسري في المحيط.
وفي الختام؛ بفكرة نتقدم إلى الأمام، وبقول تعلو هِممنا، وبالفعل نثبت جدارتنا، وبسلوكنا نعكس حضارتنا الفكرية والإنسانية، فدعونا نبحث عن جوابِ هذا السؤال: إلى أي عالم نحن ذاهبون؟!
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا
6- هنا