محو الأمية الصحية
علم النفس >>>> الصحة النفسية
لأن محو الأمية الصحية بات مصدر قلق عالمي، ولأن محدودية هذا المحو ارتبطت بزيادة عدد المرضى والوفيات؛ إذ إن مقدرتنا للحصول على معلومات صحية تؤثر كثيرًا بنسبة نجاح العلاج والقدرة على تفادي الأخطاء الطبية؛ لذلك يجب أن نَعي أهمية محو أمية مجتمعنا الصحية التي تتجاوز نطاق التعليم الصحي التقليدي، فلا يمكننا زيادة وعينا الصحي بمجرد الاطلاع على كُتيِّب يحوي معلومات غذائية صحية، أو أن يقتصر رصيدنا المعرفي الصحي على عدد مرات زيارتنا الطبيب، وإنما محو هذه الأمية يجب أن يكون على مستوىً عالٍ من الوعي لأنه على حسب هذا المستوى سوف تُتَّخذ قرارات تجاه صحة أجسامنا.
فعلى الرغم من الارتباط الوثيق بين أمية القراءة والكتابة وأمية المعلومات الصحية -إذ يتطلب فهم التعامل مع الأدوات والنصائح الصحية درجة مُهمَّة من إتقان قراءة الكلمات والأرقام- إلا أن هناك اختلاف جوهري بين محو هاتين الأميتين وطريقة التعامل معهما؛ إذ إنه حتى الأشخاص الذين يجيدون القراءة والكتابة قد تظهر عندهم مشكلة في فهم المعلومات الصحية وذلك لأسباب عدة؛ منها:
السبب الأول: غياب المصطلحات الطبية عن مجال دراستهم أو عملهم.
السبب الثاني: عدم امتلاكهم الوقت الكافي للبحث أو السؤال عن علم الفيزيولوجيا (ما وظيفة كل عضو في جسمي؟).
السبب الثالث: سبب نفسي واضح جدًّا في أغلب شرائح مجتمعنا؛ ألا وهو الخوف والارتباك من تشخيص أي مرض يعدُّه الناس خطيرًا.
لذلك وانطلاقًا من فهم هذه الأسباب وغيرها؛ نجد أنه لمحو الأمية الصحية دور في مساعدتنا على التخفيف من المشكلات الصحية التي قد تتطور لتهدد حياتنا.
فقد اتفق الخبراء أن محو الأمية الصحية لا يتم بين ليلة وضحاها، وإنما هي عملية مستمرة مدى الحياة تبدأ من السنوات الأولى في المدرسة بين الأطفال، فقد أشار البروفيسور كاترين كوستينيوس -في بحثه الذي أجراه بجامعة لوليا في السويد- أن الأطفال أنجبوا للتعامل مع وسائل التكنولوجيا الصحية؛ إذ سمح لنا تفاعلهم معها بتوسيع مداركهم عن المعلومات الجديدة وتمكنَّا من إدخال عقولهم في مجالات صحية أوسع.
أما من جهة أخرى ولتقدير عدد المرضى الذين يجدون صعوبة في التعامل مع الأدوات الطبية؛ أجرت الجمعية الأمريكية اختبارًا على المرضى يدعى باختبار (REALM-R)
Rapid Estimate of Adult Literacy in Medicine, Revised ؛ إذ تختبر قدرة المرضى على معرفة الكلمات الطبية الشائعة بأقل من دقيقتين، وبواسطة هذه الطريقة أصبح بالإمكان تحديد عدد المرضى المعرضين لخطر الأمية الصحية.
تعد هذه الطريقة خطوة لامعة تحثُّ الجميع على التواصل الدائم مع المصطلحات الطبية التي من شأنها أن تساعدنا على فهم حالتنا الصحية وخاصة في حالة مرضى كبار السن أو مرضى الأمراض المزمنة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى الحركات التوعوية والفعاليات الجديَّة التي وضعت نقاطًا عُدَّت أهدافًا سعت لتحقيقها؛ إذ ركزت شركة جونز هوبكنز للرعاية الصحية (JHHC) على فكرة أهمية التواصل بين المريض والطبيب ومدى دور المريض في اتخاذ قرار يخصُّه بعد فهم حالته المرضية الكاملة، وأيضًا قدمت مبادرات تضمنت تدريبًا صحيًّا يشجع المرضى على فتح الأبواب التي سجنت وراءها أسئلة كثيرة؛ فعندما يصل المريض إلى جواب على سؤاله يطمئن لما توصل إليه من فهم واستيعاب لحالته.
وكذلك قامت خطة العمل الوطنية الأمريكية مناديةً بمحو الأمية الصحية؛ إذ تجلّى نداؤها بما فعلته من تطوير المعلومات الصحية وتدقيقها ثم نشرها لتكون جاهزة للتطبيق، فعلى الرغم من مساوئ مواقع التواصل الاجتماعي إلا أنها تتسم بإيجابية تكاد تكون الوحيدة؛ ألا وهي القدرة على الوصول إلى كل بيت أو بالأحرى إلى كل شخص.
وتطرقت للمناهج الطبية الجامعية وحرصت على أن تحتوي مواضيع وأبحاث تثقيفية متضمنة ثقافة الرعاية الصحية التي تشمل الأطفال، وراحت متوجهة لدعم محو الأمية (القراءة والكتابة) عند الكبار وتعليمهم اللغة الإنكليزية إيمانًا منها بأن محو الأمية الصحية هو تقنية بسيطة وثقافة وعي مناسبة للجميع.
وفي النهاية.. لمحو أية مشكلة تُصيب مجتمعنا؛ يجب علينا العودة إلى خشبة مسرح الحياة التي نقف عليها لكي نسأل أنفسنا، ما دورنا؟ وكيف لوجودنا أن يصنع الفرق؟ فنحن لسنا بحاجة إلى حلٍّ منتظر، بل؛ بأمس الحاجة إلى أن نزيد وعينا.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا
6- هنا