قصور الإفراز الخارجي للبنكرياس
الطب >>>> مقالات طبية
تفرز الخلايا ذات الإفراز الخارجي مجموعة من الأنزيمات: التريبسين (لهضم البروتينات)، والليباز (لهضم الدسم)، والأميلاز (لهضم الكربوهيدرات) وغيرها من الأنزيمات بأسلوب غير مُفعَّل، في حين تفرز الخلايا المبطنة للأقنية البيكربونات التي تجعل العصارة البنكرياسية قلوية، وتُطرَح هذه الأنزيمات مع البيكربونات بواسطة مِجَلِّ فاتر إلى الاثني عشري؛ إذ تتفعل الأنزيمات، وتبدأ عملَها في هضم الأغذية بمساعدة الصفراء التي تطرح من مِجَلّ فاتر أيضًا. (يمكنكم قراءة المزيد عن بنية ووظيفة البنكرياس في مقالنا السابق:هنا;)
إنّ قصور الإفرازِ الخارجي للبنكرياس (EPI) حالةٌ تتميز بنقص أو عدم كفاية إفراز العُصارَة البنكرياسيّة وما تحتويه من إنزيمات هاضمة، وخاصةً الليباز البنكرياسي.
وإنّ فقدان أو نقص هذه الإنزيمات البنكرياسية لا يؤدي إلى سوء الامتصاص فقط؛ ولكن يمكن أن يؤدي أيضًا إلى صعوبة في موازنة الحموضة (درجة PH) في الاثني عشرِيّ، وهو ما يُفقد الإنزيمات فعاليتها.
الأسباب وعوامل الخطر:
- إنّ السببَ الأكثر شيوعًا لقصور الإفراز الخارجي للبنكرياس هو التهاب البنكرياس المزمن، وينقص إفراز الليباز في هذا المرض، بسبب فقدان الخلايا العُنبيّة والتليّف في النسيج البنكرياسي، ويرتبط كل من التهاب البنكرياس المزمن الكحولي والوراثي إلى جانب التدخين بزيادة خطر الإصابة بقصور البنكرياس، ويحدث قصور البنكرياس بمعدل 20 ٪ بعد التهاب البنكرياس الحاد وبمعدل 30 ٪ بعد التهاب بنكرياس حاد شديد أيضًا.
- الأورام الخبيثة غير القابلة للاستئصال في رأس البنكرياس، وهي أحد المسببات الأخرى، ويمكن أن تسبب قصور البنكرياس بنسبة 60 ٪ إلى 90 ٪ ، في حين تصبح النسبة أقل في حال كانت الأورام متوضِّعة في جسم البنكرياس.
- ومن الأسباب الأخرى الشائعة لقصورِ البنكرياس: العمليات الجراحية للبنكرياس، وتختلف النسبة التي يحدث فيها قصور البنكرياس حسب نوع الجراحة، فعلى سبيل المثال إنّ نسبة حدوث قصور الإفراز الخارجي للبنكرياس في عملية ويبل (استئصال رأس البنكرياسِ والاثني عشرِ) 85 ٪ إلى 95 ٪ تقريبًا.
- ويمكن أن يحدث قصور الإفراز الخارجي للبنكرياس في سياق داء السكري، وتتراوح نسبته لدى المصابين بالنمط الأول من السكري بين 25% إلى 74%، أما في النمط الثاني فنسبة الانتشار بين 28% إلى 54%، وقد يكون نقص إنتاج الأنسولين والاستجابة المناعية الذاتية -المشاهَدين في النوع الأول من السكري- سببين مفسرين لمعدل انتشار قصور البنكرياس في النوع الأول من السكري أعلى منه في الثاني.
- هناك أيضًا بعض الأمراض الوراثية التي تُسبب قصور الإفراز الخارجي للبنكرياس، ويُعد التليف الكيسي -الذي يحدث فيه إفراز لمخاطٍ لزج منخفض الـ PH؛ إذ يعطل عمل الخلايا العنبية - أحد أشيع هذه الأسباب، وفي الحقيقة؛ فإنّ 75٪ تقريبًا من الأطفال المصابين بالتليف الكيسي مصابون بقصور البنكرياس، ويختلف خطر الإصابة لكل نوع من طفرة CFTR.
- أما السبب الوراثي الثاني من جانب شيوع حدوث قصور الإفراز الخارجي للبنكرياس، فهو متلازمة شواخمان دايموند، وهي اضطراب صبغي جسدي متنحٍ نادر.
الأعراض:
قد تتضمن أعراض قصور البنكرياس آلامًا في البطن، وتشنجات، وبرازًا دهنيًّا لينًا ذا رائحة كريهة، ويكون سوء التغذية أحد الأعراض الرئيسة؛ وقد يؤدي إلى فقدان الوزن لدى المريض.
ومن الأعراض المحتملة الأخرى فقدان الشهية والشعور بالامتلاء.
التشخيص:
وإلى جانب الاختبارات الشائعة مثل الأشعة المقطعية، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والأشعة السينية للبطن التي يمكن تنفيذها لتشخيص التهاب البنكرياس المزمن، ولدينا اختبارات أخرى مخصصة لتشخيص قصور الإفراز الخارجي للبنكرياس، مثل:
· اختبار الدهون البرازية
· اختبار أنزيم الإيلاستاز في البراز
· اختبار النفس باستخدام ثلاثي الغليسيريد الموسوم
إنّ هذه الاختبارات متوفرة في مراكز محدودة فقط، والأكثر شيوعًا منها اختبار الدهون البرازية الذي يستغرق 72 ساعة، و يخضَع فيه المريض لنظام غذائي خاص يحتوي على 100 جرام من الدهون يوميًّا؛ إذ يُكشَف عن سوء الامتصاص في حال وُجِد أكثر من 7 غرام من الدهون لكل 100 غرام من البراز في اليوم الواحد، ولكن يحد هذا الاختبار صعوبات عديدة، مثل صعوبة امتثال المريض، والأخطاء الموجودة في تجميع البراز، وتسجيل تناول الدهون.
أما اختبار الإيلاستاز البرازي فيقاس فيه تركيز الإيلاستاز-1 البنكرياسي، وهو إنزيم ثابت في أثناء العبور المعوي، ويتناسب جيدًا مع إفراز البنكرياس، ويملك هذا الاختبار بعض المزايا مقارنة بغيره من الاختبارات؛ إذ إنه لا يتطلب جمعًا للبراز، ولا يتطلب حمية خاصة.
وطُوِّر اختبار النَفَس باستخدام C-ثلاثي غليسيريد (ثلاثي الغليسيريد الموسوم بمادة تُستقلب بالإنزيمات البنكرياسية، ثم تُمتَص وتُطرَح مع ثاني أكسيد الكربون في النَفَس) بصفته بديلًا للاختبار البرازي لتشخيص قصور البنكرياس، وفي هذا الاختبار تُقاس كمية ثاني أكسيد الكربون في عينات النفس بواسطة مقياس الطيف الكتلي التي تعكس بطريقة غير مباشرة وظيفة البنكرياس الإفرازية، ويُعد هذا الاختبار دقيقًا في تشخيص سوء الهضم في قصور البنكرياس.
وتجدر الإشارة إلى بعض الحالات كالتهاب البنكرياس النخري، أو جراحة الجهاز الهضمي والبنكرياس، أو الأورام الخبيثة الموجودة في رأس البنكرياس؛ إذ يكون احتمال إصابة المريض بقصور البنكرياس مرتفعًا لدرجة أن الاختبارات التشخيصية ليست ضرورية لبدء العلاج ببدائل إنزيمات البنكرياس.
علاجات قصور البنكرياس:
يشمل علاج قصور البنكرياس العلاجَ ببدائل الإنزيمات البنكرياسية، أو بيرت (PERT)؛ إذ يُستَبدل الأنزيم أو الأنزيمات الناقصة أو الغائبة في الجسم؛ لاستعادة حالة غذائية متوازنة، ولتقليلِ الأعراض المرتبطة بسوء الهضم، ويشمل هذا النوع من العلاج تناول جرعات من إنزيمات البنكرياس الخارجية وهي وصفات تدعى PERTs، ووافقت إدارةُ الأَغذية والأدوِية الأمريكية FDA على علاجات عديدة، ومن أمثلة هذه الأدوية: Pancreaze, Pertzye, Zenpep, Creon, Viokace.
ويُنصَح أيضًا بتعديل النظام الغذائي وببعض التغييرات على نمط الحياة؛ إذ يُوصَّى بتناول وجبة منخفضة الدهون لتخفيف الألم، إضافة لبدائل الأنزيمات لعلاج الإسهال.
ويمكن أخذ فيتامينات ذوّابة بالدّهن مثل فيتامين A و D و E و K مع العلاج ببيرت، ومن المهم الإقلاع عن التدخين والكحول في حال وجود قصور البنكرياس الناتج عن التهاب البنكرياس المزمن.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا
6- هنا
7- هنا
8- هنا