هل تُعدُّ إفريقيا بيئةً ملائمة للاستثمار؟!
الاقتصاد والعلوم الإدارية >>>> اقتصاد
ففي السابق، عدَّ المستثمرون دولَ ال"BRIC" (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين) رمزًا للدول التي يمكن فيها تحقيق النجاحات واكتساب الثروة بسرعة، لكنَّ الحقيقة كانت مخيبةً للآمال؛ فقد عانت اقتصادات هذه الدول الركود، واستمرت في وضع عقبات كبيرة أمام دخول الشركات الأجنبية أسواقها أيضًا.
ماذا عن إفريقيا؟
تُعدُّ الدول الإفريقية من بين أعلى الدول نموًّا في العالم؛ لكن في ظلِّ معاناة عديدٍ من الدول الإفريقية من اقتصاد الظل؛ فإنَّ مثل هكذا بيانات وتقارير تصبح غير موثوقة؛ أي أنَّ هذه الدول لديها قدرات اقتصادية وأموال أكثر ممَّا تعكسه التقارير والبيانات الصادرة عنها.
ولمعرفة ما إذا كانت معدلات النمو حقيقيةً أو لا؛ فإنَّ أفضل المؤشرات هو النظر إلى عمليات التوسع العمراني في هذه الدول، وهو ما يحدث بالفعل بوتيرة متزايدة؛ فمع هذا التوسع العمراني جاءت أيضًا طفرةٌ في عدد عائلات الطبقة الوسطى وزيادة في الاستقرار.
نعم، إنَّ بيئة الأعمال في إفريقيا معقدة، ولكن هناك عديدًا من الفرص التي يجب اغتنامها، وكمثال على ذلك؛ شركة هينكن (شركة هولندية لصناعة الجعة) كانت أرباحُها الأخيرة في قارة إفريقيا واعدةً أكثر من أيِّ مكان في العالم.
"في إفريقيا، الثمار سهلة القطف تكاد تكون بحجم بطيخة":
هذا ما قاله الرئيس السابق لمجموعة (Dow Africa) ستيفان باكيور في وصفه لحجم الفرص الاستثمارية في هذه القارة، وعلى الرغم من الإمكانات والفرص الكامنة في هذه القارة؛ فإنَّ لدى الأمريكيين والأوروبيين تصوُّرًا سلبيًّا عن إفريقيا؛ والذي يتأثر بعوامل مثل وسائل الإعلام. وهو ما يجب التخلُّص منه إذا أراد الغربيون جنيَ الفوائد التي يمكن أن توفرها لهم إفريقيا.
في إفريقيا، أحد أهم عوامل نجاح الشركات هو السرعة؛ وهو ما يظهر بوصفه مشكلةً لدى الشركات الغربية -تحديدًا- والتي يكون مقرُّها غالبًا في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا وتدير قراراتها من هناك؛ الأمر الذي يبطئ ويقلل من قدرة هذه الشركات على التصرف بسرعة.
في حين أنَّ الشركات في البلدان النامية تميل إلى أن تتصرَّف بسرعة لأنَّها تُعِدُّ إفريقيا أقلَّ خطورة استثمارية ممَّا تُعدُّه الدول الغربية.
إضافة إلى ذلك؛ فإنَّ الشركات الغربية في استثماراتها في إفريقيا تعتمد إستراتيجيةً واحدةً لكلِّ إفريقيا، وهو ما يمكن عدُّه "وصفة للفشل". إنَّ قارة إفريقيا قارةٌ هائلة أكبر من الصين وأوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية والهند والأرجنتين مجتمعة، ومع ذلك؛ فإنَّ الشركات الغربية لا تعتمد الإستراتيجيةَ نفسها لهذه الأسواق جميعها؛ فلماذا تفعل ذلك في إفريقيا؟!
ومن ثمَّ؛ كيف ينبغي للشركات الغربية ممارسة أعمال تجارية في إفريقيا؟
كثيرًا ما تواجه الشركات هذه المعضلة، والتي تنتهي برسم خط عبر الصحراء الكبرى والتفكير من أين تبدأ؟
غالبًا ما تكون الإجابة الأنموذجية هي جنوب إفريقيا بسبب تشابهها مع أوروبا والولايات المتحدة، لكن على الرغم من كونها مكانًا رائعًا لقضاء عطلة؛ فليس من المنطق الاستثمار هناك فقط.
ماذا عن نيجيريا؟
عندما تمارس الشركات الكبرى أعمالًا تجارية في إفريقيا؛ فإنَّه من الصعب تجنُّب دولة مثل نيجيريا، والتي من المرجح أن تصبح أكبرُ الأسواق الإفريقية لعديدٍ من الشركات.
ومع ذلك، هناك بعض الأسواق الصاعدة الأخرى التي لديها كثيرٌ من الإمكانات وسوف توفر فرصًا كبيرة في غضون بضع سنوات؛ مثل أثيوبيا وأنغولا التي تُعدُّ -حاليًّا- بلدًا مهمًّا لشركات النفط
الدول الإفريقية من أسرع الدول في النمو السكاني:
لم يعُد قطاع النفط الذي يفكر فيه أغلبُ الناس -عند الحديث عن الاستثمار في إفريقيا- هو القطاع الأهم؛ ففي ظلِّ النمو المتزايد في الطبقة الوسطى؛ باتت القطاعات التي توجِّه خدماتها للزبائن كالصناعات الاستهلاكية ذات أهمية أيضًا، وأصبح بإمكان الشركات التكنولوجية أن تترك بصمتَها أيضًا بالنظر إلى أنَّ 80% من مدفوعات الهاتف المحمول في أنحاء العالم تكون في هذه القارة.
لكن مع توافر هكذا فرص؛ هناك عدد من التحديات التي تواجه الشركات في سعيها إلى استغلال هذه الفرص في إفريقيا؛ منها غياب الاستقرار السياسي، وانتشار الفساد على نطاق واسع، والبيروقراطية الإدارية، والبنية التحتية المتأخرة (فبعض الأماكن لا يوجد فيها كهرباء على مدار الساعة)، والاختناقات المرورية كذلك؛ إذ باتت أكثر انتشارًا.
35 دولة إفريقية أقل فسادًا من روسيا:
في تصنيف "سهولة ممارسة الأعمال التجارية" تأتي 14 دولة إفريقية قبل روسيا، وفي مؤشرات الفساد هناك 35 دولة إفريقية أقل فسادًا من روسيا. ومع ذلك؛ فإنَّ عددًا قليلًا جدًّا من الشركات المتعددة الجنسيات ستفكر مرتين قبل الاستثمار في روسيا لكنَّها تفعل ذلك مع إفريقيا!
ما يمكن أن تفعله القارة لنفسها:
من أجل خلق فرص العمل والاستفادة منها؛ عليها الاستمرار في الاستثمار بالبنية التحتية، فعلى الرغم من أنَّ البنية التحتية متخلفة؛ لكن مستويات الاستثمار تسير على الطريق الصحيح.
تحتاج العديد من البلدان الإفريقية أيضًا إلى التركيز على إنشاء مزيدٍ من الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم من أجل توفير مزيدٍ من فرص العمل، ولفعل ذلك؛ يجب تغيير النظم التعليمية الموجَّهة حاليًّا نحو إنشاء موظفين إداريين، إذ يجب أن يكون التعليم أكثر توجُّهًا نحو المهارات المهنية وغرس قيم ريادة الأعمال.
في الختام، ممارسةُ الأعمال التجارية في إفريقيا مختلفٌ تمامًا عن فعل ذلك في مكان آخر، فإذا أتيت بمنظور أوروبي أو أمريكي؛ فربما لن تنجح، ولكن إذا كنت تستطيع التكيُّف؛ فإنَّ الفرص كثيرة.
المصدر: هنا