رهاب النخاريب (الثقوب الصغيرة) Trypophobia
علم النفس >>>> القاعدة المعرفية
تصف إحدى الدراسات المَرَضية طفلةً في الثانية عشرة من العمر تعاني هذه الأعراض، بالإضافة إلى اضطراب القلق العام. تَصِف المريضة شعورها بالاشمئزاز والخوف، وتبتعد عن الأطعمة التي يحرّض شكلُها أو ملمسُها أو قوامُها ردّةَ فعلٍ رُهابية، ما يُشير إلى أن الرُّهاب لا يقتصِر على المحفّزات البصرية فحسب؛ بل على الحواس الأخرى أيضاً. تألّف علاج المريضة من جزئين: جرعةُ دوائيةُ يوميةُ مع زيادتها تدريجياً، والجزءُ الثاني من العلاج شَغَله العلاج السلوكي المعرفي؛ وهو علاجٌ نفسيٌّ يُستخدم عامّةً لعلاج مختلف أنواع الرُّهاب. بعد تسعة أسابيع من العلاج غابت نصف الأعراض المَرَضية لدى المريضة واختفى شعور الخوف، على الرغم من بقاء شعور القَرف.
بدأ العلماء حديثاً إيلاء الاهتمام لهذا الرُّهاب و معاينته عن كثب، و في هذه المرحلة المبكرة من البحوثات بدأت تطرأ نظرياتٌ متعدّدةٌ لتفسير رُهاب النخاريب، يتصدّرها نظريّتان، كِلاهُما من منشأٍ تطوّري. الأولى حَلّلَ فيها الباحثان جيف كول Geoff Cole و أرنولد ويلكينز Arnold Wilkins عيّنةً من الصور المحرِّضة لرهاب النخاريب، ولاحظوا أنها ذات تردُّدٍ فراغيٍّ متوسّطٍ أو مُرتَفع، و استطاعوا ربط هذا الاكتشاف بنظرية التطور؛ إذ قال أحد المرضى أن سبب خوفه يعود لرؤيته حيواناً سامّاً ذا جلدٍ مخيف، كان هذا الحيوان الأخطبوط ذا الحلقات الزرقاء، وهو بالفعل أحد أكثر الحيوانات سمّيّة. بمساعدة هذا المفتاح حلَّل العالمان صور الحيوانات السامّة، واكتشفوا أنها أيضاً ذات تواترٍ فراغيٍّ متوسّطٍ أو مرتفع، فاستطاعوا ربط رُهاب النخاريب بخوفنا من الحيوانات السامّة. تُشير هذه النتائج إلى وجود جزءٍ من دماغنا يحسَب نفسه ناظراً إلى حيوانٍ سامٍّ عند تعرّضه لصورٍ ذات تردُّدٍ فراغيٍّ متوسّطٍ أو مرتفع.
تعود النظرية الثانية لرغبتنا ككائناتٍ بشريةٍ تجنُّبَ الأمراض الجلدية. وقد قاد الباحثان يامادا Yamada و ساساكي Sasaki دراسةً استطاعا من خلالها ربط تواجد رهاب النخاريب عند البعض مع سوابق الأمراض الجلدية لديهم، وكانت نسبة المشاعر السلبية مرتفعةً لدى من أُصيب في الماضي بأمراضٍ جلديةٍ مقارنةً مع سائر الخاضعين للدراسة.
مثل ما أسلفنا، بدأت الدراسات حديثاً معاينةَ رهاب النخاريب، وما زال هناك الكثير من الأسئلة الواجب النظر إليها، منها مثلاً سببُ اختلاف ردَّة الفعل بين شخصٍ وآخر، فالبعض يختبر الخوف والبعض الآخر الاشمئزاز، وثمّة من يختبر الشعورين معاً. ويجب النظر إلى احتمالية ملائمة العلاج وفقاً لردّة الفعل، أي أننا لا ندري بعد ما إن كنّا نستطيع منح العلاج ذاته لِمَن يُبدي ردّات فعلٍ مختلفة.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا