زرع الرئتين
الطب >>>> زراعة الأعضاء
ثم تبعها زراعة الأعضاء الصدرية عند الحيوانات من قِبَل العالم ديماكوف الذي زرع كلًّا من القلب والرئتين لكلب، وأعلن عن أوَّل نجاح لعملية كهذه عام 1946.
وأخيرًا،أجرى الدكتور جيمس هاردي أوَّل محاولة زرع رئة عند الإنسان عام 1963، ولكن تُوفي المريض بعد 18 يومًا.
وبعد ذلك أُكتشِفَت أدوية السيكلوسبورينات، إضافة إلى تطوير التقنيات الجراحية، فحقق النجاح في هذا المجال بواسطة فريق تورونتو لزراعة الرئة بقيادة جويل كوبر.
ونجحت بعدها أول عملية زرع رئة وقلب بتحقيق بقيا الطويلة الأمد عام 1981 على يد الطبيب بروس رايتز من جامعة ستانفورد، وتلاها أول عملية ناجحة لزرع رئة وحيدة عام 1983 على يد فريق تورنتو ذاته؛ إذ حققت بقيا 7 أعوام للمريض.
وحتى يومنا هذا أُجريت أكثر من 51000 عملية زرع رئة في العالم.
لننتقل الآن إلى الجانب العلمي من مقالنا..
زرع الرئة عملية جراحية لاستبدال رئة سليمة بِالرئة المريضة، وغالبًا ما تكون الرئة السليمة أُخِذَت من متبرعٍ متوفٍ.
ويُقدَم هذا الإجراء للمرضى الذين جربوا سابقًا الأدوية والعلاجات الأخرى، ولكن حالتهم لم تتحسن على نحو كافٍ.
ما الحالات التي تستدعي هذا الإجراء؟
يوصى بهذا الإجراء في حال:
1-شخص لديه مرض رئوي متقدم غير مُستجيب إلى العلاجات الأخرى.
2- عدمُ تجاوزِ تقديرِ بقاء شخصٍ ما على قيد الحياة - في حال عدم إجراء الزرع له- من سنتين إلى ثلاث سنوات.
وتتضمن الحالات التي يمكن معالجتها بزرع الرئة ما يأتي:
1-المرض الرئوي الانسدادي المزمن (chronic obstructive pulmonary disease (COPD: مصطلح عام لحالات عديدة تؤذي الرئتين، وغالبًا تكون ناتجة عن التدخين.
2- التليف الكيسيّ cystic fibrosis: حالة وراثية تسبب انسداد السبل التنفسية في الرئتين، وأقنية الجهاز الهضمي بمادة مخاطية سميكة ولزجة.
3- فرط ضغط الدم الرئوي pulmonary hypertension: ارتفاع ضغط الدم في الأوعية التي تحمل الدم من القلب إلى الرئتين.
4-التليف الرئويّ المجهول السبب idiopathic pulmonary fibrosis: أيّ، تندب الرئتين.
ما أنماط الزرع؟
هناك ثلاثة أنماط رئيسة لزرع الرئة:
1-زرع رئة وحيدة (الزرع المفرد): يستخدم هذا النمط غالبًا لعلاج التليف الرئوي، لكنه غير متاح للأشخاص المصابين بالتليف الكيسي؛ لأن المرض سينتقلُ من الرئة التي لم تُستبدَل إلى الرئة المزروعة.
2-زرع رئتين معًا (الزرع المزدوج): هو العلاج الرئيس للمرضى المصابين بالتليف الكيسي، أو الانسداد الرئوي المزمن COPD.
3-زرع الرئتين مع القلب: يُوصَّى به للأشخاص المصابين بفرط ضغط الدم الرئوي الشديد.
إنّ الحاجة لعمليات زرع الرئة يتجاوز الرئات المتوفرة، وبناءً على ذلك لا يُزرَع إلا إذا كانت فرصة نجاح العملية عالية.
فمثلًا لا تُزرَع لمريض سرطان الرئة؛ لأن السرطان يمكن أن يعود ليصيب الرئة المزروعة.
ما الفحوصات التي تُجرَى قبل عملية الزرع؟
1-اختبارات الوظيفة الرئوية.
2-اختبار الإجهاد القلبي.
3-قثطرة الشرايين الإكليلية.
4-اختبار الكثافة المعدنية للعظام.
5-إجراء تصوير مقطعي محوسب (الطبقي المحوري) للصدر.
6-تصوير الصدر بالأشعة السينية.
7-اختبارات الدم لوظيفة الكلية والكبد، إضافة إلى التعداد الدموي الشامل.
8-زمرة الدم والأجسام المضادة الموجودة فيه؛ لإجراء اختبارات التطابق مع المتبرعين المحتملين.
ما المعايير التي يُعتَمَد عليها لمعرفة مدى التطابق بين الشخص المتبرع والشَّخص المتلقي؟
1-زمرة الدم.
2-حجم العضو مقارنة مع تجويف الصدر.
3-المسافة الجغرافية بين المانح والمتلقي.
4-شدة الضرر المُلحَق برئة المتلقي.
5-الصحة العامة للمتلقي.
6-احتمالية نجاح الزرع.
كيف تُجرى عملية الزرع؟
كما ذكرنا سابقًا، إنّ قرار إجراء زرع فردي أو مزدوج يعتمد على نحو رئيس على نوع المرض.
•عندما يتضمن المرض حدوث الإنتانات، مثل: مرض التليف الكيسي، تُستبدَل كلتا الرئتين؛ وذلك لأن أدوية تثبيط المناعة - والتي هي ضرورية لجميع مرضى الزرع- تزيد من خطر العدوى.
في حين إذا تضررت الرئتان دون وجود عدوى، فيمكن إبقاء إحداهما واستبدال الأخرى، والرئة المتضررة بأسلوب أكبر هي التي تستبدل ويُحدد ذلك بواسطة اختبار معين يُظهِر تدفق الدم إلى المناطق المختلفة من الرئتين، وبالتالي المناطق التي تظهر التدفق الأقل تكون هي المتضررة أكثر.
•في أثناء العملية يكون المريض تحت التخدير العام، ويجري الجرّاح شقًا في الصدر:
في حالة الزرع لرئة وحيدة يكون الشق على جهة اليمين أو اليسار؛ وذلك بحسب مكان الرئة التي ستستبدل.
أما الزرع المزدوج يتطلب إحداث شق معترض على كامل الصدر أسفل منطقة الثدي، والرئة الأفقر وظيفيًّا هي التي تستبدل أولًا.
•يجب أن تزرع الرئة في ست ساعات بعد أخذها من المتبرع، وفي هذه الفترة تحفظ مبردة.
•بعد إزالة الرئة المصابة ووضع السليمة مكانها، يوصل الجراح كلًّا من الشريان الرئوي، والوريد الرئوي ، والقصبة الرئيسية من الرئة المزروعة مع أوعية المريض وسبُله الهوائية.
• قد تأخذ عملية الزرع من 4 إلى 8 ساعات، وذلك اعتمادًا على نمط الزرع (رئة واحدة/ رئتان)، أو في حال حدوث أي مضاعفات.
لننتقل الآن إلى مرحلة ما بعد الزرع:
يختلف الوقت اللازم للتعافي من شخص إلى آخر، فقد يصل إلى أسبوعين أو أكثر، وتتسم الفترة التالية للعملية بوجود متطلبات عديدة؛ هدفها ضمان نجاح العملية على المدى الطويل، ويتضمن ذلك:
1- جلسات معالجة فيزيائية منتظمة، وتمارين لإعادة التأهيل.
2- جلسات لتعليم المريض الخطة الدوائية الجديدة التي ستستمر مدى الحياة.
3- زيارات متكررة للطبيب.
4- عملُ إجراءات منتظمة كاختبارِ وظيفة الرئة، وتصوير الصدرِ بالأشعة السينية، وفُحوص الدم، وتنظير القصبات.
المخاطر الرئيسة لعملية الزرع:
1-خطر الرفض:
الجهاز المناعي سيحاول مهاجمة الرئة الجديدة ورفضها، و يكون هذا الخطر في أعلى درجاته بعد العملية مباشرةً، ويتناقص مع الوقت، لذلك تُعطى الأدوية الكابحة للمناعة.
ولكن لهذه الأدوية بعض الآثار الجانبية كزيادةِ الوزن، وشعرانية الوجه، والمشكلات الإنتانية. وبعضها قد يزيد خطر حدوث حالات جديدة، أو يفاقم حالات موجودة كالسكري، والقصور الكلوي، وهشاشة العظام، والسرطان، وارتفاع ضغط الدم.
2-خطر الإنتان:
نتيجة لاستخدام الأدوية الكابحة للمناعة سيصبحُ الجسم أكثر حساسية للإصابة بالإنتانات (ولاسيما في الرئتين)، ولذلك يوصي الأطباء بما يأتي:
-غسل الأيدي بانتظام.
-تنظيف الأسنان واللثة بطريقة منتظمة.
-حماية الجلد من الخدوش، والتقرحات.
-تجنب الازدحام والمرضى.
-تلقي لقاحات خاصة.
نتائج عملية الزرع:
قد يحسن زرع الرئة من نوعية الحياة جذريًّا، ولكن العام الأول بعد الزرع هو الفترة الأكثر حساسية؛ بسبب وجود مخاطر الرفض والإنتان على نحوٍ كبير.
وعلى الرغم من بقاء بعض الأشخاص على قيد الحياة مدة 10 سنين أو أكثر بعد عملية الزرع، ولكن حوالي نصف مَن خضعوا لهذه العملية توفوا بعد 5 أعوام.
المصادر:
1-هنا
2-هنا
3-هنا
4-هنا
5-هنا
6- هنا