تناول التوابل قد يؤدي إلى الصمم..
الغذاء والتغذية >>>> منوعات غذائية
أقام مطعمٌ في أندونوسيا تحدّيًا لتجربة أطباقٍ كثيرةِ التوابل على نحو هائلٍ، فعانى أحد المشاركين في التحدّي من صممٍ مؤقتٍ لمدّة دقيقتين بعد تناوله ما أُطلِق عليه "نودلز الموت death noodles". ويعرض فيديو صُوِّر له خلال تناوله للمعكرونة مع رفاقه وجوههم تحمرّ وأعينهم تدمع وعلى حد تعبيره فإن الألم امتد إلى أذنيه وكان شديدًا لدرجة تسبب بإغلاقهما.
لكن كيف يمكن للفلفل الحار أن يتسبب بصمم من يتناوله -ولو حتى على نحو مؤقت-؟
في الحقيقة لا توجد إجابة طبية دقيقة، لكن قد يكون للأمر علاقة بالاتصالات المعقدة بين الفم والحلق والأذن.
تدعى المادة التي تعطي الفلفل الحار طعمه الحار بالكابسيسين capsaicin ، وقد تطورت لتحمي النباتات من الفطور. تُهيِّج هذه المادة الخلايا البشرية وخاصة الأغشية المخاطية للفم والحلق والمعدة والعينين، إذ تُسبِّب كميّةٌ قليلةٌ منها إحساسًا حارقًا بمجرّد ملامسة المادة المخرّشة لمستقبلات الألم في الأغشية، وبزيادة تركيز هذه المادة فإن الجسم يعلن حالة الطوارئ في محاولة منه لحماية نفسه فيفرز مخطاطًا ودموعًا محاولًا تشكيل حاجزٍ بينه وبينه مادة الكابسيسين. وينتج الإندورفينات endorphins ليثبّط نقل الإحساس بالألم الذي قد يسبب إحساسًا بالخدر (التنميل) في الفم. وبحسب الدكتور Michael Goldrich فإنّ هذا الخدر في الأغشية يفسّر استخدام الكابسيسين أحيانًا لتخفيف الألم المزمن؛ إذ تزيد كريمات الكابسيسين الإحساس بالألم والحرق في البداية، لكنّها سرعان ما تثبّط الأعصاب الناقلة لحس الألم.
وبحسب الخبير في الفلفل الحار Paul Bosland فإنّ تناول كميات كبيرة من الكابسيسين يمكن أن يؤدي لتشكل فقاعات في الفم أو الحلق، وهذه الفقاعات هي عبارة عن محاولة الفم للتضحية بالطبقة السطحية من الخلايا من أجل حماية الطبقات الأعمق بفقاعة قيحية وقائية.
لكن ما علاقة كل ما سبق بالصمم المؤقت؟
هناك سببان لتعرض الشخص لفقدان السمع بعد تناوله للأطعمة الكثيرة التوابل: يتصل الحلق بالأذن عبر قناةٍ تدعى نفير أوستاش Eustachian tubes تساعد على معادلة الضغط في الأذن الداخلية، فعندما يبدأ الأنف بإفراز كميّةٍ كبيرةٍ من المخاط -كما يحدث عند تذوقك لطعامٍ كثير التوابل- فإن ذلك يسبب انسداد نفير أوستاش، فيعتقد الشخص أنّه قد فقد السمع، وهي الظاهرة نفسها التي تسبب تغيّر صوت من حولك عندما تصاب بالزكام الشديد.
ويفترض احتمال آخر أن نقص السمع ينتج عن فرط تنبيه العصب القحفي الخامس (مثلث التواءم) trigeminal nerve؛ إذ يُعَدُّ هذا العصب مسؤولًا عن تزويد الإحساس والحركة للتحكم بالفم والوجه، ويرتبط بالعصب القوقعي cochlear nerve المسؤول عن نقل المعلومات السمعية؛ إذ يفقد المصابون بالشقيقة سمعهم فقدانًا مؤقتًا أيضًا نتيجة فرط تنبيه العصب الخامس الأمر الذي يغيّر نفوذيّة الأوعية الدموية التي تغذي العصب القوقعي؛ إذ عانى المشارك بتحدّي الطعام كثير التوابل Sumadiwiria من أمرٍ مماثلٍ لذلك عند تناوله للفلفل الحار. وعندما يزول التنبيه يزول معه فقدان السمع، لكنّ بعض التغييرات في الجريان الدموي قد تسبب أذيّاتٍ دائمةٍ للعصب القوقعي، فإذا لم يزول فقدان السمع سريعًا بعد زوال التنبيه -بغض النظر عن نوع المنبه(دواء أو طعام أو غيره)- فمن الأفضل أن ترى طبيبًا بأسرع ما يمكن.
وبغض النظر عن تجرِبة Sumadiwiria فإن مادة الكابسيسين تحمي السمع أكثر من كونها تؤذيه، إذ تقترح دراسات قديمة أن الكابسيسين المعطى بالتزامن مع العلاج الكيميائي للسرطان قد يقي الأذن من فقدان السمع. ومن غير المعروف حتى الآن سبب امتلاك هذه المادة لهذا التأثير، لكن الدراسات جاريةٌ لفهم الموضوع.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا
هنا