بعدسة علم النفس - الإيثار
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
الإيثار باختصار؛ هو عندما يُفضِّل الفرد مصلحةَ الآخرين ورفاهيتهم على مصلحته ورفاهيته الشخصيّة، وإن كانت تكلفة هذا التفضيل حياةَ الفرد من أجل حياة الآخرين. (1)
قد يبدو هذا السلوك غريباً أو مستهجناً، وقد يصفه البعض بالجنون، خاصةً أنه من المفترض -بحسب الأدلة التطورية- أن الإنسان يسير وفق جينةٍ أنانية، ويسعى دائماََ إلى تمرير جيناته عبر أجيالٍ وأجيال، ولكنَّ الإيثار يعمل هنا عكس هذه الآلية.
وهذا ما دعا العلم إلى أن يبحث أكثر في هذا السلوك الإيجابيّ المحير الموجود لدى البشر، فالأب مثلاً عندما يُضحي بحياته من أجل أبنائه فهذا إيثارٌ معللٌ جينياً، كذلك فالشخص الذي يضحي بإعطاء كليته ليعيش شخصٌ آخر فهذا إيثار منفعة. (2)
ولكن عن أي إيثار نتحدث هنا؟ نتحدث عما يسمى بالإيثار النقي أو الحقيقيّ أو المحايد، الذي نجد فيه الفرد يُضحي بحياته من أجل آخر، لا تربطه به صلة قرابةٍ أو منفعة أو مادة أو مصلحةٍ مستقبلية، نتحدث عن سلوكٍ يمارسه الفرد لتعزيز رفاهية الآخرين على حساب رفاهيته.
وهذا ما دفع علماء الأحياء التطوريين وعلماء النفس إلى البحث أكثر وتقديم إجابةٍ تُفسر هذا النوع من السلوك.
لقد أجريت دراساتٌ ومقابلات معمّقة من قبل الباحثين مع أشخاصٍ صنعوا أفعالاً إيثارية عكست التضحية بحياتهم لأجل الآخرين. وخلُصت هذه الدراسات والمقابلات إلى أن دافع هؤلاء الأشخاص لفعل مثل هذه التصرفات هو منظورهم للإيثار؛ أي نظرتهم إلى العالم الذين يحيون فيه. فهؤلاء المؤثرون يرون جميع من حولهم أشخاصاً تربطهم بهم صلةٌ قوية ومشتركة، وهي الإنسانية. (3)
وأظهرت بعض الدراسات التي استندت إلى الأدلة العصبية الدماغية، ملاحظتَها وجود الإيثار الحقيقيّ لدى البالغين بنسبٍ أكبر مما لدى الصغار. (4)
وفي بحثٍ نشرته مؤخراً عالمة النفس التربويّ "كيندرا شيري" خلُصت فيه إلى أن الأسباب الكامنة وراء أنواع الإيثار المختلفة باتت معروفةً باستثناء ذلك الإيثار النقيّ أو الحقيقي لدى البشر.
ذلك أنَّ السبب الكامن وراءه لا يزال محل البحث (2)، وأياً كانت الأسباب وراء ذلك فإن عالمنا سيكون أكثر حزناً وألماً دون وجود الإيثار.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا