الصابون يقتل الفيروسات، حقيقةٌ أم خيال؟
الكيمياء والصيدلة >>>> كيمياء
النظافة أو كما سمَّاها الإغريق "فنُّ الصحَّة" كانت وما زالت وقايةً لنا من أمراضٍ كثيرة؛ لذلك وحفاظًا على صحَّة الإنسان وسلامته ظهر الصابونُ بأشكاله كافة؛ إذ يعود الفضلُ الأوَّل لصناعة الصابون إلى البابليين قبل 5000 سنة تقريبًا.لذا؛ تعالوا معنا لنتعرَّف أكثر إلى تركيبة الصابون وآلية عمله.
يعدُّ الصابون مادةً منظِّفةً تتركَّب من واحدٍ أو أكثر من أملاح الأحماض الدسمة، وعليه فإنَّ كل جزيء صابون يحوي نهايةً أيونية محبَّة للماء ومنحلَّة فيه، وسلسلة هيدروكربونية لا قطبية كارهة للماء يمكن لها الارتباط بالمواد اللاقطبية؛ مثل: الزيوت والشحوم.
وتعمل هذه الجزيئات بصفتها جسورًا واصلة بين الزيت والماء، فتحطِّم الزيت مُشَكِّلة مستحلبًا يتألف من قطيرات زيت معلَّقة في الماء، وتدعى المواد التي تحتوي على جزيئات كهذه "العوامل الفعَّالة على السطح (Surfactants)"، ومهمتها تقليل التوتر السطحي للماء (surface tension)، والتوتر السطحي بين الماء والزيت (interfacial tension). (3)
فهل تساءلتم يومًا عن كيفية إزالة الصابون للأوساخ، وما هي آلية عمله؟
يعمل الصابون على السطح الفاصل بين الزيت والماء، فتُغيِّر العواملُ الفعَّالة على السطح سلوكَ الماء؛ إذ يقلُّ التوتر السطحي كما ذكرنا، فيصبح الماء قادرًا على الانتشار وتبليل السطح المراد تنظيفه.
وبما أنَّ جزيء الصابون (العوامل الفعَّالة على السطح عمومًا) يتكون من:
1- جزء قطبي "محب للماء ( Hydrophilic)".
2- جزء غير قطبي "كاره للماء (Hydrophobic)".
فتنجذب إحدى نهاياته إلى الماء، في حين تنجذب الأخرى إلى الزيوت والشحوم وتبقى بعيدة عن الماء.
وتنتظم على شكل كروي تتوجَّه فيه النهايات المحبَّة للماء إلى الخارج وتبقى النهايات الكارهة للماء محميةً في الداخل، ويُدعى هذا الشكل الكروي للعوامل الفعَّالة على السطح بـ"المُذيلة (micelle)".
وتأتي أهميتها من كونها تحتجز الأوساخ في داخلها، فانجذاب الأوساخ إلى الجزء الكاره للماء داخل المُذيلات يجعل سطح الأخيرة خاليًا منها؛ معلَّقة في القسم المائي.
وهكذا أصبحت الأوساخُ محجوزةً في المُذيلة المعلقة في الماء بدورها؛ ما يعني أنَّ غسل الأوساخ أصبح أسهل الآن؛ وكما نعلم أنَّ الجزء الخارجي للمذيلة محب للماء؛ فعندما نشطف أيدينا بالماء تسبح المُذيلة معه لتبقى أيدينا نظيفة السطح (1).
وهكذا فإنَّ للعوامل الفعَّالة على السطح معظم القوة التنظيفية للمُنتَج، وتبقى المكونات الأخرى مهمةً بالطبع؛ فهي تساعد العامل الفعَّال على السطح في العمل على الأنواع المختلفة من الأوساخ (4).
إذًا، ماذا عن الجراثيم؟
نحن نعلمُ بالتأكيد أنَّ الجراثيم تملأ أيدينا، والجديد الذي قد لا نعرفه يكمنُ في تنوُّع أطياف المستعمرات الجرثومية التي قد نجدها على أيدٍ تبدو نظيفة ظاهريًّا.
فعلى سبيل المثال: من الطبيعي أن تحتوي أيدينا على الجراثيم العنقودية (Staph. Germs)؛ إذ إنَّ قرابة 25- 30% من الأشخاص تكون أيديهم "مُستعمَرة" بهذه الجراثيم دون أية آثار ضارَّة إلَّا إذا دخلت عن طريق الجلد (2).
وحسب بعض الإحصائيات فإنَّ ما يقارب نصف منتجات الصابون المتوافرة في الأسواق تحوي مادةً مضادةً للجراثيم، يكون المكوِّن الفعَّال في معظمها مادةً كيميائية تُسمى :التريكلوسان (triclosan) وكنا قد تحدثنا عنها سابقًا، ويمكنكم قراءتها من هنا.
وماذا عن الفيروسات؟ فأيدينا تكون في الحقيقة عرضةً للجراثيم أكثر من الفيروسات، ومع هذا قد يوجد بعضها، ويعدُّ غسل الأيدي عنصرًا مهمًّا في قوائم الوقاية من بعض الفيروسات كالرشح، وقد زاد التأكيد عليه بالفعل في فترة انتشار إنفلونزا الطيور (2).
ويمكنكم معرفة آلية عمل الصابون على فيروس COVID-19 من هنا
وفي النهاية -أصدقائي- وكما يقولون: درهم وقاية خير من قنطار علاج.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا