هالعيد .. لأنك بتحبها خليك بعيد
الطب >>>> فيروس كورونا COVID-19
إنّه يرتقي ليكون سؤالًا وجوديًّا اليوم.. لكن قبل أن تختار نقطة البداية ما رأيك أن تُنزِلَ يدَك المستكشِفة عن وجهك؟! إنّني أؤكّد لك أنّه ما زال وجهَك ولم يتغير مكانُ خدِّك فيه أبدًا..
أُحِسُّ أنّك ستختار المطبخ لأنّه -أيًّا كان وضعه- سيبقى أهونَ من غرفتك.. يمكنك البدء بالرفوف من الأعلى.. إنزال كلِّ ما عليها وتنظيفه ثم تنظيفها بهمّة عالية.. يمكنك استحضار تلك الروح المتّقدة في أسطورة الخلق البابلية "حينما في العلا" كي تعينك على الصمود وأنت تمسح أعالي الرفوف وسقف المطبخ..
انظر إلى درع المحاربين "المريول المزركش" وطوّق به خصرك دون أن تقطّع سماعات الموسيقا.. تقدَّمْ بعظمةِ "أخيل" على أبواب طروادة.. هنا وأمام "الميدان-المجلى" تنجلي حقائق حبّك.. هنا تستطيع أن تمارس طقسك "المحبب" إلى قلبك؛ "الجلي" أو "تنظيف الآنية"؛ في هذا الجو الربيعي الآسر.. هنا قد تستثمر طولك كله على النحو الأمثل..
لا تقف عند حدود المطبخ.. غنِّ مع طاغور "آه يا روحي.. لا تطمحي إلى الخلود.. بل استنفدي حدود الممكن".. في غرفتك التي تمثل نسخةً بائسةً مشوَّهة عن الفن السوريالي.. عليك أن تخرج قليلًا من التوهم أنّك سلفادور دالي وتُزيحَ غياهب الأمازون من محيط سريرك..
ثلاث كلماتٍ مقدّسة تفوق ثلاثية الزرادشتية سترنُّ في أذنيك وأنت تقف على باب غرفتك: "نَظِّــفْ، رَتِّــبْ، عَـقِّــمْ".. أتسمعُ صداها؟!
دعِ القاتلَ المتسلسلَ "كورونا المستجدّ" يسمع صداها المهيب وينأى بعيدًا عن أعزّ الناس إليك.. إنّه ينتمي إلى تلك الطبيعةِ التي "تحبُّ أن تتخفّى" كما يراها هيراقليطس.. يجوب السيد كورونا العالم متسلّلًا ويحصد الأرواحَ والفرح مجسّدًا صورة الإله الأفريقي المخادع "إدشو" الذي فرّق بين الصديق وصديقه في أساطير قبائل اليوروبا، ثم وقف يقول: "سعادتي الكبرى تكمن في توسع النزاع"..
في هذه الأوقات الحساسة تُعدُّ أعمال التنظيف المنزلية هديّةً رائعةً جدًّا يمكنُ أن يقدمها الناس لأمهاتهم أو الرجال لزوجاتهم الأمهات مع اقتراب يوم عيد الأم.. وأنا على ثقةٍ بأنَّ كلًّا منكم سيشكرني على اقتراحي هذا الذي يخفف من عبء ساعات الجلوس الطويلة في المنزل ويسكب أمواه السعادة النقية في قلوب الأمهات..
كورونا يجوب العالم.. وأنتم يمكنكم إيقاف رحلته وإعادته من حيث أتى.. فإذا كانت إحدى علامات الحب قبلًا "التضايق في المكان الواسع" -كما يذكر ابن حزم الأندلسي- فإنَّ التباعد اليوم هو أسمى علامات الحب..
في هذا العيد الذي قد يجتمع فيه كثيرٌ من الناس؛ لا تصافحوا ولا تعطسوا في وجه أحد.. تجنّبوا العناق والقُبَل.. حافظوا على مسافة آمنةٍ بينكم وبين من تحبّون.. وإن كنتم مرضى أو تقيمون في منطقة مصابة فإنّنا نرجوكم بحق جهدكم المنشود في تنظيف المنزل أن تلزَموا بيوتكم وتتبعوا كل طرائق الوقاية والنظافة.. فإنَّ السيد الخفيّ كورونا المستجدّ لا يزال يجوب العالم..
يتبع..